Skip to main content

جبهة الخلاص الوطني في تونس.. هل تستطيع "إجهاض" مشروع قيس سعيّد؟

الأربعاء 1 يونيو 2022

شكّل إعلان تأسيس جبهة الخلاص الوطني في تونس بمشاركة 10 أحزاب وقوى سياسية معارضة للرئيس قيس سعيّد، "الحدث" من دون منازع في الساعات الأخيرة، ولا سيما أنّها تشكّل نواة مشروع "توحيد" للمعارضة السياسية في تونس.

تقول عضو الجبهة شيماء عيسى إنّ تأسيس الجبهة يأتي "لوقف الانقلاب وإنقاذ المسار الديمقراطي في الميلاد"، وتشير إلى أنّ "وقت الإنقاذ قد حان من خلال إطار سياسي للجبهة لتوحيد القوى التي تسعى لإعادة البلاد إلى مسارها الشرعي وإجراء انتخابات عامة مبكرة وإغلاق قوس الانقلاب".

أما رئيسها أحمد نجيب الشابي فيرى أنّ الأشهر العشرة الماضية في البلاد كانت مليئة بالمحاكمات والتهم الكيدية، وتمادى بها الرئيس في غيّه. لا يرى الشابي طريقًا ثالثًا في البلاد، "فإما الدستور وإما انقلاب سعيّد"، ويعتبر أنّ الحوار الذي أعلنه الرئيس أثبت إخفاقه وانفضّ عنه كلّ من له وزن في تونس، لكنّ الشابي يبدو متأكّدًا من أنّ هذه الحال لن تستمرّ.

كيف سيتعامل قيس سعيّد مع التكتل الجديد؟

أكثر من ذلك، لا تخفي الجبهة الناشئة على لسان رئيسها "صدمتها" من ممارسات الرئيس، آخرها التهديد بتعليق عضوية تونس في لجنة البندقية الجهاز الاستشاري في مجلس أوروبا للقضايا الدستورية، وطرد ممثليها من تونس، بعد تقرير للجنة انتقد إجراء استفتاء على دستور تونسي جديد.

يأتي هذا التطور بعد أسبوع من رفض الاتحاد العام التونسي للشغل الانخراط في اللجان الدستورية والمشاركة في الحوار الوطني الذي اقترحه سعيّد من أجل جمهورية جديدة، علمًا أنّ الاتحاد قرّر إضرابًا في القطاع العام منتصف الشهر المقبل.

إزاء ذلك، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام حول أهمية هذا التكتل ومشروعه والخطوات التي سيتخذها لإجهاض مشروع سعيّد، وهل هو فعلًا قادر على ذلك، وبين هذا وذاك، كيف سيتعامل الرئيس مع التجمع الجديد.

"القوة الأولى في تونس"

يرى عضو الهيئة التنفيذية لجبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك أنّ الجبهة صارت أكبر تجمع سياسي في البلاد من حيث الرمزية وعدد القوى السياسية وكذلك من حيث الحجم الشعبي.

ويوضح في حديث إلى "العربي"، من تونس، أنّ الجبهة أصبحت القوة الأولى في تونس بعد الإعلان عن تشكّلها بصورة رسمية، وهي تضمّ عددًا من الأحزاب السياسية والتشكيلات المواطنية.

ويلفت بن مبارك إلى أنّ ما يجمع هذه القوى ليس عداؤها لقيس سعيّد، فهي لا تعادي أحدًا، وإنما ما يجمعها هو حرصها على عودة البلاد إلى المسار الديمقراطي، مشدّدًا على أنّ "عداءها للانقلاب وليس لشخص قيس سعيّد".

ويشير إلى أنّ "الدرس الأساسي الذي خرجنا به من الانقلاب هو أن المسألة الديمقراطية والقاعدة الديمقراطية التي تؤسس قاعدة العيش المشترك في دولة حداثية ومدنية ليست مؤمّنة ومضمونة بعد 11 عامًا من الانتقال الديمقراطي".

ويقول إنّ "مشروع إقامة دولة ديمقراطية اجتماعية مستدام صار يجمع هذه القوى إذ تجمعها رؤية سياسية مشتركة وهي أن تونس يجب أن تذهب في طريق إرساء منظومة ديمقراطية مستدامة وقادرة على الصمود والبقاء أمام هذا الانقلاب ولكن أيضًا أمام كل العراقيل والانقلابات التي يمكن أن تأتي في المستقبل".

