"مجموعة الموت" في مونديال قطر.. مواجهات "ثأرية" ونكهة "سياسية"
تنطلق منافسات المجموعة الثانية في مونديال قطر 2022، يوم 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بلقاء سيجمع المنتخبين الإنكليزي والإيراني عصرًا على استاد خليفة الدولي، فيما تواجه ويلز منتخب الولايات المتحدة مساء اليوم نفسه، في استاد أحمد بن علي.
وفيما يتجه أكثر المحللين لمنح منتخبي إنكلترا وأميركا بطاقتي العبور للدور الثاني، تبقى كل السيناريوهات واردة في مجموعة وُصِفت بأنّها "مجموعة الموت"، وهي المشتعلة بنار "الثأر والسياسة" في آنٍ، حيث تتّجه الأنظار فيها إلى مواجهة مرتقبة في الأفق، لمحو آثار خيبة استمرّت 24 عامًا، وعودة تاريخية لمنتخب غاب عن البطولة لمدة 64 عامًا.
وفي سياق قراءة أهم المسارات والتوقعات للمجموعات الثماني المتنافسة، يسلط برنامج "أبطال الثمانية" الذي أطلقه "أنا العربي" مواكبة للمونديال، في حلقته الثانية الضوء على المجموعة الثانية التي تضم الولايات المتحدة وإيران وإنكلترا وويلز، وذلك بعد حلقة أولى تمحورت حول "مجموعة العنابي" وما ينتظرها على أكثر من صعيد.
إنكلترا.. العرّاب ذو الكأس الوحيدة
بين منتخبات المجموعة الثانية في مونديال قطر، منتخب واحد يحمل لقبًا عالميًا في رصيده، وهو المنتخب الإنكليزي، صاحب لقب "الأسود الثلاثة".
ويُعَدّ المنتخب الإنكليزي عرّاب كرة القدم، كيف لا وهو صاحب الدوري الأقوى في العالم، ولو أنّه لم يعانق الكأس الذهبية، سوى على أرضه وأمام جماهيره سنة 1966.
لكن مجد الإنكليز في المونديال ظلّ دائمًا محلّ تشكيك بسبب هدف المهاجم جيف هيرست في الشباك الألمانية بعد أن سدد كرة قوية اصطدمت بالقائم وسقطت على خط المرمى في لقطة شهيرة أثارت الجدل لسنوات.
هذه المرة، سيقود المنتخب الإنكليزي، المدرب غاريث ساوثغايت الذي نجح في بلوغ المربع الذهبي في نسخة المونديال السابقة في روسيا، وكان قاب قوسين أو أدنى من التتويج بكأس أمم أوروبا في 2021 لولا لعنة ركلات الترجيح أمام إيطاليا.
وسيعوّل ساوثغايت بالتأكيد على نجاعة مهاجمه الأول هاري كين ثاني الهدافين في تاريخ المنتخب، والطامح لكسر رقم روني خلال هذا المونديال.
وستضمّ القائمة أيضًا عناصر شابة أخرى متألقة على غرار نجمي مانشستر سيتي فودين وغريليتش ولاعب أرسنال ساكا.
وإذا كانت الدفاعات الإنكليزية تُعتبَر الأقوى في أوروبا، إلا أن ساوثغايت قد يجد نفسه مـضطرًا للاعتماد على الظهير أرنولد رغم تشكيكه في إمكانياته الدفاعية.
كما يبدو أنه مُصرٌّ على تثبيت ماغواير في التشكيلة الأساسية متناسيًا أخطاءه التي أصبحت مثار سخرية لدى الجماهير، وأبعدته عن التشكيلة الرئيسية للشياطين الحمر.
ولطالما كانت حراسة المرمى دائمًا نقطة ضعف واضحة لدى الإنكليز منذ عهد بانكس، فهوية الحارس الأول للأسود الثلاثة لا تزال تثير الجدل وسط تفضيل ساوثغايت لبيكفورد في ظل صعود نجوم آخرين.
الحلم الأميركي.. "قصة ثأر"
ستكون إنكلترا على موعد مع مباراة ثأرية من نوع خاص أمام الولايات المتحدة، وذلك لأن الأسود الثلاثة هُزموا هزيمة لا تُنسى من الأميركيين في النسخة الرابعة من كأس العالم عام 1950.
حينها، انتصر لاعبو المنتخب الأميركي على أسياد اللعبة بمنتخب ضم هواة وعمال مصانع ومناجم، وهو ما صدم الجميع، لدرجة أن الصحفيين البريطانيين اندهشوا من برقية وكالة رويترز، التي أفادت وقتها بأن المباراة انتهت بنتيجة (0-1) وظنوا أن هناك خطأ مطبعيًا، معلنين في صحفهم فوز إنكلترا (10-1).
