Skip to main content

التحقيق الأوروبي مع رياض سلامة.. هل يشكل انتهاكًا لسيادة لبنان؟

الأربعاء 28 ديسمبر 2022

قالت مصادر لبنانية رسمية لـ"العربي": إنّ مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، رفض فحوى الرسالة التي تسلمها من محققين أوروبيين من فرنسا وألمانيا ولكسمبورغ، اكتفوا فيها بإبلاغه، عزمهم زيارة لبنان قريبًا للتحقيق بملفات مالية ترتبط بحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، ومسؤولين ماليين.

ولفتت المصادر إلى أن عويدات أشار في رسالة الرد التي وصفتها بأنها شديدة اللهجة، إلى أن لبنان لا يتبلغ بحضور المحققين بل يصرّ على معرفة الآليات التي ستتبع خلال الزيارة، على أن يكون القضاء اللبناني معبرًا رئيسيًا في أيّ عملية تحقيق تتعلق بمسؤولين لبنانيين.

هل من محاولة لوضع اليد الدولية على القضاء اللبناني؟

وفيما وصفت مصادر إعلامية لبنانية الزيارة المرتقبة للمحققين الأوروبيين بـ"محاولة وضع اليد الدولية على القضاء اللبنانية"، لا تُعَد هذه الخطوة بحسب مصادر قضائية لبنانية، انتهاكًا لسيادة القضاء اللبناني.

وتوضح المصادر أن الاتفاقات التي أبرمها لبنان مع هذه الدول تسمح بالتعاون القضائي، وبالتالي يستطيع المحققون استجواب أي مواطن متهم بجرم جزائي على الأراضي اللبنانية حتى في الحالات التي يحصل فيها الجرم خارج البلاد.

وفي هذا السياق، يعتبر الكاتب الصحفي أسعد بشارة أن أيّ إمكانية لأيّ محاسبة في الداخل اللبناني سقطت، ملمّحًا إلى أنّ قيام جزء من القضاء اللبناني بالتالي بعرقلة مهمة البعثة الأوروبية سيشكل "إدانة إضافية".

في المقابل، يرى الصحفي المتخصّص في الشؤون القضائية يوسف دياب أنّ تعاون لبنان مع المحققين الأوروبيين يعني "رضوخًا للقضاء الدولي"، منبّهًا إلى أنّ ذلك قد يعني أيضًا بأن القضاء الأوروبي أصبح وصيًا على القضاء اللبناني.

لكنّ دياب يلفت في الوقت نفسه، في حديث إلى "العربي"، إلى أنّه إذا رفض القضاء اللبناني التعاون مع المحققين الأوروبيين ورفض تلبية بعض المطالب، فإنّ ذلك من شأنه ربما أن يعرّض البلد إلى عقوبات.

وتقول مصادر قضائية: إن عدم تعاون السلطات اللبنانية مع المحققين، وامتناع وزارة المال عن تزويد القضاء الأوروبي بالمعلومات اللازمة للتحقيق أديا إلى لجوء البلدان الأوروبية المعنية إلى هذه الخطوة، ولا سيما أن السلطات القضائية اللبنانية لم تقم بعملها بهذا الإطار، وفق هؤلاء. 

معلومات صحافية أثارت "بلبلة" داخل لبنان

وبحسب مراسلة "العربي" في بيروت جويس الحاج خوري، فإنّ المعلومات عن زيارة المحققين الأوروبيين إلى بيروت الشهر المقبل، أحدثت بلبلة في الوسط القضائي اللبناني، والسياسي الذي يلتزم الصمت حتى اللحظة.

وأضافت أن المراسلة أتت عبر وزارة الخارجية إلى وزارة العدل، وجرى تبليغ عويدات، الذي ليس مخولًا بالرد من عدمه عليها، وفقًا لبعض المصادر.

وأشارت مراسلة "العربي"، إلى أن هذا التبليغ عن وصول محققين أوروبيين إلى لبنان مرفوض بشكل جزئي من قبل بعض القضاة، بينما هو مرحب به من جهات سياسية وقضائية، في ظلّ إجماع على أن القضاء اللبناني غير قادر على الوصول إلى نتائج في ملفات مالية.

ونوهت المراسلة، إلى وجود قلق من أن تكون هذه الزيارة مدخلًا لفتح ملفات أخرى ووضع يد دولية على ملفات أيضًا، علمًا أن هناك سابقة تتعلق بالتحقيق مع كارولس غصن من قبل جهات غربية على الأراضي اللبنانية.

كيف سيتعاطى لبنان مع المحققين الأوروبيين؟

وفي هذا السياق، يعتبر الكاتب الصحفي رضوان عقيل، أن هذه المراسلة وصلت إلى رأس القضاء اللبناني، وبالتالي فإن عويدات سيتعاطى بإيجابية مع مضمون المراسلة وسيتم استقبال وفد المحققين.

ويلمح عقيل، في حديث إلى "العربي" من بيروت، إلى وجود اشتراط لبناني بعدم الحياد عن مضمون اتفاقية التي تمت بين فرنسا ولبنان عام 2009، بغية عدم تخطي القضاء اللبناني، بمعنى أن تتم العملية تحت مظلة القضاء اللبناني، لأن الأوروبيين يعتقدون أن لبنان لم يقم بواجباته المطلوبة حيال حاكمية مصرف لبنان ومعرفة كيف وصلت الأرقام المالية إلى المصارف الأوروبية.

ويميّز عقيل بين هذه الحالة وما حصل في قضية كارلوس غصن، باعتبار أنّ الأخير كان قد وافق على التحقيق معه من قبل جهات قضائية غربية، "بينما رياض سلامة ومجموعة من الأسماء المطروحة من مصرفيين وأعضاء مجالس إدارة في حال لم يوافقوا، لن يستطيع القضاء الأوروبي أن يفرض على أي مواطن لبناني أن يتم التحقيق معه في هذا الأمر".

ويتوقف الكاتب الصحفي اللبناني عند "التوقيت" الذي جرت فيه إثارة هذه القضية، متسائلًا عمّا إذا كانت له أبعاد سياسية، لجهة دفع الطبقة السياسية على انتخاب رئيس للجمهورية، ولا سيما أنّ فرنسا تشكّل "رأس حربة" في هذا الملف، وفق تعبيره.

المصادر:
العربي
شارك القصة