Skip to main content

الاحتلال يصعد والمقاومة تدعو للتعبئة.. هل يتحول الأمر لمواجهة شاملة؟

الخميس 14 أبريل 2022

تلوح نذر مواجهة شاملة في أفق الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يرجّح تصعيد إسرائيلي يوصف بالخطر احتمال وقوعها؛ وفيه اقتحام مدن وبلدات في الضفة الغربية، مع تشديد الحصار عليها وتقطيع أوصالها، حيث يستشهد فلسطينيون ويعتقل العشرات.

ويُعد مخيم جنين في قلب المواجهة، ففيه تتحصن فصائل المقاومة وسط انحسار لنفوذ السلطة الفلسطينية. وبعدما فشل الاجتياح الإسرائيلي الأول للمخيم في اجتثاث المقاومة قبل 20 عامًا، تريد قوات الاحتلال معاودة الكرة، ويهدّد وزير الأمن الداخلي بشن حملة عسكرية واسعة في جنين ومناطق أخرى.

بدورها، تعلن الفصائل أنها بالمرصاد لهذه الحملة، فتزداد مخاطر المواجهة المفتوحة. ويزيد من تلك المخاطر ارتفاع منسوب التوتر في القدس، حيث يتكرر اقتحام المسجد الأقصى، وسط حماية من قوات الاحتلال. 

ويحذر مصدر في المقاومة الفلسطينية من أن "المستوطنين يلعبون بالنار". فبينما يخططون لذبح قرابين يوم الجمعة المقبل في المسجد الأقصى، تعد فصائل المقاومة هذا التصعيد في القدس تجاوزًا للخطوط الحمراء، وتحمّل الحكومة الإسرائيلية مسؤوليته. 

الخروج من عنق الزجاجة

ويُعتقد أن حكومة نفتالي بينيت تسير في اتجاه الدفع نحو تجاوز تلك الخطوط الحمراء وإشعال الأوضاع، بهدف خلط الأوراق والخروج من عنق زجاجة الأزمات السياسية.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو قد فعلها في رمضان الماضي، عندما أطلق شرارة الحرب على غزة فأحرقته؛ فقد منصبه وظل ملاحقًا قضائيًا. 

أما بينيت الذي فقد أغلبيته النيابية، فهو متهم بالفشل في التعامل مع موجة العمليات الأخيرة التي اجتاحت مدنًا داخل الخط الأخضر، ويتربص به نتنياهو الذي يدعو إلى إقالة حكومته التي يصفها بأنها ضعيفة، لذا فهو قد يرى في التصعيد طوق نجاة مما يحيط به من مصاعب.

من ناحيتها، تداعت فصائل المقاومة في غزة للاجتماع، وبحثت سبل الرد على ما تصفه بالعدوان، ودعت إلى تعبئة شعبية عامة دفاعًا عن الأقصى وجنين.

"تصعيد إسرائيلي غير مدروس"

تعليقًا على التطورات، يشير مدير عام "مركز الكرمل للأبحاث في حيفا" مهند مصطفى، إلى تصعيد يومي للحملة العسكرية في الضفة الغربية، وتحديدًا في جنين، متحدثًا عن مداهمات واقتحامات بشكل يومي للبلدات الفلسطينية واعتقالات للمئات.

ويقول لـ"العربي" من إسطنبول: إن بينيت ذاهب نحو تصعيد سيقابله رد فعل فلسطيني، يقابله تصعيد إسرائيلي في المقابل.

ويرى أن بينيت يتحرك اليوم من موقع ضعيف جدًا وحكومته هشة، وهمّه الوحيد إظهار أنها ما زالت قوية وفاعلة وأن باستطاعتها الرد على العمليات الفلسطينية.

ويضيف: "لذلك لن نشهد في الفترة المقبلة إلا تصعيدًا إسرائيليًا غير مدروس، ومن الصعب الحديث عن سقف له، فهو يتم كحالات انتقامية ومحاولة لإرضاء الشارع الإسرائيلي". 

وبينما يشير إلى أن مخيم جنين يشكل اليوم بالنسبة إلى الإسرائيليين رمزًا للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، يقول: إن التصعيد قد يصل إلى حملة عسكرية واسعة في جنين، وليس في كل الضفة الغربية.

