Skip to main content

بعد يوم كييف المرعب.. ما هي مآلات التصعيد في الميدان الأوكراني؟

الثلاثاء 11 أكتوبر 2022

استفاقت أوكرانيا صباح أمس الإثنين على وقع انفجارات شديدة استهدفت كييف، حيث نفّذت روسيا أكبر ضربة جوية على مدن أوكرانية منذ بدء الحرب ما أدّى إلى مقتل وإصابة العشرات.

وسُمع دوي الانفجارات في مناطق عدة من المدينة كما كان مسموعًا صوت الدفاعات الجوية الأوكرانية أثناء التصدي للغارات، وفق السكان. وأعلن الجيش الأوكراني إسقاط 41 صاروخًا روسيًا من أصل 80 أُطلقت باتجاه مناطق أوكرانية. 

وقد شرعت إدارة العاصمة بإغلاق الشوارع الرئيسية في المدينة تحسبًا لقصف آخر. كما دعت المواطنين للبقاء في الملاجئ ومحطات القطار. 

استهداف البنى التحتية للطاقة والمدنيين

وقال مسؤولون أوكرانيون إن القصف أحدث أضرارًا في بنى تحتية في العاصمة ومناطق أخرى. كما استهدف ملعبًا للأطفال ومتحفًا. وهي معلومات أكّدها الرئس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي أوضح أن القصف استهدف البنى التحتية للطاقة والمدنيين.

وندد رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو بالهجمات الصاروخية الروسية على العاصمة وأماكن أخرى في أوكرانيا. واعتبر كليتشكو أن الهجمات التي راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح "حرب ضد المدنيين"، مشيرًا إلى أن "بوتين يحتاج أوكرانيا بدون المدنيين"، على حد وصفه.

 ولم تكن العاصمة كييف وحدها التي تعرّضت للقصف بل إن قصفها أعقب انفجارات عدة وقعت في مدينتي لفيف وترينوبل غربي أوكرانيا ودنيبرو شرقًا.  

وبسبب الأوضاع الميدانية القائمة، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي تعليق أعمالها في أوكرانيا.

الرد سيكون شديدًا

من جهته، أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع لمجلس الأمن الروسي أن قوات بلاده نفّذت ضربات مكثفة بأسلحة دقيقة وصواريخ طويلة المدى على البنية التحتية في عدة مدن أوكرانية صباح أمس، متوعدًا بأن الرد سيكون شديدًا في حال شنّت كييف هجمات أخرى.

وأشار إلى أن الضربات التي تعرّضت لها منشآت ومدن أوكرانية تأتي للرد على ما وصفه بالعملية الإرهابية التي استهدفت جسر القرم متوعدًا بالمزيد.  

إدانة غربية للقصف الروسي

ودان الرئيس الأميركي جو بايدن الضربة الصاروخية التي شنها الجيش الروسي على أوكرانيا ووصفها بالوحشية المطلقة لحرب الرئيس بوتين على الشعب الأوكراني وفق بيان بايدن، الذي أعلن فرض الولايات المتحدة عقوبات على روسيا بسبب ما وصفه بعدوانها على أوكرانيا. 

بدوره، أعلن وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن أنه أجرى محادثات مع نظيره الأوكراني وذلك لطمأنته بشأن دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا، مشيرًا إلى أن بلاده ستواصل توفير المساعدة الاقتصادية والإنسانية والعسكرية لتمكين أوكرانيا من الدفاع عن نفسها.  

كذلك أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قلقه البالغ حيال الضربات الروسية، متعهدًا بأن باريس ستزيد الدعم العسكري لكييف.

وفي موقف مماثل، اعتبرت بريطانيا أن هذه الضربات الصاروخية غير مقبولة وتعبّر عن ضعف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا قوته. 

أمّا الاتحاد الأوروبي فقد أعرب عن صدمته العميقة حيال الهجمات الأخيرة التي استهدفت كييف ومدنًا أخرى، حيث قال: "إنها ترقى لجرائم الحرب". 

كما أكّدت برلين دعمها لأوكرانيا وأعلنت أن قادة دول مجموعة السبع والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيجرون محادثات طارئة الثلاثاء لمناقشة الهجمات الروسية الأخيرة على أوكرانيا. 

