Skip to main content

فضائح "بيغاسوس".. إسرائيل عرضت "حقائب من المال" للولوج إلى شبكة خلوية عالمية

الأربعاء 2 فبراير 2022

تواصل صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية الكشف عن فضائح شركة "إن إس أو" ( NSO) الإسرائيلية المسؤولة عن برنامج التجسّس "بيغاسوس" (Pegasus)، حيث أكدت أن الشركة الإسرائيلية عرضت على ممثّلي شركة أميركية متخصّصة في الأمن الإلكتروني للهواتف الذكية "حقائب من المال" مقابل الحصول على تصريح للولوج إلى شبكة خليوية عالمية.

وأعلنت الصحيفة أنها راجعت شهادات سرية قُدّمت لوزارة العدل الأميركية، زعم فيها غاري ميلر، الخبير في مجال أمن الهواتف الذكية، أنه تلقّى العرض خلال اجتماع بالهاتف، في أغسطس/ آب عام 2017، جمع بين مسؤولين في المجموعة الإسرائيلية وممثلين عن الشركة التي كان يعمل فيها آنذاك "Mobileum"، ومقرّها ولاية كاليفورنيا، والتي تزوّد خدمات الأمن الإلكتروني للشركات الخلوية حول العالم.

وعام 2021، وجدت "إن إس أو" نفسها في قلب فضيحة تجسّس عالمية بعد تحقيق تحت عنوان "مشروع بيغاسوس" (Pegasus Project)، نشرته 17 وسيلة إعلاميّة دوليّة اعتبارًا من 18 يوليو/ تموز، وكشف أنّ برنامج "بيغاسوس" سمح بالتجسّس على ما لا يقلّ عن 180 صحافيًا و600 شخصية سياسية و85 ناشطًا حقوقيًا و65 صاحب شركة في دول عدّة.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وضعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، "إن إس أو" على القائمة السوداء للولايات المتحدة، والتي قالت إنّ لديها دليلًا على أن الشركة الإسرائيلية كانت تمكّن الحكومات الأجنبية من ممارسة "قمع عابر للحدود الوطنية".

التجسّس على الهواتف الخلوية

وأوضح ميلر أن مسؤولي "مجموعة إن إس أو" كانوا يُحاولون الحصول على إذن بالدخول إلى شبكة "SS7"، والتي تساعد الشركات الخلوية في تسيير المكالمات والخدمات عندما يجول مستخدموها العالم.

وتُحاول شركات المراقبة الدخول إلى شبكات الاتصالات الخلوية لتحديد المواقع الجغرافية لأهدافها وخدمات أخرى، وعادة ما تقوم الشركات الخليوية بمنعها من الولوج إلى شبكة "SS7" عبر جدران حماية "firewalls"، كي تحظر الوصول إلى المعلومات الشخصية لعملائها.

وتأتي مزاعم ميلر تزامنًا مع تحقيق جنائي تجريه وزارة العدل الأميركية حول مزاعم تشير إلى أن وكلاء "إن إس أو" تمكّنوا من اختراق الهواتف الخليوية ووظّفوا خدمات المجموعة الإلكترونية لإساءة استخدام شبكات الكمبيوتر، وفقًا لما قاله أربعة أشخاص مطلّعين على التحقيق للصحيفة.

في المقابل، نفت "مجموعة إن إس أو" في بيان للصحيفة الأميركية أن تكون قد أجرت أي أعمال مع "Mobileum"، مضيفة أنها "لا تستخدم أوراقًا مالية وسيلة للدفع في أعمالها"، وأنها ليست على علم بأي تحقيق تجريه وزارة العدل الأميركية.

وعمل ميلر نائبًا لمدير في شركة "Mobileum"، لكنه غادرها عام 2020، ويعمل حاليًا في شركة "سيتيزن لاب"، التي تُعدّ من أبرز المنتقدين لنشاطات الرقابة التي تديرها مجموعة "إن إس أو".

وقال ميلر: "كانت مجموعة إن إس أو مهتمة بشكل خاص بشبكات الهاتف المحمول. وذكروا صراحة أن منتجهم مصمّم للمراقبة، وأنه مصمّم لمراقبة الأشرار لا الأخيار".

