الخميس 25 يوليو / يوليو 2024

مساعدات مالية وحملات تبرع بالدم.. كارثة درنة توحد الليبيين

مساعدات مالية وحملات تبرع بالدم.. كارثة درنة توحد الليبيين

شارك القصة

مراسل "العربي" في ليبيا يواكب حملات التبرع بالدم لفائدة ضحايا فيضانات درنة (الصورة: غيتي)
نفى المتحدث باسم الهلال الأحمر الليبي أن تكون حصيلة ضحايا كارثة درنة قد بلغت 11.300 قتيل، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة.

أثارت الفيضانات القاتلة في ليبيا موجة من التضامن بين السكان، تجاوزت الانقسامات السياسية والقبلية بين الشرق والغرب، والتي تقوض البلاد منذ سقوط نظام معمر القذافي إثر ثورة فبراير/ شباط عام 2011.

وضربت العاصفة دانيال الأحد الماضي الشرق الليبي مصحوبة بأمطار غزيرة فتسببت بانهيار سدّين في أعلى مدينة درنة، ما أدى إلى فيضان النهر الذي يعبر المدينة بصورة خاطفة فتدفقت مياه بحجم تسونامي جارفة معها كل ما في طريقها من أبنية وجسور وطرق، وموقعة آلاف القتلى.

وأفاد مراسل "العربي" من طرابلس، اليوم الأحد، بأن المئات من الليبيين في العاصمة تجمعوا في مراكز التبرع بالدم، لتلبية نداءات المنظمات الإنسانية في درنة التي حذرت من تراجع مخزون الدم في المدينة المنكوبة.

كما انطلقت حملة شعبية في تاجوراء للتبرع بالأموال لفائدة المتضررين من كارثة درنة، بحسب ما أفادت وكالة "فرانس برس" نقلًا عن الشاب مهند بنور.

ارتفاع عدد الضحايا

وارتفعت حصيلة ضحايا فيضانات مدينة درنة في شرق ليبيا إلى 11,300 قتيل، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة، أمس السبت في تحديث للحصيلة نقلًا عن الهلال الأحمر الليبي.

لكن المتحدث باسم الهلال الأحمر الليبي توفيق شكري نفى في تصريحات لوكالة "فرانس برس" أن تكون حصيلة القتلى قد بلغت 11,300 قتيل، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة نقلًا عن الجمعية.

وقال شكري: "نحن للأمانة نستغرب الزج باسمنا في مثل هذه الإحصاءات، ونحن لم نصرّح بهذه الأرقام"، معتبرًا أنها "تربك الوضع وخاصة ذوي الناس المفقودين".

تضارب بشأن أعداد ضحايا كارثة درنة - غيتي
تضارب بشأن أعداد ضحايا كارثة درنة - غيتي

وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بالاستناد أيضًا إلى أرقام الهلال الأحمر الليبي أن 10,100 آخرين لا يزالون في عداد المفقودين في المدينة المنكوبة. وأضاف التحديث أن الفيضانات أودت بحياة 170 شخصًا في أماكن أخرى بشرق ليبيا خارج درنة.

وغادر ناجون ومعظمهم بلا مأوى الأحد مناطق الكارثة ولكنهم بحاجة إلى المساعدة، حيث كانت الكارثة قد تسببت بنزوح أكثر من 38 ألف شخص من شرق ليبيا المتضرر من الفيضانات، بينهم 30 ألفا من درنة، وفق ما أوردت المنظمة الدولية للهجرة.

وأكد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث هذا الأسبوع على موقع "إكس" (تويتر سابقاً) أن "من الضروري تزويد السكان بالمنتجات الحيوية، ومنع حدوث أزمة ثانوية صحية".

"عائلة واحدة"

وتتنافس على السلطة في البلد حكومتان، الأولى تتخذ من طرابلس في الغرب مقرًا ويرأسها عبد الحميد الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، وأخرى في شرق البلاد الذي ضربته العاصفة دانيال، يرأسها أسامة حمّاد وهي مكلّفة من مجلس النواب.

وفي مواجهة الكارثة تجاوز الليبيون انقساماتهم وتحركوا من كل الأطراف للمساعدة: في كل مدينة، في المساجد وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، يتم تنظيم حملات لجمع تبرعات ومساعدات شتّى، ووصل مئات المتطوعين وعمال الإنقاذ والأطباء والممرضات إلى المنطقة المنكوبة.

ويشدّد العديد من المتطوعين على أهمية أن يستمر التعبير عن التضامن عقب الخروج من الصدمة التي سبّبتها الكارثة.

مراسل "العربي" في طرابلس، أفاد بأن الليبيين بالعاصمة يقومون بداية بتسجيل طلبات التبرع بالدم، قبل خضوعهم لفحص طبي حول مستوى ضغط الدم وغيره، فيما ركنت ناقلة إسعاف مخصصة لتلك العملية، يدخلها المتبرعون ليخضعوا لتلك العملية. 

وأكد أحد المتبرعين لمراسل "العربي"، أنه يريد من خلال تلك العملية إثبات أن "ليبيا كلها هي عائلة واحدة"، وتمنى الرحمة لضحايا الفيضانات في درنة، ولم شمل الأسر التي تفرقت جراء تلك الكارثة.

وفي حي الأندلس الراقي في العاصمة توقفت شاحنتان كبيرتان لتحميل مساعدات في ساحة أحد المساجد، وقد بلغتا سعتهما القصوى تقريبًا.

حملات التبرع لفائدة المتضررين في درنة متواصلة في طرابلس ومناطق ليبية
حملات التبرع لفائدة المتضررين في درنة متواصلة في طرابلس ومناطق ليبية أخرى - غيتي

المسؤولية والعقاب

وبينما تنشط حملات التضامن الشعبية، يتراشق الخصوم السياسيون في الشرق والغرب اتهامات بالتسبب بالكارثة الوطنية.

وتعهد النائب العام الليبي الصديق الصور الذي زار درنة الجمعة بأن تتم "محاكمة من تثبت عليه التهم"، وبأنه "لن يكون هناك إفلات من العقاب".

في هذه الأثناء، تنشط ميدانيًا منظمات المجتمع المدني التي عادة ما تواجه مضايقات من السلطات. وقالت مديرة جمعية "محامون من أجل العدالة في ليبيا" إلهام سعودي، إن على مدى العقد الماضي "قامت النخب السياسية من كل الأطراف بإغلاق منظمات المجتمع المدني بشكل منهجي ومتعمد واضطهدت أعضاءها".

وأكدت المحامية الليبية التي جعلت من مكافحة الإفلات من العقاب مهمتها الرئيسية، لوكالة "فرانس برس"، أن المجتمع المدني "يشكل تهديدًا" للنخبة السياسية "لأنه يحاول سد ثغراتها".

وأعلنت أن "المجتمع المدني سيعمل على تقديم المسؤولين عن المأساة إلى العدالة". كما شدّدت على أن "من المهم أن تمثل هذه اللحظة نهاية ثقافة الإفلات من العقاب في ليبيا".

تابع القراءة
المصادر:
العربي، فرانس برس
تغطية خاصة
Close