Skip to main content

"انتهاكات لحقوق المهاجرين".. كيف ستتعامل ليبيا مع التقرير الأممي؟

الأحد 2 أبريل 2023

قد تكون المرة الأولى التي يتفق فيها المتنافسان السياسيان في ليبيا على وجهة نظر واحدة ضد تقرير أصدرته لجنة تقصي حقائق أممية.

إذ صدر بيانان منفصلان عن وزارة الخارجية للحكومة الوطنية ولجنة الداخلية بمجلس النواب، ينفيان ما ورد في التقرير الأممي الصادر في مارس/ آذار الماضي، الذي يتحدث عن انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، ارتكبتها كل القوات على الأرض الليبية على اختلاف تبعيتها.

وأظهر التقرير أن السلطات في ليبيا تقمع معارضيها عامة، وتستهدف المهاجرين على وجه الخصوص.

إذ وثقت اللجنة حالات من الاعتقال التعسفي والقتل والاغتصاب والاسترقاق والقتل خارج نطاق القضاء والإخفاء القسري.

ويذكر تقرير البعثة أن ثمة أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن الاستعباد وفق الجنسية الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية، قد ارتكب ضد المهاجرين، دون أن تتخذ السلطات أي خطوات للحد من هذه الممارسات.

الرد جاء من الحكومة الوطنية، متهمًا مؤسسات الأمم المتحدة بالتشكيك في قدرة مؤسسات الدولة الليبية المعنية بالملفات والقضايا الإنسانية.

وطالبت اللجنة بتقديم الإثباتات والدلائل التي لديها، حتى لا تستغل معاناة الضحايا لأسباب سياسية، خصوصًا أن ليبيا لن تتحمل وحدها إخفاق المجتمع الدولي في حل هذا الملف الشائك والمؤلم على المستوى الإنساني.

من جهتها، عبرت لجنة الداخلية بمجلس النواب الليبي عن استيائها مما ورد في التقرير، معتبرة أنه "انحياز وغياب للموضوعية وتعمد لتشويه صورة ليبيا وتحميلها المسؤولية عن أزمة تدفقات الهجرة".

ما مدى صحة التقرير؟

وفي هذا الإطار، يوضح رئيس منظمة النداء لحقوق الإنسان والتنمية المجتمعية موسى القنيدي، أن التقرير الأممي تحدث عن مسميات لبعض الأجهزة الأمنية، وحتى ذكر بعض الأشخاص المتورطين في بعض الجرائم، في حين أن البعثة تكلمت في انتهاكات أخرى بأسلوب فضفاض وعام، وكأنها حاولت أن تراوغ وأن تتكلم بشكل دبلوماسي بعيدًا عن الاتهام المباشر لبعض الأطراف.

وفي حديث لـ"العربي" من مدينة مصراتة الليبية، يضيف القنيدي أن البعثة وبقدر ما كانت موفقة إلى حد كبير في بعض جوانب التقرير، إلا أن الإخفاق شابها في مواضع أخرى أهمها فيما يرتبط بملف الهجرة غير الشرعية.

وفيما يؤكد أنه لا يستطيع أحد أن ينكر بأن هناك انتهاكات تمارس على المهاجرين غير الشرعيين، سواء كان في ليبيا أو أثناء رحلة عبورهم من الدول الإفريقية، يشير القنيدي إلى أن البعثة فيما يتعلق بمسألة الانتهاكات كانت تشير بشكل واضح إلى أن الانتهاكات شبه ممنهجة، وأنها تأتي في إطار ممارسة رسمية من قبل أجهزة أمنية شكلتها الدولة الليبية، أو على الأقل تعمل تحت سلطة وزارة الداخلية.

ومضى يقول إن البعثة اتهمت بشكل واضح أيضًا بعض الدول في الاتحاد الأوروبي بأنها تساعد السلطات الأمنية الليبية في ارتكاب مثل هذه الانتهاكات عبر مدها ببعض الوسائل والأدوات اللوجستية والفنية التي تعمل من خلالها من أجل كبح جماح المهاجرين غير الشرعيين.

ويعرب القنيدي عن اعتقاده أن السلطات الليبية ملامة إلى جانب الاتحاد الأوروبي وحتى الأسرة الدولية والأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي يتعامل مع الملف على أنه أزمة ليبية، في حين أن ليبيا ليست هي أم الأزمة.

كما يلفت إلى أن الدولة الليبية ما زالت تتعاطى مع الملف إلى جانب دول الاتحاد الأوروبي بنفس السياسات والإستراتيجيات السابقة التي تؤدي إلى وقوع انتهاكات تطال المهاجرين غير الشرعيين وصولاً إلى الإتجار بالبشر، وإلى عصابات الجريمة المنظمة أو العابرة للحدود.

ويشدد القنيدي على وجوب أن تتبنى الدولة الليبية برنامج عمل تدعمه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بالشراكة من أجل إنهاء هذا الملف، أو على الأقل الحد من خطورته على المستوى الإنساني ووضع حد للانتهاكات المرتكبة.

ويفيد القنيدي بأن التشريعات الليبية تعتبر أن أي شخص يعبر الحدود البرية أو البحرية من دون مستند قانوني أو وثيقة سفر معترف بها رسميًا بمثابة مرتكب لجريمة، وبالتالي يتم التعامل معه على أساس أنه مجرم ودخل البلاد بطريقة غير شرعية، مشيرًا إلى أن الطريقة الأمثل وفقًا للقوانين هي ترحيله.

ويلفت إلى أن المسؤول عن هذا الأمر هو جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، وهو أحد مكونات وزارة الداخلية الليبية، بالإضافة إلى خفر السواحل الليبي، فضلًا عن بعض الأجهزة الأمنية التي أعطيت صلاحية مكافحة أو الهجوم أو السيطرة على بعض المقرات التي تتخذها عصابات الجريمة المنظمة والإتجار بالبشر من أجل لملمة جموع المهاجرين.

المصادر:
العربي
شارك القصة