Skip to main content

أزمة الطاقة بين موسكو والغرب.. كيف تؤثر على البلدان العربية؟

الأربعاء 12 أكتوبر 2022

تتواصل تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، وسط تفاقم أزمة الطاقة التي وصلت امتداداتها إلى كل العالم وليس القارة العجوز فقط. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتهم الغرب بالتخريب ويحمّله مسؤولية تداعيات حرب الطاقة على الدول النامية، وردّت عليه أوروبا متهمة إياه باستخدام الغاز سلاحًا وحذّرت من شتاء قاس قادم.

وأطلق الرئيس الروسي تصريحات نارية على الغرب والقادة الأوروبيين، في منتدى أسبوع الطاقة الروسي. ويؤكد بوتين استعداد موسكو لتزويد الاتحاد الأوروبي بأحجام إضافية من الوقود خلال فصل الشتاء عبر خط "نورد ستريم".

تبادل الاتهامات بالمسؤولية عن أزمة الطاقة

بالمقابل، تقول رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في كلمة لها خلال مؤتمر سفراء الاتحاد الأوروبي، إنّ الدعاية الروسية تحاول الإيحاء بمسؤولية الأوروبيين عن أزمة الطاقة.

واتهمت المسؤولة الأوروبية موسكو باستخدام الطاقة سلاحًا، وتنادي بضرورة العمل مع الشركاء لتخفيض أسعار الغاز، محذرة من تداعيات أزمة الطاقة وأسعارها على الشعوب في إفريقيا وجنوب المتوسط.

وفي ظل تراشق الاتهامات بين روسيا والغرب واستمرار رحلة البحث عن حلول طاقة بديلة، تطرح تساؤلات عن موقف الدول العربية مما يجري.

وقد زار مسؤولون غربيون دولاً عربية كدول الخليج والجزائر، بينما أنذرت أزمة ندرة الوقود في تونس بأنّ تشمل تداعيات حرب موسكو والغرب دولاً عربية أخرى تعاني من أزمات اقتصادية في ظل تفاقم نسب التضخم لديها.

تراشق الاتهامات بين روسيا والغرب حول استفحال أزمة الطاقة - غيتي

14 دولة عربية تتأثر بأزمة الطاقة 

وتعليقًا على تلك التطورات، يرى الباحث الاقتصادي وخبير النفط والطاقة عامر الشوبكي، أنّ نحو 14 دولة عربية ستواجه تداعيات وتأثيرات سلبية لارتفاع أسعار الطاقة، على خلفية اعتمادها على الاستيراد في هذا القطاع.

ويؤكد في حديث إلى "العربي"، من عمّان، أنّ هذه البلدان العربية ستواجه تأثيرات سياسية واقتصادية جراء تداعيات حرب الطاقة بين موسكو والغرب، حيث تواجه معضلة عدم القدرة على تمويل برامج الدعم في ظل ارتباطها ببرامج مع صندوق النقد الدولي.

كما يرى أن هذه الدول مرشحة لأن تشهد اضطرابات سياسية واجتماعية، وقد تتطور الأمور إلى احتجاجات شعبية نتيجة ارتفاع الأسعار في ظل فصل الشتاء وسط تعليمات صندوق النقد برفع أسعار المشتقات النفطية في هذه الدول وربما فرض ضرائب عليها، بحسب الشوبكي. 

ويشير الشوبكي إلى أن الدول العربية الخليجية المصدرة للنفط هي التي استفادت من الأزمة حيث حققت فوائد مالية هي الأعلى منذ ست سنوات في موازناتها. وقال: "هذه الدول تعيش فترة ذهبية في ظل أسعار النفط المرتفعة". 

في المقابل تعيش بعض الدول العربية مثل السودان وسوريا ولبنان أسوأ أوقاتها في ظل ارتفاع معدلات التضخم، بحسب الشوبكي، الذي أشار إلى أن بعض الدول العربية النفطية غير الخليجية مثل العراق وليبيا والجزائر لا زال مستوى دخل الفرد السنوي فيها أقل من 6 آلاف دولار. 

دور واشنطن

من جهته، يعتبر مدير معهد الدراسات السياسية سيرجي ماركوف أنه يجب النظر إلى حرب الطاقة على أنها ليست بين روسيا وأوروبا بل هي حرب مصالح بين أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، حيث تهدف واشنطن إلى دفع الاقتصاديات الأوروبية إلى الأسفل. 

وفي حديثه إلى "العربي" من موسكو، يلفت ماركوف إلى أن "الولايات المتحدة وأوروبا ستستخدمان الأسلوب الذي تتبعانه مع روسيا مع الدول العربية مثل السعودية والإمارات والكويت". 

ويشير ماركوف إلى أن روسيا ليس لديها قيود بشأن تزويد الدول العربية المتعطشة للطاقة بالنفط، لكنها تلبي الطلب المرتفع في المنطقة الاقتصادية في المحيط الهادئ.

ويعتبر أن قرار "أوبك بلاس" بخفض إنتاج النفط يصب في مصلحة روسيا والسعودية.  

أزمة ومصالح

وحول تداعيات أزمة الطاقة، يؤكّد رئيس مركز الأبحاث والتنمية الاقتصادية حسن عبيد أن أوروبا هي الأكثر تضررًا من هذه الأزمة، معتبرًا أن إعادة ضخ الغاز إلى أوروبا عبر نورد ستريم 1 أو نورد ستريم 2 هو أمر جيد لكن الأمر يتوقف على الكمية التي سيسمح بوتين بضخها.

وقال عبيد في حديث إلى "العربي"، من باريس: "إن لأوروبا مصلحة بضخ الغاز الروسي، كما أن لروسيا مصلحة بذلك أيضًا حيث تبيع النفط لدول آسيوية مثل الهند والصين بخصومات مرتفعة ولا تجني الأرباح كما يجب"، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة تستفيد حيث تبيع كميات هائلة من النفط والغاز إلى أوروبا. 

كما تحدّث عبيد عن نوعين من الدول العربية، المصدّر والمستورد. فالدول المستوردة رفضت رفع إنتاجها من النفط، وبالتالي ساهمت في رفع الأسعار بما يعود بالفائدة عليها.

أمّا الدول المستوردة مثل لبنان وتونس فسيزداد وضعها سوءًا على المديين القصير والمتوسط، بحسب عبيد. لكنه يلفت إلى أن اتفاق لبنان على ترسيم الحدود مع إسرائيل سيحسّن من وضعه.

المصادر:
العربي
شارك القصة