قوات إقليمية على حدود بيلاروسيا 

وفي سياق متصّل، قال رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو إنه اتفق مع نظيره الروسي على نشر قوات إقليمية مشتركة قرب حدود أوكرانيا ردًا على تهديدات الناتو وكييف بشن ضربة عسكرية على بلاده.

لكن أوكرانيا ردّت على مينسك واصفة الأمر بالمزاعم، داعية لوكاشينكو إلى التوقف عن تلبية رغبات الكرملين. وطالب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل مينسك بالتوقف عن السماح باستخدام أراضيها نقطة انطلاق للهجوم على أوكرانيا. 

وفي هذا الإطار، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة موسكو ستانيسلاف بيشوك أنه من المستحيل التخطيط للعملية الروسية الواسعة النطاق التي بدأت منذ انفجار جسر كيرتش في الأيام الماضية، وقال في حديث إلى "العربي" من موسكو: "إنه كان يعتقد أن الكرملين خطط لهذه العملية من قبل لكنه لم يكن يعلم الوقت الذي ستكون ضرورية فيه وستؤدي إلى نتيجة إيجابية لموسكو". 

كما اعتبر بيشوك أن الرد الروسي جاء قاسيًا كما هو متوقع، لافتًا إلى انقسام داخل روسيا بين مؤيد ومعارض لهذه الحرب. 

ومن جهته، أكّد المحاضر في جامعة كييف سيرهي شابوفالوف أن أوكرانيا مستعدة لجبهة غربية محتملة على الحدود مع بيلاروسيا.

وقال في حديثه من كييف: "إن الحلفاء الغربيين أثبتوا استعدادهم لدعم أوكرانيا" فيما يوجد انقسام داخل بيلاروسيا بشأن الانخراط في الحرب، معتبرًا "أن لوكاشينكو يدرك أنها حرب غير شعبية"، مشيرًا إلى أن اعتماد بيبلاروسيا على روسيا فقط.  

تحذير من موجة نزوح جديدة

ودفعت الأوضاع الميدانية في أوكرانيا بالمفوّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي للتحذير الإثنين من أنّ المزيد من الأوكرانيين سيضطرّون للفرار من منازلهم. 

وقال غراندي للصحافيين في جنيف: "إنّ الرعب الذي حدث في أوكرانيا اليوم لا يُغتفر". وأضاف أنّ "قصف المدنيين والمنازل والبنية التحتية غير العسكرية بطريقة عشوائية في العديد من المدن في أنحاء أوكرانيا يعني أنّ الحرب أصبحت أكثر قساوة وأصعب على المدنيين"، معبرًا عن خشيته من أن تؤدي أحداث هذه الساعات الأخيرة إلى مزيد من التهجير". 

ومنذ بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط استقبلت دول أوروبية أكثر من 7,6 مليون لاجئ أوكراني. ومنذ ذلك الحين، عاد عدد من هؤلاء الأشخاص فيما حصل أكثر من 4,2 مليون أوكراني على وضع الحماية المؤقتة في دول الاتحاد الأوروبي.

كما نزح نحو سبعة ملايين شخص داخل أوكرانيا، وفقًا لمنظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة.

وقال غراندي إنّه يتوقع أن يرى الناس ينزحون بشكل أساسي داخل أوكرانيا بعد هجمات الإثنين التي قالت كييف إنّها خلّفت 14 قتيلًا على الأقل ونحو 100 جريح في صفوف المدنيين.

وعلى هامش حفل توزيع "جائزة نانسن للاجئين" التي تمنحها المفوضية وحازت عليها المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل هذا العام، قال غراندي: "إنّ توقعاتي (...) هي أنّنا سنشهد بشكل أساسي حالات نزوح داخلي". 

ووصف وضع النزوح داخل أوكرانيا حاليًا بأنه "مرن للغاية"، مضيفًا "لديك أناس يفرّون لساعات قليلة فقط هربًا من القنابل (...) ثم يحاولون العودة إلى ديارهم". لكن في الحالات التي يكون فيها الدمار أكبر ولم يعد بإمكان الناس الوصول إلى التدفئة أو الطعام، قال: "أخشى أن تستمرّ عمليات النزوح لفترة أطول".  

المصادر:
العربي - وكالات
شارك القصة