ويشرح أنه "مع كل محاولات الحكومة الإسرائيلية إعطاء انطباع أنها قوية، وإظهار بينيت على أنه سيد الأمن، إلا أن الظروف الأمنية في إسرائيل ليست كتلك التي كانت عام 2001 و2002؛ فلن تكون هناك الشرعية لحملة عسكرية واسعة في الضفة الغربية، كما أن السلطة الوطنية الفلسطينية الآن غير تلك التي كانت في 2000 و2001 فالظروف السياسية مختلفة". 

"تصعيد لحسابات المجرم بينيت"

من ناحيته، يؤكد المتحدث باسم حركة فتح حسين حمايل، أن الهجمة شرسة على مخيم جنين، لكن حالة التضامن والالتفاف الشعبي من مختلف المحافظات الفلسطينية وذهابها إلى جنين ووقوفها مع المخيم، جعلت الأمر في حالة من القوة الفلسطينية؛ من حيث التحدي والتصدي لهذه الماكينة الإسرائيلية، التي تريد قتل كل ما له علاقة بالشعب الفلسطيني.

ويشير في حديثه إلى "العربي" من رام الله، إلى أن الضفة الغربية تشهد في مختلف أرجائها اشتباكات بين الشبان الفلسطينيين وجنود الاحتلال؛ وهناك شهداء في الخليل وبيت لحم.. وفي سلوان تقتحم قوات عسكرية ضخمة البلدة، ويدور الحديث عن اشتباك قوات خاصة إسرائيلية مع أهالي سلوان والقرى المجاورة، وعن سقوط شهيد.

ويلفت إلى خروج مسيرة من رام الله نحو مستوطنة بيت إيل، حيث يتوقع حدوث اشتباكات أيضًا مع قوات الاحتلال.

ويضيف: "نحن نتحدث اليوم عن حالة من التصعيد قامت بها حكومة الاحتلال لأغراض وحسابات شخصية للمجرم نفتالي بينيت، الذي يريد أن يرضي المستوطنين والمتطرفين على حساب الدم الفلسطيني".

ويقول: "نحن كشعب فلسطيني نتعرّض جميعًا لهذا الإرهاب والقتل، بغض النظر عن اللون السياسي والانتماء الحزبي، وكل ما لدينا من إمكانيات وخيارات تكون مفتوحة أمامنا عندما يأتي جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين".

ويردف: "لكن إمكانياتنا المادية قليلة مقارنة بهذه الترسانة المدعومة من الإدارة الأميركية، ولكن نحن نتسلح بالإرادة".

"المعركة قادمة لا محالة"

بدوره، يرى الباحث السياسي مصطفى الصواف، أن اجتماع الفصائل الوطنية والإسلامية في مكتب رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار ودعوتها إلى التعبئة العامة في كل أماكن تواجد الشعب الفلسطيني ردًا على الاعتداءات الإسرائيلية، يعني عمليًا أن المعركة قادمة لا محالة لأن تصعيد الاحتلال عالي وكبير جدًا. 

ويشير في حديثه إلى "العربي" من غزة، إلى ما تشهده الأراضي الفلسطينية من عمليات تغول وقتل وإعدام واعتقال ومداهمة ومصادرة.

ويعرب عن "اعتقاده بأن ما يعلن عنه المستوطنون الآن بشأن عملية اقتحام للمسجد الأقصى لتقديم قرابين، ربما تكون النقطة الفاصلة بين الاحتلال والشعب الفلسطيني بشكل عام". 

ويردف: "لم يعد هناك فرق بين جنين ونابلس والقدس وغزة، إذ باتت كل الجغرافيا الفلسطينية واحدة موحدة، وكل القوى والفصائل الفلسطينية في مواجهة خطر كبير، هو خطر الوجود، فهذا ما يسعى إليه الاحتلال الذي لا يريد فقط جنين أو غزة، بل كل الفلسطينيين أينما كانوا، ولذلك لا اعتقد أن هذا يمكن أن يمر على الفلسطينيين".

ويشير إلى أن "المقاومة كانت اليوم في حالة استنفار، المعلنة باستمرار، لكن يتم الإعلان عنها بشكل رسمي كرسالة للاحتلال الصهيوني بأن ما يفكر به المستوطنون لن يكون سهلًا، ولن يحقق هذا الأمر إلا مزيدًا من التصعيد".

المصادر:
العربي
شارك القصة