السبت 27 أبريل / أبريل 2024

أزمة الطاقة بين روسيا والغرب.. من يستفيد من تفجير أنابيب نورد ستريم؟

أزمة الطاقة بين روسيا والغرب.. من يستفيد من تفجير أنابيب نورد ستريم؟

Changed

"للخبر بقية" يناقش أزمة الطاقة المتعمقة بين روسيا والغرب في ظل الاتهامات المتبادلة بالمسؤولية عن تفجير خط أنابيب نورد ستريم (الصورة: رويترز)
تتبادل روسيا والغرب الاتهامات بشأن انفجار خطوط أنابيب الغاز فهناك إجماع على فرضية الهجوم المتعمد ويتفق الجميع على إجراء تحقيق بشأن "العمل التخريبي".

تهتز أعماق بحر البلطيق بفعل انفجار خطوط أنابيب الغاز ويتفجر معها ما تبقى من خطوط العلاقات الاقتصادية بين روسيا والقارة الأوروبية، بينما تدفق غاز "نورد ستريم" في الهواء، تدفقت أيضًا الاتهامات بين الدول بالمسؤولية عن ارتكاب ما وصف بـ"العمل التخريبي".

يجمع الكل على فرضية الهجوم المتعمد، كما يتفقون على إجراء تحقيق بشأنه. فموسكو لها تحقيقها وكذلك الدول الأوروبية بمشاركة أميركية، حيث رجح تحقيق الاستخبارات الألمانية وضع غواصين عبوات متفجرة في مسار الأنابيب.

اتهام روسيا بالتخريب

وتدفقت غالبية الاتهامات باتجاه روسيا التي وصفتها بـ"الحمقاء" وردّت الاتهام إلى الأميركيين، مستندة إلى أنّ الحوادث وقعت في المنطقة الاقتصادية الخالصة للدنمارك والسويد وهي تحت سيطرة وكالة الاستخبارات الأميركية، كما تقول موسكو. وكان جواب واشنطن على تلك الاتهامات بأنه "تضليل وسخف روسيان". 

كما تحدث النائب الألماني ميكائيل كروزة في تصريحات لـ"العربي" عن تورط روسيا بالهجوم لأنها لم تفوت فرصة خنق إمدادات الغاز واستخدامه وسيلة للضغط منذ بداية الحرب في أوكرانيا.

اتهامات متبادلة

فالروس والأوروبيون يريدون أنابيب سليمة وجاهزة للقيام بدورها لحظة إلغاء العقوبات الاقتصادية على موسكو، إن تمت وهي لحظة يقول مراقبون: "إن واشنطن تخشاها"، وهي المستفيدة من مضاعفة إمدادات غازها المسال إلى أوروبا، بينما تتملك كييف رغبة في رد صفعة الكرملين بعد استفتاء الأقاليم المنفصلة.

وأيًا تكن نتائج التحقيق التي قد لا تغير وجه الاتهامات المتبادلة، فإن الكرملين يعد التفجير والتسرّب اعتداءً على سيادته.

ويتوعد حلف شمال الأطلسي برد حازم وموحّد، فهوية الفاعل تؤرق الدول بقدر ما تؤرقها تداعيات تفجير الأنابيب وتسرّب غازها. 

وقد شكّل نورد ستريم 2 حتى الأمس القريب شعرة الوصل بين روسيا والدول الأوروبية وأمل إحياء العلاقات اقتصاديًا على أقل التقدير. 

وبتفجيره يغرق هذا الأمل ومعه تغوص أوروبا في شتاء قاس وطويل، فقد استعدت ألمانيا وأطلقت مظلة دفاعية اقتصادية تقارب 200 مليار يورو للمساعدة في تحمّل أسعار الطاقة المرتفعة وتجاوز الموقف الحرج في حرب عالمية على الطاقة ومصادرها. 

الفاعل طرف ثالث

وتعليقًا على اتهام روسيا بتفجير أنابيب الغاز، يعتبر الأستاذ في معهد العلاقات الدولية في موسكو فلاديمير سوتنيكوف أن روسيا لن تعكّر علاقتها مع أوروبا وإن مكان التسرب ليس قريبًا من أراضيها، متهمًا طرفًا ثالثًا.

ويقول في حديث إلى "العربي" من موسكو: "ليس بالضرورة الولايات المتحدة بل هناك طرف آخر لا أعرف من، لكنه يبحث عن مشكلة بين البلدين". 

