الإثنين 29 أبريل / أبريل 2024

ألبانيا في ظلّ أنور خوجة.. "فظائع" تُروى عن "جمهورية الرعب"

ألبانيا في ظلّ أنور خوجة.. "فظائع" تُروى عن "جمهورية الرعب"

Changed

حكم أنور خوجة بنهج خاص حاول من خلاله أن يعزل بلاده عن العالم، فصادر الحريات ومنع الأديان وهدم دور العبادة وسجن آلاف المعتقلين.

حكم الزعيم الشيوعي أنور خوجة ألبانيا لمدة أربعين عامًا منذ عام 1945 وحتى عام 1985.

حكم خوجة بنهج خاص حاول من خلاله أن يعزل بلاده عن العالم، فصادر الحريات ومنع الأديان وهدم دور العبادة وسجن الآلاف.

سيطر شبح الحرب على تفكيره، فاستعد للعدو عشرات السنين أرهق وأفقر فيها الشعب الألباني.

استمرّ نظام خوجة الديكتاتوري لبعد مماته حتى عام 1991 حيث كانت ألبانيا آخر دولة يسقط نظامها الشيوعي في أوروبا.

كيف ظهر أنور خوجة؟

يتحدّث الشهود الذين عايشوا مرحلة أنور خوجة في ألبانيا عن جوانب "مظلمة" في سيرته، ويطرحون الكثير من علامات الاستفهام عن كيفية "ظهوره" لحكم البلاد، وبناء "الديكتاتورية".

وفي هذا السياق، يطرح الكاتب والباحث الألباني أرمال بيغا سلسلة من الأسئلة، بينها: "كيف ذهب وهو شاب إلى فرنسا للدراسة وكيف استولى على الحكم، وقبل ذلك كيف أصبح مستشارًا سياسيًا في سفارة ألبانيا في باريس"، ويضيف: "هل جاء بمساعدة النظام الشيوعي اليوغسلافي أم جاء بمساعدة جهات خفية؟".

من جهته، يقول الكاتب والصحافي الألباني غنتيان مارا إنّ أنور خوجة "ظهر فجأة واستلم الحكم الشيوعي الفريد من نوعه في البلقان وفي أوروبا كلّها". ويشير إلى أنّه "دُعِم من صربيا أولًا، حيث خدم مصالحهم، ثمّ لمّا أرادوا أن يخلعوه، انقلب أنور خوجة وأظهر وجهه الحقيقي، الذي فاجأ الجميع، وجعل من ألبانيا سجنًا كبيرًا". ويضيف أنّ "كلّ ألبانيا أصبحت عبارة عن سجن حتى له هو، إذ لم يسافر أو يغادر البلد أبدًا، فصار زعيم سجن".

شخصية فُرِضت على الشعب الألباني

ويعتبر أستاذ التاريخ في جامعة شكودرة بيرم جافا أنّ أنور خوجة "شخصية فرضت على الشعب الألباني وكانت معدّة خصيصًا لذلك من قبل قوى خارجية". ويتحدّث، على الجانب الآخر، عن ظروف محيطة ساعدته للوصول إلى الحكم، "فالشيوعية في ألبانيا تمّ تصديرها من يوغسلافيا".

من جهته، يرى أستاذ التاريخ في جامعة تيرانا أدريان موهاي أنّه "بعدما استولى الحزب الشيوعي بقيادة أنور خوجة على الحكم، بدأ المستقبل المظلم لألبانيا". ويوضح أنّ "أنور خوجة ضرب ودمر كل القدرات الفكرية والعلمية في البلد، وحارب وقتل العقول النيرة والعلماء وخيرة المثقفين".

ويضيف: "فعل خوجة ذلك لأنه يعرف نفسه تمامًا أنه غير مؤهل لمنصب الحكم ولخوفه الشديد من أي انقلاب عليه. خوجة اهتم بالقاعدة الداعمة له وزاد من وتيرة العنف والظلم".

ويلفت الباحث في الدراسات الإسلامية واللغة العربية دوريم قاسمي إلى أنّ "الحياة في زمن الشيوعية توصَف في الكثير من الأحيان بأنّها كانت مظلمة، لأنّ الناس كانوا يعيشون في ظلام حقيقي وفي ظلام معنوي". ويشير إلى أنّ ألبانيا كانت بمثابة سجن كبير، "وهذه الظلمات كانت بادية في وجوههم وفي حياتهم وفي لباسهم وفي الشوارع وفي كل شيء".

