يقضي البعض ساعات طويلة أمام الشاشات في سبيل الحصول على أوقات ممتعة لكنها تتحول مع الوقت إلى حالات مرضية تنعكس على صحتنا العقلية.
فقد أصبح الملايين يشاهدون المسلسلات والبرامج التلفزيونية، وقد سهّل ذلك انتشار المنصات وخدمات البث الرقمية التي تشهد صعودًا متسارعًا على مدار السنوات الأخيرة.
ووفق استطلاع لـ"نتفليكس" يشاهد 61% من المستخدمين بانتظام من 2 إلى 6 حلقات من أحد العروض في جلسة واحدة.
مشاهدة التلفاز وهرمون السعادة
وبمجرد أن يبدأ الناس بالمشاهدة لا يمكنهم التوقف. ويحدث ذلك لأن المشاهدة بشراهة تجعل الدماغ ينتج الدوبامين باستمرار وهو هرمون سعادة يشجع المشاهد على الاستمرار في الاستمتاع بحسب ما نشر موقع "هيلث شوت".
وذكر الموقع سلبيات المشاهدة بشراهة مركزًا على انخفاض التواصل الاجتماعي والأرق وزيادة خطر التدهور المعرفي، إضافة إلى زيادة خطر الإصابة بالقلق والاكتئاب. وقد تسبب المشاهدة المستمرة اضطرابًا مزاجيًا وتغيرات سلوكية، بحسب الموقع.
دور التطور التكنولوجي
وقد أشارت الباحثة المتخصصة في علم الاجتماع فاديا إبراهيم إلى أن حب بعض الأشخاص للمحتوى المعروض على الشاشات من برامج ترفيهية ومسلسلات درامية وغيرها، يدفعهم لمشاهدة التلفاز لفترات طويلة.
واعتبرت في حديث إلى "العربي" من عمان، أن التطور التكنولوجي على صعيد التلفاز وتوافر المنصات والتطبيقات الرقمية تتيح فرصة مشاهدة أكبر لفترات طويلة. وأشارت إلى أن المشاهد هو من يتحكم بوقت المشاهدة وليس كما في السابق.
ويعد المراهقون والأطفال دون الـ 18 عامًا من أكثر الفئات مشاهدة للتلفاز ولا سيما أولئك الذين يلعبون الألعاب الإلكترونية. كذلك يشاهد التلفاز ربات البيوت اللواتي لا يمارسن أعمال خارج المنزل ولا سيما اللواتي تتخطى أعمارهن الخمسين عامًا، بحسب إبراهيم.
آثار جسدية ونفسية
وحول تأثير مشاهدة التلفاز لساعات طويلة تتخطى ثلاث ساعات ونصف الساعة تلفت إبراهيم في حديثها من عمّان إلى أن ذلك يؤثر على الصحة العقلية والجسدية ويتسبب بعدم الاستقرار النفسي ولا سيما لدى مشاهدة المسلسلات والأفلام الدرامية التي تحتوي مشاعر الحزن والتشويق.
كما يؤثر الجلوس لساعات طويلة أمام التلفاز على الذاكرة حيث يبعد الأشخاص عن ممارسة النشاطات التي تساعد على تحسين الذاكرة.
وقد يتسبب بآلام في الظهر والسمنة لأنه يبعد الأشخاص عن ممارسة الرياضة. إضافة إلى التأثير الاجتماعي حيث تضع ساعات المشاهدة الطويلة الأشخاص في عزلة وتقلل تفاعلهم الاجتماعي.
كما تؤكد المتخصصة أن الاكتئاب قد يدفع إلى مشاهدة التلفاز أو الهاتف لساعات طويلة وتوفر للشخص حالًا من المشاعر المخدرة كالراحة أو السعادة المؤقتة.
وتنصح إبراهيم بالتخطيط قبيل الجلوس لمشاهدة التلفاز أو مقاطع الفيديو عبر الهاتف. كما تنصح بالعمل على ملء وقت الفراغ بأشياء مفيدة وعدم الاستسلام للملل وبالتالي قضاء وقت طويل أمام الشاشات، مشيرة إلى أن الفراغ أكبر عامل يدفع للهروب إلى الشاشات.