مرض غامض رغم شيوعه.. ما هي متلازمة التعب المزمن؟

يشعر بعض الأشخاص بإرهاق شديد قد يستمرّ لأشهر طويلة، من دون إمكانية تفسيره بحالة مرضية محدّدة، ما يؤشر لإصابة الشخص بما يُعرَف بـ"متلازمة التعب المزمن".

فما هي هذه المتلازمة؟ وما مدى خطورتها؟ ما هي أعراضها؟ وهل يمكن التخلّص منها؟

تعد متلازمة التعب المزمن مرضًا خطيرًا طويل الأمد يؤثر على العديد من أجهزة الجسم. وغالبًا ما لا يتمكن الأشخاص المصابون بهذه المتلازمة من ممارسة أنشطتهم المعتادة بسبب التعب الشديد ومشاكل النوم.

ووفقًا لتقرير معهد الطب، فإنّ أكثر من 2.5 مليون أميركي ربما يعانون من متلازمة التعب المزمن، إلا أنّه لا يتمّ تشخيص ما يصل إلى 90% منهم.

وينقل موقع "لايف سينس" عن الطبيب والمدير السريري في شركة "وان داي تستس" لفحوصات الدم في بريطانيا قوله: "إن متلازمة التعب المزمن هي حالة غامضة ومحبطة بشدة"، مشيرًا إلى أنها لا تزال غير مفهومة رغم أنها شائعة.

ووفقًا للمركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن جميع الأعراض الأساسية الثلاثة إضافة إلى أحد الأعراض الثانوية على الأقل مطلوبة لتشخيص متلازمة التعب المزمن. 

أعراض متلازمة التعب المزمن الأساسية

ويعد التعب الشديد والانخفاض الكبير في مستوى النشاط الذي يستمر ستة أشهر أو أكثر، أحد الأعراض الأولية للمتلازمة، بشرط أن يكون الإرهاق مستجدًا، وليس نتيجة لنشاط صعب غير معتاد، ولا يهدأ بعد النوم.

ومن الأعراض الأساسية أيضًا لمتلازمة التعب المزمن شعور المريض بالضيق الشديد بعد القيام بمجهود ما. 

وتبرز مشاكل النوم ضمن أعراض المتلازمة الشائعة. فقد لا يشعر المريض بالتحسن حتى بعد ليلة نوم كاملة. وقد يشكو بعض الأشخاص الذين يعانون من متلازمة التعب المزمن من مشاكل في النوم أو حتى ينامون بكثرة. 

ماذا عن الأعراض الثانوية؟

تشمل الأعراض الثانوية لمتلازمة التعب المزمن صعوبة التفكير بسرعة، إضافة إلى مشاكل في الذاكرة وقلة الانتباه للتفاصيل.

وقد يشعر المصاب بالمتلازمة بالدوار أو الضعف أو الإغماء أثناء الوقوف أو الجلوس.

ووفقًا للمركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، تشمل الأعراض الشائعة الأخرى للمتلازمة آلام العضلات والمفاصل والغدد اللمفاوية وآلام الحلق إضافة إلى مشاكل في الجهاز الهضمي. 

كما يعاني البعض من القشعريرة والتعرق الليلي والحساسية تجاه الأطعمة أو الروائح أو المواد الكيميائية أو الضوء أو الضوضاء. وقد يترافق ذلك مع ضعف في العضلات وضيق التنفس واضطراب نبضات القلب.  

تشابه مع أعراض اضطراب القلق

وقد تتشابه أعراض التعب المزمن مع أعراض اضطراب القلق وهي الشعور بالضيق والتعب بسهولة والصداع وصعوبة التركيز وآلام العضلات والمعدة، إضافة إلى مشاكل في النوم.

وكانت المختصة النفسية، سندس دحادحة، قد أشارت في حديث سابق إلى "العربي" من اسطنبول، إلى أن القلق هو ردة فعل طبيعية للمواقف السلبية التي يتعرض لها الإنسان عادةً، لكنه يكون مرضيًا عندما يصبح غير مبرر مع انعدام الأسباب لذلك، حيث يصبح المصاب في حالة تأهب داخلي من دون وجود أي محفّز خارجي.

ولفتت دحادحة إلى أن الشخصيات العاطفية وتلك التي تبحث عن الكمال في الحياة هي الأكثر تعرضًا لهذا الاضطراب. 

أسباب متلازمة التعب المزمن

وتعتبر متلازمة التعب المزمن أكثر شيوعًا بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و60 عامًا. وتتأثر النساء أكثر من الرجال، بحسب المركز الأميركي، الذي يشير إلى أن أسباب متلازمة التعب المزمن لا تزال غير واضحة.

ويقترح العلماء عدة أسباب تتم دراستها للتأكد من تأثيرها، وتشمل العدوى الفيروسية المزمنة وعدم انتظام الجهاز المناعي والتوتر، إضافة إلى عوامل وراثية منها تشوهات في نظام القلب والأوعية الدموية وطفرات جينية. 

فهناك أدلة مقنعة على أن بعض حالات متلازمة التعب المزمن قد تكون ناجمة عن استجابات المناعة الذاتية المفرطة، وفقًا لمراجعة 2018 المنشورة في مجلة مراجعات المناعة الذاتية. 

ووفقًا لمراجعة نُشرت في مجلة الكلية الأميركية لأمراض القلب عام 2021، غالبًا ما يعاني مرضى  متلازمة التعب المزمن من تشوهات في نظام القلب والأوعية الدموية. وقد يكون انخفاض استهلاك الأكسجين في الرئتين سمة رئيسية أخرى لمتلازمة التعب المزمن، وفقًا لمراجعة نشرت في المجلة الدولية للطب الرياضي عام 2019.

كما أظهرت الدراسات أن 199 تعديلاً جينيًا منتشرة عبر 14 جينًا مختلفًا كانت موجودة لدى 91% من المصابين بالمتلازمة، وفقًا لمراجعة نُشرت في مجلة الطب الانتقالي عام 2022. 

وأظهرت دراسات التصوير بالرنين المغناطيسي تغييرات هيكلية في المادة البيضاء والرمادية في دماغ مرضى متلازمة الإجهاد المزمن، وفقًا لمراجعة نُشرت في مجلة "فرونتيرز إن نيرولوجي" عام 2021.

التشخيص والعلاج

لا يتم تشخيص متلازمة التعب المزمن إلا بعد استبعاد جميع الأسباب الأخرى للأعراض، استنادًا إلى فحوصات الحالة الجسدية والعقلية. ولا يوجد اختبار لفحص المتلازمة. 

كذلك لا يوجد علاج أو دواء معروف للمتلازمة. ومع ذلك، يمكن إدارة بعض الأعراض، وفقًا للمركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.