وبعد 50 عامًا على تلك الواقعة، التقى المنتخبان من جديد، وسنحت الفرصة للإنكليز بالثأر في مونديال 2010، إلا أنهم لم يتمكنوا من الانتقام، ولم يخرجوا بأكثر من تعادل.
أما المواجهة التالية، فسيدخلها المنتخب الأميركي بتشكيلة من جيل استثنائي، حيث يلعب غالبيتهم في أقوى الدوريات الأوروبية، فهل تفعلها أميركا مجددًا، أم ينهي الإنكليز "ثأرهم" الذي طال أمده؟
إيران.. "مواجهة بنكهة سياسية"
وعلى ذكر الحسابات القديمة، فإن الرهان الأميركي على جيل استثنائي من لاعبي أعتى الفرق الأوروبية، سيصطدم بمباراة نارية أمام المنافس الإيراني، لها اعتبارات سياسية، بعد خيبة استمرت 24 عامًا، ويطمح "الأمريكان" إلى محو أثرها في قطر.
ولم تُخفِ باقات الورود والصور التذكارية أجواء التوتر التي سادت بين البلدين في آخر لقاء بينهما في مونديال فرنسا عام 1998، حتى إن رئيس الاتحاد الأميركي لكرة القدم قال حينها، قال بعدما أوقعت قرعة مونديال 1998 فريقه مع إيران: "كلّ ما نحتاجه هو حكمٌ عراقي".
في تلك المباراة، فازت الكتيبة الفارسية بنتيجة (2-1)، وهي ستحاول إعادة الكرّة في قطر في لقاء ينتظره الساسة قبل عشاق الكرة.
ويعتمد الإيرانيون في مشاركتهم السادسة في كأس العالم على مدربهم العائد إليهم من جديد البرتغالي كارلوس كيروش، الذي سيعتمد كالعادة على التنظيم الدفاعي، وسرعة الانتقال. كما يراهن المنتخب أيضًا على دفاعاته الصلبة، وخطّ هجوم ناري بقيادة مهدي طارمي وسردار أزمون.
ويلز.. العودة من عام 1958
ويبقى منتخب ويلز، الذي يملك "رمزية خاصة" في هذه المجموعة، إذ لم يسبق لمنتخب أن فصل بين وجوده في نسختين من المونديال 64 عامًا، إلا "منتخب التنانين" أو منتخب ويلز.
وتُعتبَر ويلز أولى الدول التي مارست كرة القدم بشكلها الحالي، فاتحادها تأسس عام 1876، وهو يعد ثالث أقدم هيكل محلي في العالم.
"التنين الأحمر" لم يشارك إلا نادرًا في المسابقات القارية والدولية، وبحضور وحيد في مونديال 1958، لكنه ترك أثرًا مميزًا في كل حضور، ونجح في التأهل من الأدوار الإقصائية كما فعل في بطولتي كأس أمم أوروبا 2016 و2020.
وعلى مدار سنوات، حظي لاعبو ويلز بمكانة مرموقة وعُرف المنتخب بنجوم كـريان غيغز، وأيان راش، وبلامي، ومارك هيوز، وهو يراهن بقوة في هذه النسخة على نجومه البارزين اليوم مثل غاريث بيل، وآرون رامسي، ودانيال جيمس.
وستكون هذه المشاركة خاصة لويلز، فكأس العالم هذه المرة سيشهد دربي بريطاني لأول مرة في تاريخه، خلال اللقاء المرتقب مع جارهم المنتخب الإنكليزي.
ويبقى للدربي البريطاني حساباته الخاصة، فرغم فوارق الخبرة والإمكانيات بين المنتخبين، فإنّ طموح ويلز بالتأهل يظلّ مشروعًا.
في 21 نوفمبر إذًا، تنطلق مواجهات "مجموعة الموت"، فهل تنحصر بطاقتا التأهّل فعلًا بالمنتخبين الأميركي والإنكليزي كما يرجّح معظم عشاق الكرة، أم يكون للمفاجآت موقعها؟
بانتظار كلمة الملاعب، يمكنكم الاطلاع على كل ما تحتاجون إلى معرفته عن المجموعة الثانية، والأندية المنضوية فيها، في الفيديو المرفق من برنامج "أبطال الثمانية"، ضمن سلسلة برامج "أنا العربي" المواكبة للمونديال.