Skip to main content

شعب تحت الأنقاض ينتظر الدعم.. أزمة داخل أزمة تفاقم آلام السوريين

الثلاثاء 7 فبراير 2023

يفعل الزلزال المدمر فعله حتى بعد هزاته المميتة، ويزيد من المعاناة المريرة التي يعيشها الملايين من النساء والأطفال والعجزة، في المناطق التي لا تخضع لسيطرة النظام السوري والمناطق الخاضعة لسيطرته.

مدن وقرى عاشت وتعايشت لسنوات على وقع "أنغام" المدافع والصواريخ والبراميل المتفجرة، كأنها جثة مقطعة الأوصال، أودت بها إلى اللجوء والنزوح والاختناق الاقتصادي والاجتماعي ليأتي الزلزال ويبيد حرفيًا - كما تقول فرق الطوارئ - آلاف المنازل، ولا يُبقي لمن تمكن من الهروب من مخالبه سوى أن يلتحف السماء ويفترش الأرض وسط أجواء شتاء قارس لا يرحم.

جهود "الخوذ البيضاء"

منظمة "الخوذ البيضاء"، التي تحفر بأيديها وسط الأنقاض بعدما أخفقت كل نداءاتها في لفت ضمير العالم نحو المأساة المدوية، يؤكد عناصرها أن المناطق التي ضربها الزلزال منكوبة تمامًا، بل يمكن أن تُسمع أصوات أسر تئن تحت الأنقاض عالقة عاجزة.. لكنهم مع فقرهم الشديد في الطريقة والمنقذين والمعدات لا يجدون حيلة أو سبيلًا لإنقاذها.  

ومع اتخاذهم قبل وقت قصير سلسلة خطوات فعلية لمكافحة أول انتشار للكوليرا متجهزين بما يملكونه من أدوات بسيطة لاستقبال عاصفة ثلجية، فإن أوضاع عمليات الإنقاذ كارثية في ظل شح مرعب في الإمكانيات.

وفي الوقت الذي يهرول فيه العالم لتقديم العون والمساعدة، يبدو أن السوريين في الشمال والغرب تخفيهم قمم الأنقاض عن المشاهدة، بينما هم في عين الكارثة.

ورغم المطالبات الأممية المتكررة بضرورة مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية والإنمائية، وعبر الحدود والمعابر بعد السماح لهم من خلال تمديد العمل بالقرار 2642، غير أن المبررات والتعليلات المرافقة لعمليات الإيصال، والتي تحول دون وصول المساعدات، جاهزة.

أقل هذه المبررات تعطل شبكة الطرق والمواصلات ونفاذ الوقود، وأكبرها تداعيات الصراع المميت على مدى سنوات، فتقطيع المناطق والقرى تحت حكم جماعات محسوبة على المعارضة وسواهم ترك البنى التحتية خاوية على عروشها.

وعود بالمساعدة 

يؤكد المسؤول في الدفاع المدني السوري فراس الخليفة، أن الوضع الإنساني لا يزال كارثيًا في شمال غربي سوريا حيت ترتفع حصيلة الضحايا بين دقيقة وأخرى، وبلغت حتى الآن أكثر من ألف قتيل وأكثر من 2400 مصاب.

ويلفت خليفة في حديثه إلى "العربي" من إدلب، إلى أن فرق الدفاع المدني تحاول إنقاذ العالقين، مشيرًا إلى وجود مئات العائلات العالقة تحت الأنقاض، ما يرجح ارتفاع حصيلة الضحايا. 

وبينما يوضح أن الدفاع المدني السوري تواصل مع دول ومنظمات وجهات، يقول: "لا يوجد دعم سوى وعود بإرسال الدعم"، آملًا أن يصل بأسرع وقت قبل فوات الأوان.

الحاجة لفتح المعابر

من جهته، يعتبر الباحث بالمركز العربي في واشنطن رضوان زيادة أن المشكلة الرئيسة تكمن في أن الزلزال ضرب تركيا وسوريا في الوقت نفسه، وهرعت بالتالي جميع دول حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة لمساعدة تركيا لدعمها في مواجهة تداعيات الزلزال، الذي لم يحدث مثيل له منذ مئة عام.

ويقول في حديث إلى "العربي" من واشنطن: إن الموارد تتجه لمساعدة المناطق المتضررة في تركيا، فيما تتجه الموارد الأقل إلى سوريا". 

ويؤكد وجوب "توجيه نداء عاجل لتوجيه بعض الجهود لمساعدة المناطق المتضررة في الشمال السوري، والتي تعيش في كارثة وتعتمد على دور الخوذ البيضاء"، متحدثًا عن الحاجة إلى معدات ثقيلة، وهي غير متوفرة لدى الدفاع المدني السوري.

عمليات الإغاثة مستمرة في المناطق المتضررة داخل سوريا - الأناضول

ويشير إلى أن "معبر باب الهوى، الوحيد الذي يصل هذه المنطقة بتركيا، مغلق الآن"، مشددًا على "ضرورة فتح المعابر الأخرى من أجل دخول المساعدات من تركيا إلى سوريا، وعدم الاكتفاء بإدخال المساعدات عبر القبعات الزرق أو راية الأمم المتحدة".

ويقول: "نحن في لحظة مصيرية، وخلال 24 إلى 48 ساعة، إذا لم يتم التدخل من أجل إنقاذ العالقين فربما نفقد آلاف الأرواح"، مؤكدًا الحاجة لتوفير مساعدة عاجلة للمناطق السورية. 

زيارة تفقدية

من جهتها، تشير المسؤولة في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر مي الصايغ، إلى قيام الاتحاد بتقييم الوضع الدقيق جدًا على الأرض في سوريا، حيث يقوم بزيارة تفقدية إليها للاطلاع على حجم الأضرار.

وتلفت في حديث إلى "العربي" من بيروت، إلى أن فريق الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب تتعاون مع الهلال الأحمر السوري منذ الساعات الأولى على وقوع الزلزال، من خلال صندوق الطوارئ للاستجابة للكوارث.

وتوضح أنه تم تخصيص نحو مليون فرنك سويسري لمساعدة سوريا لمواجهة هذه المحنة. وأن الاتحاد أطلق نداءً لدعم سوريا وتركيا بحوالي 200 مليون فرنك سويسري.  

وإذ تؤكد أن الاتحاد يعمل بمبادئ أساسية منها عدم التمييز ودعم الفئات الأكثر ضعفًا وحاجة، تنفي أن تكون المنظمة تقدم الدعم للمناطق بناء على توجهات سياسية معارضة أو موالية للسلطات الموجودة.

لكن الصايغ تشير إلى أنه بحكم نظام عمل جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر فهي سلطات مساعدة للحكومات الموجودة على الأرض. 

وتشرح أن الدعم الذي خصص لسوريا، هو لتأمين الحاجات الماسة الأساسية، التي تضم المساعدات الطبية وتأمين مأوى وغيرها. 

وبحسب الصايغ، فقد عقد الاتحاد الدولي لمنظمات الصليب الأحمر والهلال الأحمر اجتماعًا إقليميًا شمل الجمعيات في 17 دولة وأعلنت عن استعدادها لمساعدة سوريا.

وتشير إلى أن فرق الصليب الأحمر الإماراتي الكويتي واللبناني قدمت دعمها لسوريا، إضافة إلى جمعيات هلال الأحمر في المنطقة ومنها الهلال الأحمر القطري.  

المصادر:
العربي
شارك القصة