صناعة أثاث الخيزران في غزة.. حرفة تقليدية صامدة رغم الحصار
يبرع فلسطينيون في قطاع غزة بإنتاج قطع أثاث من الخيزران، ويجتهدون للحفاظ على مهنة تراثية تحاكي العراقة، وعلى الرغم من إقبال الناس على شراء الأثاث البلاستيكي المنافس، إلا أنهم يواصلون إبداعهم في مهنة عصية على الاندثار.
فمن بين هؤلاء الحرفيين، أسامة مظلوم الذي يمرر قطع الخيزران في مصنعٍ بغزة على شعلة متوهّجة من النار، ليشكّلها وفق مقاسات محددة لتدخل في صناعة الأثاث الكلاسيكي الجميل.
ولثني القطع الخيزرانية التي ارتفعت درجة حرارتها، يتم استخدام أداة خشبية يطلق عليها اسم المعدلة ثم توضع بسرعةٍ داخل وعاء بلاستيكي مملوء بالمياه لتبريدها وضمان ثنيها.
وفور انتهاء مظلوم من تشكيل القطع الخاصة بصناعة الكرسي، ينشغل زميله بتركيبها وتثبيتها مع بعضها البعض بإتقان باستخدام القش والدبابيس الحديدة الصغيرة، بعد ذلك تضاف اللمسات النهائية عليها عبر طلائها باللون المناسب واللامع وتوفير المقاعد الإسفنجية إن لزم ذلك.
حال حرفة الخيزران في غزّة
في المقابل، ورغم محافظة القطاع على هذا الإرث العريق المتناقل عبر الأجيال، إلا أن أعداد المصانع قد تقلّصت بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية، وانتشار الأثاث البلاستيكي والعصري الذي نافس نظيره المصنوع من الخيزران.
ومن غزّة، يقول محمود البلعاوي الباحث المتخصص في التراث الثقافي: إن حال حرفة الخيزران التقليدية في غزّة مشابه للحرف الأخرى التي تأثّرت من حصار الاحتلال الإسرائيلي على القطاع.
فالمادة الأصلية أي أعواد الخيزران التي تعد العامود الفقري في هذه الحرفة، تجلب من الخارج وليست من البيئة المحلية، وفق البلعاوي الذي يشير إلى أن ظروف الحصار حدّت من القدرة على استيراد هذه المادة.
ويشرح في حديث مع "العربي": "قبل أن يشتد الحصار على غزّة أي منذ حوالي الـ10 سنوات، كان سعر العود الواحد من الخيزران نحو 3 دولارات أما اليوم فيلامس الـ 8 دولارات، ما يفرض كلفة زائدة على المواد الخام الخاصة بالمهنة".
صناعة صامدة
بالإضافة إلى ذلك، يلفت الباحث المتخصص في التراث الثقافي إلى أن السوق "قد غرق" بالمنتجات المنافسة، مثل الأثاث المصنوع من الخشب والمعادن والبلاستيك، وهو ما يؤثر بشكل مباشر أيضًا على واقع هذه المهنة التراثية.
ومع التراجع الحاد بأعداد الورش التي تصنع أثاث الخيزران، يشددّ البلعاوي على أن هذه الصناعة لا تزال صامدة في القطاع الذي ينتج أثاثًا محليًا قادرًا على منافسة المنتجات الأجنبية، خاصة وأن الورش التي ما زالت قائمة هي مصانع أصيلة يمتد عمر القائمين عليها أكثر من 3 أجيال.