Skip to main content

المشهد الليبي.. حراك سياسي مكثف وتخوف من جولة تصعيد جديدة

الخميس 1 سبتمبر 2022

انتهت المواجهات التي شهدتها ليبيا أخيرًا إلى حل لا غالب فيه ولا مغلوب بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ورئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا.

وتشهد البلاد هدنة مؤقتة يعيد من خلالها الفرقاء ترتيب أوراقهم قبل الانتقال إلى خطوة التصعيد التالية سواء سياسيًا أو عسكريًا.

وزار باشاغا أنقرة وكذلك الدبيبة مدينة إسطنبول، وسبق ذلك زيارة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى مصر، وعلى طاولة البحث الخلافات الكثيرة حول العملية الانتخابية وتشكيل الحكومة الجديدة إضافة إلى الاستفتاء على الدستور.

ووضعت تسوية النزاع الحكومي على نار حامية في تركيا، فيما مطبخ سياسي آخر يخوض لقاءاته في القاهرة مع عقيلة صالح.

وتمهد زيارة صالح لاستئناف المفاوضات بينه وبين رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري بوساطة مصرية، حيث سيكون ملف القاعدة الدستورية لإنجاز الاستحقاق الانتخابي الحاضر الأبرز.

وتتكثف الجهود الدولية والإقليمية لدعم الانتخابات في ليبيا بينما تبرز على الخط الموازي إجراءات قضائية تحاول الضرب بمطرقة القانون. فصالح كان قد أعلن بطلان ما يصدر عن جلسات المحكمة العليا وعدم قانونية انعقادها في غير مقرها.

بدورها، فعّلت الدائرة الدستورية أعمالها للنظر في القرارات المخالفة للاتفاق السياسي.

وفي غضون كل ما يجري، تعيد الأمم المتحدة تموضعها في ظل توجه لتعيين السنغالي عبدالله باتيلي مبعوثًا أمميًا في ليبيا.

إلا أن اسم باتيلي لا يلقى رواجًا في الأوساط الليبية، حيث تعترض حكومة الدبيبة على تعيينه.

حكومة جديدة؟

وفي هذا الإطار، استبعد المستشار السابق للمجلس الأعلى للدولة صلاح البكوش حصول لقاء بين الدبيبة وباشاغا في تركيا، معتبرًا أن هذا الأخير لا يملك ما يقدمه على طاولة المفاوضات بعدما "هُزم في طرابلس ولم يحقق شيئًا خلال 6 أشهر" على حد تعبيره.

وكشف في حديث إلى "العربي" من طرابلس أن المشري أبلغ المقربين منه في المجلس الأعلى للدولة أنه ذاهب إلى مصر حيث سيلتقي عقيلة صالح للتباحث حول حكومة أخرى غير حكومة الدبيبة وباشاغا.

ولفت إلى أن تركيا تدعم رسميًا الدبيبة، معتبرًا أن هذا الأخير حقق نصرًا عسكريًا على باشاغا، ورأى أن رئيس الحكومة المكلف في موقف سياسي ضعيف، وأن حليفه اللواء المتقاعد خليفة حفتر "دخل في صفقة مع الدبيبة حول مؤسسة النفط" على حد قوله.

وبناء على المعطيات الموجودة، رأى البكوش أن لا مبرر للتفاؤل بأي صفقة قد تعقد حول الملف الليبي.

"الشعب الليبي ضاق ذرعًا"

من جهته، اعتبر الصحافي الليبي أحمد محمد زعيليك أن الأطراف السياسية المختلفة مستعدة اليوم لتقديم التنازلات سواء لمصر أو تركيا، مشيرًا إلى أن هذه التنازلات قد تُقدم من قبل الحكومة المكلفة من قبل البرلمان.

وقال في حديث إلى "العربي" من بنغازي إن "الأطراف السياسية الليبية فشلت في السنوات الماضية في تحقيق أي نجاح، والمشهد الحالي هو نتيجة لتوافقات محلية ودولية وصلت إلى باب مسدود ما قد يعود بالبلاد إلى مشهد المواجهات المسلحة".

وشدد على أن الشعب الليبي ضاق ذرعًا بالنزاعات السياسية والعسكرية التي تجري منذ أكثر من 10 سنوات.

وأكد أن هذه النزاعات أدت إلى تردي الخدمات وإلى خلق أوضاع سيئة في جميع نواحي الحياة في ليبيا، معتبرًا أن "الشعب الليبي يقف عاجزًا أمام الوضع الحالي لأن الناس ينظرون إلى التدخلات الخارجية على أنها أقوى من إرادة السياسيين والمواطنين". 

"تفاهمات غير معلنة"

الدبلوماسي الليبي محمد عميش أكد أن أي شيء رسمي لم يصدر من الأطراف الليبية أو التركية حول طبيعة المباحثات الجارية حاليًا، لافتًا إلى أن الأمر الوحيد الذي تم نشره هو صورة تجمع الدبيبة برفقة وزيرين من حكومته مع وزيري الخارجية والدفاع التركيين.

وأشار في حديث إلى "العربي" من إسطنبول إلى أن الأتراك يقفون دومًا في صف الشرعية الدولية والشرعية الليبية، معتبرًا أن أنقرة غير منحازة بشكل كامل إلى أي طرف من الأطراف وإنما تحاول إيجاد سبيل لتأمين تفاهم بين الطرفين.

وقال إن "حكومة الدبيبة جاءت عن طريق مباحثات جنيف، وفي ذات الوقت ما زال يُنظر إلى الجهة التي كلفت باشاغا على أنها تمثل البرلمان الليبي، ولذلك لا يمكن القول إن الجانب التركي يدعم طرفًا دون الآخر".

وشرح أن تركيا تحاول تذويب الخلافات مع الكثير من الدول المعنية بالشأن الليبي ما يؤشر إلى إمكان حصول تفاهمات غير معلنة بخصوص الشأن الليبي.

ورجح عميش حصول توافق بين الجانبين المصري والتركي من أجل إنضاج التسوية المطلوبة؛ أكان من خلال الاتفاق على حكومة جديدة أو غيرها من الحلول.

المصادر:
العربي
شارك القصة