Skip to main content

توقفت مراكبها عن الإبحار.. "العربي" يعاين جفاف بحيرة برينيت السويسرية

السبت 17 سبتمبر 2022

تُعد بحيرة برينيت السويسرية، ذات المياه التوركوازية، أوضح مثال على المستويات القياسية للجفاف الذي يتفاقم في أوروبا بفعل التغيّر المناخي.

جفّت البحيرة تمامًا، الأمر الذي تسبّب بتوقف النشاط السياحي فيها، وبضرر اقتصادي للقرى المحيطة.

"جرح جاف يشق الغابة"

زار "العربي" بلدة برينيت السويسرية وبحيرتها، والتقى هناك القبطان إيفان الذي يسير إلى مركبه والحزن يثقل خطواته؛ فما كان يومًا بحيرة عامرة بالحياة والحركة السياحية انحسر ليترك وراءه جرحًا جافًا يشق غابة برينيت إلى نصفين.

وكان منسوب البحيرة قد انخفض في أعوام سابقة، لكنها المرة الأولى التي يتوقف فيها مركب الرجل عن الإبحار.

يعزو إيفان أهمية مركبه إلى أن والده هو من قام بصنعه عام 1972، ويقول إنه يرسو للمرة الأولى منذ ذلك الحين في بحيرة جافة.

وليس إيفان وحده من اضطر لرفع مرساته، إذ إن دورة اقتصادية كاملة ارتبطت بهذه البحيرة التي شكلت يومًا جزءًا من الحدود الطبيعية بين فرنسا وسويسرا. وبعدما اختفت، تلاشت الحدود وبات الناس يفتشون عن مصدر بديل للقمة العيش.

"لا أمطار كافية للتعويض"

بدأ تفاقم الجفاف قبل أشهر طويلة بسبب قلة الثلوج والأمطار في الشتاء والربيع الماضيين، ونحو 3 موجات حر ضربت وسط أوروبا العام الحالي.

ويتوقع المختصون أن قلة الأمطار باتت مرجحة كل عامين أو ثلاثة، ويخشى سكان برينيت ومحيطها أن يؤدي هذا الأمر إلى مزيد من الجفاف.

يقول فيليكس فورغلر، المحاضر في الشؤون الزراعية والمسؤول في وزارة الزراعة، "نحن قلقون، لا بل إن المتخصصين يتوقعون أن يختفي النهر الذي يمر في الوادي هنا نهائيًا، بسبب تسرب مياهه إلى جوف الأرض وعدم وجود أمطار كافية للتعويض عنها".

وتصل أوروبيًا كلفة الأضرار الناتجة عن الجفاف سنويًا إلى 9 مليارات يورو، وفق تقديرات الاتحاد الأوروبي.

وقد تتضاعف تلك الكلفة تباعًا، إذا استمر تسارع ارتفاع درجات الحرارة. ولم تعد سويسرا استثناءً، رغم تربّعها على قمم جبال الألب أكبر خزان للمياه في أوروبا.

"تغير المناخ يهدد شرايين المياه"

ويشير الباحث المتخصص في البيئة والمناخ جمال الموسى، إلى أن قضية الجفاف أصبحت الأزمة الثالثة التي تقض مضاجع العالم بعد مشكلتي كورونا والحرب الأوكرانية.

ويحذر في حديثه إلى "العربي" من عمّان، من أن العالم يشهد أسوأ موجة جفاف منذ عقود، لافتًا إلى قول المفوضية الأوروبية إن أوروبا تعرضت لجفاف لم تشهد له مثيلا منذ 500 عامًا.

وبينما يتوقف عند انخفاض منسوب المياه في كثير من الأنهار، يرى أن التغير المناخي أصبح يهدد شرايين المياه، لا سيما في أوروبا.

ويلفت إلى أن ظاهرة الجفاف التي أصبحت أكثر تكرارًا وأكثر انتشارًا وتوسعًا وشدة، بات أثرها واضحًا، حيث تؤثر على الأمن الغذائي والسياحة ومناحي الحياة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا وأمنيًا.

المصادر:
العربي
شارك القصة