Skip to main content

"قاتلنا كفاية".. كيف تصف عائلات القتلى الروس الحرب في أوكرانيا؟

السبت 9 يوليو 2022

مرّ أكثر من أربعة أشهر على بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، بينما لا تزال موسكو تحجم عن كشف الحجم الحقيقي لخسائرها البشرية.

وفي مارس/ آذار الماضي، أعلنت الحكومة الروسية، رسميًا ولآخر مرة، عن مقتل 1351 جنديًا روسيًا. في المقابل، تحدّثت القوات الأوكرانية عن مقتل أكثر من 30 ألف جندي روسي، وإن كان لا يُمكن التحقّق من الرقم بشكل مستقل.

من جهته، يؤكد موقع "ميديزونا" الروسي المستقل، مقتل "ما لا يقلّ عن 4238 عسكريًا روسيًا، حتى 30 يونيو/ حزيران الماضي"، مضيفًا أن أعمار معظم المتوفين تتراوح بين 21 و23 عامًا، وأن مئات آخرون هم دون العشرين من العمر.

ووفقًا للموقع، ينحدر معظم المتوفين من الشباب من القرى والبلدات الصغيرة في المناطق الفقيرة.

لا حرب دون ضحايا

بالنظر إلى فرص العمل الضئيلة في الريف، يمثّل توقيع عقد مع الجيش فرصة لكسب أجر معيشي.

وأوضح سيرغي كريفينكو، منسق مشروع "المواطنون والجيش"، وهو مشروع دفاعي لحقوق الإنسان، في حديث لموقع "سلات" الفرنسي أنه: "في وقت السلم، يكسب الجندي بموجب عقد ما بين 30 ألف و70 ألف روبل شهريًا (545 إلى 1270 يورو)، إن لم يكن أكثر".

واستطلع الموقع الفرنسي آراء أهالي بعض القتلى، الذين كانوا حريصين ألا يتحدثوا إلى وسائل الإعلام، لكنه نجح رغم ذلك في استقصاء بعضهم.

واكتفى أحدهم بالقول: "إذا تحدّثنا عن خسائر في صفوف المدنيين ودمار للمدن، ماذا تريدني أن أخبرك؟ لا حرب من دون ضحايا".

بدورها، قالت داريا كاجيا (22 عامًا) للموقع: إن خطيبها فلاديسلاف ياكشامين (28 عامًا)، توفي في أوكرانيا في 15 أبريل/ نيسان الماضي. وأضافت أنهم كانوا قد خطّطوا للزواج في نهاية يونيو/ حزيران.

ولفتت إلى أن السلطات الروسية سبق أن أرسلت ياكشامين إلى سوريا، ثمّ جرى إرساله إلى أوكرانيا.

وروت أنه في 30 مارس، يوم عيد ميلاده "اتصل بي بالفيديو، ورأيت كيف تغيّر جسديًا. لم يقل الكثير، لم يكن مسموحًا له بذلك. كان قادرًا فقط على إخباري أنهم يأكلون وينامون في الدبابات أو في المركبات المدرعة".

وأضافت: "توفي وزملاؤه في إقليم خاركيف، لكن لم يتّضح بعد كيف مات بالضبط، لأن هناك العديد من الروايات حول مقتله".

وكشفت أنها حاولت إقناعه بالعدول عن المشاركة في هذه الحرب عدة مرات، "قلت له ليس لديك أي التزامات، ليس لديك رهن عقاري أو قرض، لست مدينًا لأحد بأي شيء، إذا أصبح الموقف متوترًا للغاية، يمكنك المغادرة والعودة إلى المنزل. لكنه ردّ بأنه لا يتخلّى عن بلده".

وأضافت بحسرة: "لا أستطيع أن أقول أي شيء من وجهة نظر سياسية، لكن عندما كان فلاديسلاف هناك، كان بإمكاني فقط أن أؤيده وأن أكون معه؛ اليوم لا أعرف ماذا أفكر، لقد قاتلنا بما فيه الكفاية، على ما أعتقد. أتمنى ألا يكون هناك المزيد من الضحايا في جيشنا".

لم يرغب في الذهاب للقتال

بدوره، روى مواطن روسي، طلب عدم الكشف عن هويته، أن صديقه الجندي (25 عامًا) ويدعى أرتيوم من منطقة الأورال، توفي في إقليم لوغانسك في 21 مارس.

وقال: "عندما ذهب أرتيوم إلى أوكرانيا، لم يخبر والديه حتى لا يقلقهما. في البداية، لم يرغب في الذهاب، لكنه اعتقد أخيرًا أنه سيكون على ما يرام، لأن الجنود الآخرين الذين كان يسافر معهم كانوا أناسًا طيبين".

في المقابل، قام العديد من الروس الذين فقدوا أحد أفراد أسرتهم في القتال في أوكرانيا بعرض الأعلام الروسية في صورهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى الرموز العسكرية "Z" و "V" للتعبير عن دعمهم لـ"العملية".

وأوضح الموقع الفرنسي أنه عندما لا يسمع آباء بعض الجنود عنهم منذ فترة طويلة، فإنهم يستخدمون أكبر شبكة اجتماعية في روسيا "فكونتاكتي"، للعثور عليهم.

وأضاف الموقع الفرنسي أن العديد من العائلات تفضّل إظهار تضامنها مع المتوفين من خلال عدم التقليل من تضحياتهم. ومع ذلك، هناك عائلات لا تُوافق على ما تفعله روسيا في أوكرانيا وتتمنّى ألا يتم إرسال أحبائها إلى هناك.

أود أن تنته الحرب بسرعة

وقالت إيلينا، من بلدة شميخا الصغيرة في منطقة الأورال، إن شقيقها البالغ من العمر 24 عامًا تُوفي تاركًا زوجته وابنه البالغ من العمر عامين يتيمًا.

وأضافت للموقع: "رأيناه لآخر مرة في  16 يناير/ كانون الثاني، قبل أن يتم إرساله إلى أوكرانيا. لم نكن نريده أن يذهب إلى هناك. كانت آخر مرة اتصل فيها بزوجته في الأول من مارس، وقال إن كل شيء على ما يرام. وفي 5 مارس، توفي بعد أن أصيبت سيارته خلال القصف".

وأضافت: "لم نعد نتابع الأخبار بعد الآن، إنها مؤلمة للغاية الآن. لم نهدأ بعد، نحن نبكي كل يوم. أنا لا أؤيد العملية العسكرية الخاصة، لأنها تنطوي على قتل شبان أبرياء. لا نريد التحدث عن ذلك في الأسرة، لكنني أعتقد أن والدينا وزوجة أليكسي لا يوافقون على ذلك أيضًا. أود أن ينتهي كل هذا بسرعة".

واعتبر الموقع أن روسيا مترددة في إظهار خسائرها، والتبليغ عن عدد الضحايا في جيشها، لكن بات من الصعب إخفاء القبور الجديدة في المقابر في جميع أنحاء البلاد والسيطرة على ما يمكن أن يقوله أقارب الجنود القتلى على العلن.

المصادر:
العربي - ترجمات
شارك القصة