ويشير إلى ضرورة التحقيق في "العمل التخريبي"، مؤكدًا أنه واثق بعدم قيام موسكو بهذا الأمر. 

ويعتبر سوتنيكوف أن روسيا لا تستفيد من تدهور العلاقات مع الدول الأوروبية.

يعد الكرملين التفجير الذي أصاب خطوط أنابيب "نورد ستريم" والتسرّب اعتداءً على سيادته - غيتي
يعد الكرملين التفجير الذي أصاب خطوط أنابيب "نورد ستريم" والتسرّب اعتداءً على سيادته - غيتي

الغاز "سلاح روسي"

ومن جهته، يرى مساعد وزير الخارجية الأميركية سابقًا جويل روبين، أن الفكرة التي تقول إنّ روسيا لم تقم بتفجير أنابيب الغاز " أمر مضحك".

ويقول في حديثه إلى "العربي" من واشنطن: "إن روسيا لا تستفيد من عرقلة تدفق الغاز، لكن ما يفعله بوتين هو أنه يعلن الحرب على البشرية ليس فقط على أوكرانيا".

ويعتبر أنّ الرئيس الروسي "يهدد الأمن الغذائي والبيئة والحياة البحرية". ويضيف: "إن بوتين يستخدم كل سلاح بحوزته باستثناء السلاح النووي الذي يهدد الآن باستخدامه". 

وحول اتهام واشنطن بتفجير أنابيب الغاز، يلفت روبين إلى أن الولايات المتحدة تنفق أموالًا هائلة لدعم قدرات أوكرانيا العسكرية، مؤكدًا أن الحرب تكبّد واشنطن كلفة عالية مستبعدًا أن ترغب في إشعال حرب بين أوروبا وروسيا بغية رفع صادراتها من النفط والغاز إلى أوروبا.  

كما يعتبر روبين أن روسيا تستخدم ملف الغاز لردع أوروبا عن دعم أوكرانيا. 

تفجير أنابيب الغاز يفيد الجميع 

ومن جانبه، يعتبر مدير وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي مروان قبلان أن في كل سيناريو من السيناريوهات المطروحة هناك مستفيد، وذلك إذا كانت روسيا أو الولايات المتحدة أو أوكرانيا هي الفاعل.

ويرى في حديثه إلى "العربي" من الدوحة، أن روسيا تحاول أن تخنق أوروبا بشكل كامل في مجال الطاقة على أبواب الشتاء وذلك من خلال رفع فاتورة الطاقة على الشعوب الأوروبية والذي قد يدفعها إلى التحرك ضد سياسات حكوماتها على أمل أن تتغير هذه السياسات تجاه روسيا في ما يتعلق بموقفها من الحرب في أوكرانيا

ويعتبر قبلان أن احتمال قيام الولايات المتحدة بتفجير الأنابيب هو "احتمال ضعيف"، لكنه اعتبر أنها المستفيد الأكبر من الأحداث حيث ضاعفت مبيعاتها من الغاز والنفط إلى أوروبا في الشهور الماضية.

ويضيف: "لا ننسى أن أميركا كانت المعترض الكبير على بناء نورد ستريم وفرضت عقوبات على الشركات التي كانت تقوم ببناء هذه الأنابيب".

كما يلفت قبلان إلى أن أوكرانيا قد تكون مستفيدة من تعطل أنابيب نورد ستريم لأنها تريد أن توقف اعتماد أوروبا بشكل كلي على الغاز الروسي حيث تعتقد أن أوروبا تموّل الحرب الروسية على أوكرانيا. 

لكن قبلان يعتقد أنه من الصعب في هذه المرحلة تحديد من قام بتفجير خط الغاز فعلًا. 

وإذ يؤكد أن الأمور اتجهت نحو التصعيد بين أوروبا وروسيا في ظل الأحداث الأخيرة ومنها التطورات الميدانية في أوكرانيا وإعلان موسكو التعبئة ومن ثم إجراء الاستفتاءات في الأقاليم الأوكرانية، اعتبر قبلان أن تفجير الأنابيب هو جزء من الحرب.

وتوقع قبلان أن يكون خطاب الرئيس الروسي الجمعة تصعيديًا أيضًا. ويخلص إلى أن "القطيعة أصبحت كاملة بين روسيا والغرب"، معتبرًا أن روسيا "لن تتمكن من ضخ غازها إلى أوروبا مجددًا، وأن الحرب تقوم على أكثر من جبهة". 

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close