بعد قرار سعيّد حل المجلس الأعلى للقضاء.. ما مآلات الأزمة في تونس؟
أثار قرار الرئيس التونسي قيس سعيّد إلغاء المجلس الأعلى للقضاء دون سند دستوري، وإعداد مرسوم للصلح الجزائي مع رجال الأعمال الضالعين في الفساد جدلًا سياسيًا واسعًا في البلاد.
واعتبر طيف واسع من المعارضة وجامعيون وأحزاب سياسية أن القرار يهدف إلى عودة مسار الدكتاتورية وتقويض مبدأ الفصل بين السلطات.
وتساءلت عضو مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" شيماء عيسى: "إذا كانت إجراءات 25 يوليو/ تموز التي تحدث عنها الرئيس سعيّد استثنائية لتنقذ البلد فما هي الإجراءات التي نعيشها اليوم؟". واعتبرتها إجراءات "رجعية تعود بالبلد إلى الدكتاتورية والحكم الفردي".
خطوة تعمّق الأزمة
ولم يقتصر التنديد بإجراءات سعيّد على القضاة وحدهم بل عبّرت أحزاب سياسية مثل حركة النهضة ونخب جامعية عن رفضها لهذه الإجراءات، التي تعد خطوة جديدة ستعمّق من أزمة سياسية استفحلت منذ تجميد البرلمان واستحواذ الرئيس على صلاحياته التشريعية.
واعتبر الباحث في الشأن السياسي مراد اليعقوبي أن عمل سعيّد يساعد على تأليف جبهة واسعة ضده وعلى تقريب وجهات النظر بين الأحزاب.
ولم تجد الدعوات الداخلية والخارجية لاحترام استقلالية القضاء والعودة إلى المسار الديمقراطي الدستوري صدى لها لدى الرئيس، بل على العكس من ذلك، يواصل سعيد انتهاج سياسة الهروب إلى الأمام مما يجعل الأزمة السياسية أكثر تعقيدًا.
هي يمكن توحيد جبهة المعارضة؟
من جهته، اعتبر الكاتب السياسي صلاح الدين الجورشي أن تونس دخلت مرحلة صعبة جدًا وسيكون عنصر المفاجأة مصاحبًا لها، حيث "نجح رئيس الجمهورية بأمر هام لكنه خطير في الآن نفسه، وهو أنه وسّع من دائرة المعارضين له التي شملت سياسيين وأحزابا ونشطاء وجمعيات مجتمع مدني وقضاة ورجال أعمال".
وقال في حديث إلى "العربي" من تونس: "لا يوجد رئيس قد جمع هذا العدد الكبير من الأطراف المناهضة له". وأشار إلى أن هذا الاتساع يجعل البلد في حالة اختلال.
كما اعتبر الجورشي أن أمام معارضي سعيّد مهمة من الضروري إنجازها وهي أن يتوحدوا في جبهة عريضة يمكن أن تعيد التوازن بينهم وبين رئيس الجمهورية.
لكنه لفت إلى أن هذه فرضية أقرب إلى المستحيل في ظل انقسامات بين القضاة أنفسهم. وأضاف: "هناك أطراف عديدة من داخل المؤسسة القضائية يقفون مع الرئيس وينتظرون فرصة ليكون لهم موقع داخل الهيكل الجديد الذي يراد به أن يكون عوضًا عن المجلس الأعلى للقضاء".