جبهة الخلاص "كشفت عن وجهها"

في المقابل، يعتبر الكاتب والباحث السياسي بلحسن اليحياوي أنّ جبهة الخلاص كشفت عن وجهها أنّها ليست أكثر من الحزام البرلماني لحكومة هشام المشيشي التي خرج في وجهها التونسيون في أكثر من مناسبة، والتي احتفلوا بإسقاطها في 25 يوليو.

ويضيف في حديث إلى "العربي"، من تونس: "اتضح أنّ جبهة الخلاص الوطني هذه ليست أكثر من تلك الوسادة السياسية كما كان يسمّيها هشام المشيشي"، مشيرًا إلى أنّ "موقف التونسيين منها واضح فهم يرفضون هذا الحزام السياسي لحكومة المشيشي والوجوه الأبرز في برلمان 2019".

وإذ يعرب عن اعتقاده بأنّ موقف هؤلاء لم يتغيّر، حتى وإن اتخذوا خطوات من مسار 25 يوليو ومن رئيس الجمهورية، يشدّد على أنّ النواة الأساسية لجبهة الخلاص ليست إلا صورة أخرى لذلك التوافق الهشّ أو لأولى حلقات الانقلاب على الدستور بين حركة النهضة ونداء تونس، على حدّ وصفه.

وينفي علمه بموقف رئيس الجمهورية من هذه الجبهة تحديدًا، لكنّه يشير إلى أنّه عبّر عن موقفه سابقًا، فبالنسبة إليه، من يتهمون مسار 25 يوليو بالانقلاب، غير مرحَّب بهم لا في الحوار الوطني ولا في الحلقات القادمة من خريطة الطريق. ويضيف: "بإمكانهم طبعًا خوض الانتخابات التشريعية في 17 ديسمبر، ولكن بالنسبة إليه لا دور لهم قبل ذلك".

"أزمة ثقة"

أما الأكاديمي والكاتب الصحافي كمال بن يونس، فيشير إلى أنّه قبل 25 يوليو الماضي كان هناك قناعة لدى أغلب الأحزاب بما في ذلك الأحزاب البرلمانية وحكومة هشام المشيشي وهشام المشيشي شخصيًا ورئيس الجمهورية ورئيس البرلمان أنّ المنظومة بحاجة إلى إصلاح حقيقي.

ويلفت في حديث إلى "العربي"، من تونس، إلى أنّ "25 يوليو بالنسبة إلى البعض كان رفضًا لفشل السياسيين خلال العشرية الماضية، وبالنسبة إلى البعض الآخر، كان انقلابًا على الدستور لأنّ أيّ تغيير للنظام السياسي خارج إطار القانون باستخدام القوات المسلحة مثلما وقع منذ 25 يوليو يعتبر انقلابًا".

ويلاحظ أنّ "ثمّة من رآه انقلابًا على حركة النهضة وعلى الإسلام السياسي ومحاولة لغلق ملف الديمقراطية في المنطقة العربية خدمة لأجندة بعض العواصم الإقليمية والمخابرات الإقليمية وأصبحنا الآن نسمع أنظمة عربية تتهم بعضها بالتورط في ما وقع في تلك الفترة".

ويعرب عن اعتقاده بأنّ "المسألة ليست خلافًا مع قيس سعيّد"، مضيفًا: "الجميع مقتنع منذ مدة أنّ من حق رئيس الجمهورية ومن حق كل طرف سياسي أن يقدم مشروعه لتعديل الدستور، لكن تعديل الدستور يقع داخل البرلمان".

ويشدّد على أنّ هناك أزمة ثقة، "فإما أن يقع إنقاذ الموقف في أقرب وقت عبر تنظيم حوار شبيه بالذي وقع في عام 2013-2014 يؤدي إلى حوار سياسي، أو أن تسقط المنظومة، أو أن تتعمّق الأزمة، خصوصًا بعدما التحقت أغلب الأطراف التي ساندت انقلاب 25 يوليو بالمعارضة".

المصادر:
العربي
شارك القصة