Skip to main content

صوّرت رحلة عبورها من تونس إلى إيطاليا.. "مؤثرة" تثير الجدل والغضب

السبت 19 فبراير 2022

أثارت المؤثرة التونسية شيماء بن محمود، جدلًا كبيرًا بعد نشرها مقطع فيديو يوثق رحلة عبورها البحر الأبيض المتوسط من تونس إلى سواحل لامبيدوزا الإيطالية، تظهرها وكأنها "مثالية".

وتشهد تونس تدهورًا كبيرًا في الأوضاع الاقتصادية مع تفاقم معدلات البطالة، الأمر الذي رفع محاولات الهجرة غير النظامية في خضم التحذير من مخاطرها، في حين يرى البعض أن هذا الخيار هو الأخير للهروب من بلد تتفاقم فيه الأزمات يومًا بعد يوم.

وفي التفاصيل، نشرت شيماء بن محمود عبر تطبيق "تيك توك" لقطات صورتها بنفسها عن الرحلة الخطيرة التي خاضتها في قلب البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا وصفت وكأنها تروّج لها على أنها "أمر مقبول" وأن رحلات الهجرة التي غالبًا ما تكون محفوفة بالمخاطر "سهلة وميسرة وخالية من الهموم".

شيماء ليست الوحيدة

لم يكن ما عرضته المؤثرة شيماء الأول من نوعه، بحيث سبقتها إليه المؤثرة التونسية سباء السعيدي حيث يبدو أن نجوم مواقع التواصل الاجتماعي يرون في هذه الرحلات "بصيص أمل وفرصة لحياة أفضل".

إلا أن مات هربرت المدير في المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة يرى أن "ما تفعله وسائل التواصل الاجتماعي ولا سيما مقاطع الفيديو التي تظهر شبابًا يهاجرون على متن القوارب هو إزالة الغموض الذي يلف هذه الرحلات".

ويضيف: "يقوم المؤثرون بعرض رحلة مخيفة للغاية تخطو إلى المجهول على أنها أمر مقبول وخصوصًا أنهم يوثقون المسار الخطير الذي يسلكونه".

كذلك، يقول معارضو هذه الفيديوهات إن هذه الأفعال ترويج لرحلات تخلف آلاف القتلى كل عام، فالأرقام تشير إلى مقتل أكثر من 2000 شخص في المتوسط عام 2021 فقط.

وتقول آيلا بونفليجو الخبيرة في شؤون اللاجئين إنّ النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي والقادة السياسيين بشكل عام "غاضبون بشدة من رحلة الشابة التونسية والسبب هو قولها إنه لم يكن لديها ولدى رفاقها على القارب خيارًا آخرًا سوى اللجوء إلى تلك الرحلة الخطيرة".

وتعدّ تونس إحدى نقاط الانطلاق الرئيسة لآلاف المهاجرين الذين يغامرون بالرحلة التي يصفونها بـ"لبحرقة" هربًا من واقعٍ أكثر حرقة.

انعكاسات هذا "الترويج"

ومن تونس يتحدث حمزة السعيدي رئيس منظمة "مغيّرون" لـ"العربي"، عن انعكاسات نشر مثل هذه الفيديوهات التي تروّج للهجرة غير النظامية وكأنها رحلة سياحية، محذّرًا من خطورتها، ولا سيما أن هذا الأمر أصبح بمثابة هاجس لبعض الشباب التونسيين الهاربين من الواقع المرّ في موطنهم.

ويشدد على أن "العرض الشكلي الذي قامت به شيماء بن محمود وغيرها من المؤثرين يمكن أن يوصف على أنه رسالة نجدة يحاولون من خلالها القول إنهم يبحثون عن أمل حتى وإن كلفنا هذا الأمر خوض رحلة لا نعرف نهايتها".

لكن في الوقت عينه ينبّه السعيدي إلى أن "الحرقة" تحصد العديد من الأرواح في تونس، واصفًا هذه الرحلات بالخطيرة لا بل الكارثية، مستنكرًا "تسهيل هذا الموضوع لحد استثماره كمادة إعلامية رومنسية على شبكة الإنترنت وكأنها رحلة صيفية".

ويدعو في هذا السياق السلطات الرسمية التونسية مع المجتمع الدولي إلى النظر في هذا الملف بطريقة جدية وإيجاد حلول مشتركة كي لا تتحول مثل هذه الحوادث إلى مادة محفّزة للشباب "ليلقوا أرواحهم في عرض البحر".

أما عن الحلول المطروحة لهذه الإشكالية فيعتقد رئيس منظمة "مغيّرون" أنه يمكن فتح منافذ قانونية تسهّل عمليات الهجرة وتجعلها قانونية وبالتالي أكثر أمانًا، متحدثًا عن أن حلّ العراقيل في هذا الملف يبدأ بعدم تحميل الدول المعنية بعضها البعض المسؤولية الفردية عنها.

ويضيف: "لا بد أن يكون الحل ثنائيًا بين الدول التي تنطلق منها هذه الرحلات والدول التي يصل إليها المهاجرون، وذلك من خلال تشريك الهياكل الأممية والمجتمعات المدنية المعنية بهذا الملف لتنظيم هذه العملية".

ووفق السعيدي عندما تصل هذه الرحلات غير النظامية إلى البلدان المقصودة لا بد من النظر أيضًا إلى حاجات المهاجرين كالمساكن وغيرها من الاحتياجات الإنسانية اليومية.

المصادر:
العربي
شارك القصة