سجين سابق "يوثّق" تجربته

وبعيدًا عن توصيف المرحلة، يستذكر بعض من عايشوا التجربة، الكثير من "الفظائع" التي ارتكبها النظام الدكتاتوري في ألبانيا في ظلّ حكم أنور خوجة.

من هؤلاء السجين السابق ورئيس جمعية السجناء والمضطهدين في ألبانيا زنغل درانغو الذي حكم عليه في زمن الشيوعية بالسجن لمدة عشرين عامًا بتهمة خيانة الوطن، "حين قبضوا علي وأنا أحاول الهرب من ألبانيا باتجاه يوغسلافيا سعيًا منّي لمستقبل أفضل"، وفق ما يقول.

ويضيف: "الحكم كان في البداية 20 عامًا سجنا، لكنهم حوّلوه فيما بعد إلى سجن وأشغال شاقة أيضًا".

"عبيد" في المناجم

في شهادته، يروي درانغو كيف "أجبرتهم" الدولة الشيوعية على العمل لديها "كالعبيد" في المناجم التي يصل عمقها لمئات الأمتار تحت الأرض. ويقول: "كان لزامًا على كل شخص أن يملأ سبع قاطرات من الفحم يوميًا، والسجين الذي لا ينجز عمله اليومي كان مصيره السجن بزنزانة انفرادية عقوبة له".

ويلفت إلى أنّ "أصعب شيء على السجناء في تلك الأيام كان قرار تمديد عقوبة السجن"، كاشفًا أنّ "الكثير من السجناء بسبب تمديد العقوبة كانوا يلقون بأنفسهم على الأسوار الشائكة، وكان معروفًا أنّ من يقترب من تلك الأسوار يطلق عليه الرصاص من قبل حراس السجن".

جثث الأطفال "طعام للخنازير"

ويوثّق درانغو كذلك كيف قام النظام الشيوعي بعمليات نفي للكثير من العائلات الألبانية.

يقول: "كانوا يأتون في وسط الليل فجأة ويقتادون عائلات كاملة إلى مراكز احتجاز منعزلة بعيدة. تلك كانت من وسائل الضغط على المعارضين الهاربين حتى يسلّموا أنفسهم".

من أشهر تلك المراكز كان معتقل "تبلينا" في جنوب ألبانيا، الذي يقول السجين السابق عنه إنّه "كان أكثر سوءًا من معتقل ماونهاوزن لليهود أيام النازية".

ويضيف: “بلغت قسوتهم الذروة في معاملتهم للعوائل المحتجزة، حيث كان هناك أطفال صغار يموتون من البرد وقلة الطعام في تلك المعتقلات، وكان الحراس يرمون بجثث الأطفال أمام أعين أهاليهم إلى الخنازير طعاما لها".

عوقب بالسجن لرفضه الطلاق

ويتحدّث السجين السابق ورئيس جمعية السجناء والمضطهدين في ألبانيا زنغل درانغو عن ظاهرة أخرى من زمن الشيوعية، تكمن فيما يسمّى "الزواج القسري"، حيث كان الحزب الشيوعي هو الذي يقوم بتزويج الأفراد.

ويعطي مثالًا عن ذلك امرأة تدعى "ليري بلشوفا" كانت في اللجنة المركزية بقيادة الحزب الشيوعي، وتمّ قتل خطيبها وقالوا لها يجب عليك الزواج من شخص يدعى "ماجو تشومن" القيادي في الحزب الشيوعي وكان أيضًا وزير الزراعة حينها، وهو الآخر قالوا له عليك الزواج.

ويقول: "تمّ إجبارهما على الزواج وتمّ ذلك وأنجبوا أطفالًا، وبعد سنوات كانت المفاجأة حين قرر الحزب أن الزوجة خائنة للوطن فأمروا الزوج بأن يطلّقها. أجابهم الزوج كيف تقولون لي طلّقها وأنتم الذين أجبرتموني على الزواج منها. عوقب الزوج بالسجن سبع سنوات ومن ثم مددت العقوبة لعشر سنوات أخرى لرفضه الطلاق".

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close