بعد عام على تمرير مجلس النواب قرار عزله الأول، ستبدأ محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، اليوم الثلاثاء، في الغرفة العليا للبرلمان الأميركي.
ويُتهم ترمب بالتحريض على التمرّد من أجل عرقلة الانتقال السلمي للسلطة، الأمر الذي هدّد أمن ومصالح الولايات المتحدة. وستنظر المحكمة في ما إذا كان ترامب مذنبًا أم لا في قضية اقتحام مبنى الكونغرس في السادس من يناير/ كانون الثاني الماضي. ويترأس المحكمة عضو المجلس من الحزب الديمقراطي باتريك ليهي.
ويصرّ محامو الدفاع عن ترمب على أن المحاكمة غير دستورية، وأن الرئيس السابق لم يحرّض الجمهور على اقتحام مبنى "الكابيتول".
مواطن مدني
وفي هذا السياق، يشير مراسل "التلفزيون العربي" عماد الرواشدة إلى "أن محامي ترمب سيدفعون باتجاه عدم دستورية القرار والمحاكمة، لأن الرئيس السابق أخلى منصبه، وهو الآن مواطن مدني، وبالتالي لا يجوز النظر في قضايا من هذا النوع أمام الكونغرس؛ لأن "الكابيتول" ليس له صفة قانونية في ذلك، وأن هذا لأمر ينظر إليه في المحاكم العادية".
وتعد المحاكمة المحاولة الثانية التي سيُنظر فيها بعزل ترمب، بعدما حاول الديمقراطيون تمرير القرار العام الماضي في مجلس الشيوخ.
ويشير الرواشدة إلى أن الديمقراطيين "يتمنون أن يحالفهم الحظ هذه المرة، وأن يصوت أكثر من عضو جمهوري لصالح قرار العزل، فالعدد المطلوب لتمرير القرار كبير"، ومن الصعب الوصول إليه.
ويلفت مراسل التلفزيون العربي إلى أن الديمقراطيين يسعون إلى محاكمة سريعة، بغية أن يتمكن بايدن من تمرير الأسماء المرشحة في حكومته، بالإضافة إلى تمرير الخطة الاقتصادية، فيما يرى الجمهوريون أن الرئيس السابق يجب أن يأخذ بعض الوقت من أجل الدفاع نفسه.
مسرحية سياسية
وفي سياق تطورات المحاكمة المرتقبة، طلب محامو ترمب من مجلس الشيوخ العدول فورًا عن محاكمة الرئيس السابق، معتبرين أنها انتهاك للدستور و"مسرحية سياسية تشكل خطرًا على الديمقراطية"، في حين اعتبر المدّعون الديمقراطيون أنّه ارتكب أخطر "انتهاك للدستور".
وكتب المحاميان ديفيد شون وبروس كاستور في مرافعة من 78 صفحة، سلّمت لمجلس الشيوخ عشية بدء المحاكمة، أنّ "اللائحة الاتهامية التي تبنّاها مجلس النواب غير دستورية في جوانب عدّة، ويكفي كلّ من هذه الجوانب وحده لاعتبارها فورًا لاغية، وفي غير محلّها".
وأعلن زعيما الحزبين في مجلس الشيوخ أنّهما توصّلا مع الفِرق القانونية إلى اتفاق بشأن قواعد المحاكمة التي ستبدأ بنقاش يليه تصويت على دستورية المحاكمة نفسها.
وأضافا أنّ المرافعات ستبدأ الأربعاء، على أن يحصل كلّ جانب على 16 ساعة توزّع على مدار يومين.
ووفقاً للاتفاق، فإنّ المحاكمة ستستمرّ حتى الجمعة، ثم تستأنف الأحد. وستتوقف المحاكمة نهار السبت بسبب عطلة "السبت اليهودي"، كون أحد محامي ترمب يهوديًا.
وينصّ الاتفاق أيضًا على أنّه في حال أراد أي طرف استدعاء شهود، فلا بدّ أن يخضع هذا الأمر للتصويت، علمًا بأنّ ترمب رفض طلبًا أرسله إليه المدّعون العامون الديمقراطيون للاستماع إلى شهادته تحت القَسم.
التحريض على التمرّد
وفي 13 يناير/ كانون الثاني وجّه مجلس النواب إلى ترمب تهمة "التحريض على التمرّد"، ليكون الملياردير الجمهوري الرئيس الأميركي الوحيد الذي يوجّه إليه مرتين اتّهام يقتضي محاكمته في مجلس الشيوخ في إجراءات يمكن أن تفضي إلى عزله.
وسيخوض أعضاء مجلس الشيوخ تجربة غير مسبوقة عندما يجتمعون لاتّخاذ قرار بشأن عزل رئيس لم يعد في منصبه، ولا يزال يشكّل مركز ثقل في حزبه ولو من دون السلطة التي كان يمنحه إياها البيت الأبيض.
واعتبر النواب الديمقراطيون الذين يتوّلون مهمّة الادّعاء في محاكمة ترمب أنّ الرئيس السابق ارتكب "انتهاكًا للدستور هو الأخطر الذي يرتكبه رئيس أميركي" عبر "تحريض" أنصاره على مهاجمة "الكابيتول".
وأكّد المدّعون العامّون في مرافعة مكتوبة سلّمت لمجلس الشيوخ عشية بدء المحاكمة أنّ "جهوده للتهرّب من مسؤوليته غير مجدية"، في إشارة إلى الطلب الذي قدّمه محاموه، مشدّدين على أنّ "الأدلّة" ضدّه "دامغة".
ومن جهة أخرى، دخل الرئيس جو بايدن على خط النقاش الدائر بشأن المحاكمة، لكنّه رفض التطرّق إلى مسألة ما إذا كان ينبغي إدانة ترمب أو حرمانه من تولّي أيّ منصب عام في المستقبل. وقال بايدن: "سندع مجلس الشيوخ يحلّ هذه المسألة".
ولاحقًا، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي: "إنّ بايدن ترشّح ضدّ ترمب في 2020 "لأنه شعر أنّه غير أهل بالمنصب". مضيفة أن الرئيس "سيترك الأمر لمجلس الشيوخ ليرى هذه المحاكمة تتقدّم".
وأكّد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السناتور تشاك شومر أنّه في حالة أدين ترمب بالتهمة الموجّهة إليه، فإنّ مجلس الشيوخ سيُجري على الفور تصويتًا بالأغلبية البسيطة لمنعه من تولّي أيّ منصب عام في المستقبل.