حقائب من المال

وفي شهادته التي قدّمها لوزارة العدل، أشار ميلر إلى أن "أحد ممثلي Mobileum قال للمجموعة الإسرائيلية إن شركات الأمن لا تمنح عادة خدمات لشركات المراقبة"، لكنّ عمري لافي، الشريك المؤسس لـ"إن إس أو"، ردّ عليه قائلًا: "سنترك حقائب من المال في مكتبك".

من جهته، نفى متحدث باسم لافي، في بيان، أن يكون الشريك المؤسس للشركة الإسرائيلية قد تفوّه بتلك الجملة، وأنه في حال استخدمها فإنه "من باب الدعابة".

بدوره، قال المدير التنفيذي لشركة "Mobileum" بوبي سرينيفاسان، في بيان: إن شركته "لا تربطها، ولم تربطها سابقًا، أي أعمال مع إن إس أو غروب".

لكنّ ميلر أكد، في مقابلة مع الصحيفة، أنه قدّم لأول مرة المحادثة التي جرت إلى بوابة معلومات "إف بي آي" على الإنترنت عام 2017، وذلك بعد عدة أشهر من المكالمة مع "إن إس أو"، لكنه لم يتلق أي رد.

كما أضاف أنه قدّم إفصاحات أكثر تفصيلًا حول الأمر إلى وزارة العدل العام الماضي، كما قدّم نسخًا إلى لجنة الاتصالات الفدرالية ولجنة الأوراق المالية والبورصات.

إحالة جنائية إلى وزارة العدل

بشكل منفصل، شارك ميلر العام الماضي الأمر مع النائب الأميركي تيد ليو (ديمقراطي من كاليفورنيا)، المهتمّ في قضايا الأمن الخلوي. وفي 27 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أرسل ليو إحالة جنائية إلى وزارة العدل. كما شارك نسخًا منقّحة من إفصاحات ميلر مع منظمة "فوربيدن ستوريز" غير الربحية التي تتّخذ من باريس مقرًا لها، في إطار "مشروع بيغاسوس" (Pegasus Project).

وقال ليو، في إحالته إلى وزارة العدل: إن "الدخول إلى شبكة SS7، سيسمح للشركة الإسرائيلية بالتجسّس على أعداد هائلة من الهواتف المحمولة في الولايات المتحدة والدول الأجنبية".

وأضاف ليو، في مقابلة مع الصحيفة الأميركية، أن طريقة الدفع المقترحة، أي "الحقائب النقدية" المزعومة، أقنعته بأنه ربما تمّ التفكير في عمل إجرامي، حتى لو لم يتضمّن الرسالة التي شاركها ميلر أي دليل مباشر على عدم قانونية الأمر".

وقال ليو: "يبدو الأمر مريبًا حقًا، ولهذا السبب أريد من وزارة العدل التحقيق في الأمر".

نوايا إجرامية

وفي هذا الإطار، قالت أورين كير، أستاذة القانون بجامعة كاليفورنيا في بيركلي والمتخصصة في جرائم الكمبيوتر: إن رواية ميلر للمحادثة لا تصف بالضرورة "جريمة، ولكنها تشير إلى احتمال وجود نوايا إجرامية"، مضيفة أن الأمر "مريب للغاية، وقد يكون جزءًا من محاولة ارتكاب جريمة".

وخلال شهادته أمام وزارة العدل، قال ميلر: إن الأشخاص الذين مثّلوا شركة إن إس أو خلال المكالمة عام 2017، هم: إلى جانب لافي، شاليف هوليو، المؤسس المشارك الثاني الذي يشغل أيضًا منصب الرئيس التنفيذي للشركة، وإيران غوريف، الذي كان في ذلك الوقت شريكًا تشغيليًا لشركة "شركاء فرانسيسكو"، وهي شركة استثمار تمتلك حصة في الشركة الإسرائيلية.

من جهته، قال جون تاي، محامي ميلر: إن الانتهاكات التي يرتكبها عملاء "إن إس أو" تجعل جهود الشركة للوصول إلى "SS7" مثيرة للقلق بشكل خاص، نظرًا إلى أنّ الشبكة تتضمّن معلومات عن كل عميل خلوي في العالم.

وأضاف تاي: "نحن نعلم الآن أن الشركة الإسرائيلية حاولت شراء الوصول إلى اتصالاتنا المحمولة. يجب أن يشعر كل أميركي بالرعب جراء ذلك، لذلك نحثّ وزارة العدل على التحقيق فيما إذا تم انتهاك القوانين".

المصادر:
العربي - ترجمات
شارك القصة