Skip to main content

أزمة سفينة السويس.. مصر ترحّب بالمساعدة الأميركية ومخاوف من "الإغلاق الطويل"

السبت 27 مارس 2021
تتواصل محاولات تحرير سفينة "إيفر غيفن" العالقة في قناة السويس باستخدام القاطرات والجرافات الثقيلة

أخفقت جهود تعويم "إيفر غيفن"، سفينة الحاويات العملاقة العالقة بقناة السويس، أمس الجمعة، ليستمر تعطّل حركة الملاحة في هذا المجرى المائي الحيوي لليوم الخامس على التوالي؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعار الشحن لناقلات الوقود، وأثّر على سلاسل الإمدادات العالمية.

وكانت هيئة القناة قد قررت تعليق جهود تعويم السفينة في وقت متأخر يوم أمس على أن تستأنف اليوم السبت، وفقًا لثلاثة مصادر بقناة السويس، فيما تدرس الهيئة العرض الذي قدّمته الولايات المتحدة الأميركية لتقديم المساعدة التقنية اللازمة لتعويم السفينة.

تعويم السفينة العالقة "قد ينجح اليوم"

وتوقع رئيس شركة "شوي كيسن كايشا" المالكة لناقلة الحاويات الضخمة العالقة في قناة السويس، تعويم السفينة مساء اليوم السبت. وقال يوكيتو هيغاكي في مؤتمر صحافي: "إننا بصدد إزالة الترسّبات باستخدام أدوات تجريف إضافية".

وأوضح هيغاكي أن "المياه لا تتسرب إلى السفينة. ليس هناك أي مشكلة في الدفات والمراوح. وبعد تعويمها، يفترض أن يكون بإمكانها الإبحار"، وفق ما نقلت عنه صحيفة أساهي شيمبون.

قاطرات ورافعات

وتواصلت محاولات تحرير السفينة باستخدام القاطرات والجرّافات الثقيلة. وأوضحت شركة "برنارد شولته شيبمانجمنت" (بي إس إم)، التي تشرف على الإدارة التقنية للسفينة أن "سفينتي قَطْر إضافيتين (مصريتين) زنتهما 220 و240 طنا" ستصلان بحلول الأحد للقيام بمحاولة جديدة.

من جهته أكّد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، "مواصلة جهود" التعويم، معلنًا في بيان "بدء مناورات القطْر للسفينة الجانحة من خلال تسع قاطرات عملاقة؛ وذلك بعد انتهاء أعمال التجريف بمنطقة مقدمة السفينة".

وكانت الهيئة قد أكدت أمس الانتهاء من تجريف الرمال المحيطة بالسفينة بنسبة "نحو 87%، بمعدلات تكريك (تجريف) تقترب من 17 ألف متر مكعب من الرمال".

وأشارت الهيئة إلى أن مناورات القطْر تتطلب توافر عدة عوامل مساعدة، أبرزها اتجاه الرياح والمد والجذر، مما يجعلها عملية فنية معقدة لها تقديراتها وإجراءاتها ومحاولاتها المتعددة.

وصرّح توم شارب، قائد البحرية البريطانية المتقاعد، بأن أفضل فرصة للمحاولة القادمة ستكون ارتفاع المد يوم الأحد، لكن هناك مخاطر من تمزق هيكل السفينة إذا تم سحبها بقوة أكثر من اللازم، نظرًا لأنها عالقة من المقدمة والمؤخرة.

ورأى مهاب مميش، مستشار الرئيس المصري لشؤون مشروعات قناة السويس والموانئ البحرية، أنه ينبغي الاستعانة برافعة عائمة لنقل بعض الحاويات من السفينة إلى سفينة أخرى، لتخفيف حمولتها وتمكينها من الطفو.

ويشرح محمد داوود، نائب رئيس الأكاديمية البحرية، في حديث إلى "العربي" أن المشكلة هي في "إزالة القاع الرملي تحت السفينة". ويضيف أنه تم تخفيف حمولة السفينة من المياه والوقود للمساعدة في تعويمها".

ويضيف أن الخطة التي يتم اتباعها في تعويم السفينة تمت دراستها مع الشركة الهولندية، ويتوقع أن تكون نسبة نجاحها مرتفعة، لكنه لا ينفي وجود حلول أخرى ممكنة في حال فشل تعويم السفينة اليوم.

أميركا مستعدة للمساعدة في تعويم السفينة

كذلك، أعلنت الولايات المتحدة عن جاهزيتها لمساعدة مصر في محاولة التعويم، وذلك بواسطة فريق من خبراء البحرية الأميركية الذين يمكن نشرهم بسرعة.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي: "في إطار حوارنا الدبلوماسي النشط مع مصر، عرضنا على السلطات المصرية مساعدة الولايات المتحدة في محاولة إعادة فتح القناة". وأضافت "نحن نتشاور مع شركائنا المصريين حول أفضل السبل لدعم جهودهم"، واصفة هذه المشاورات بأنها "مستمرة".

وأعلن المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية، الكابتن بيل أوربان الاستعداد للتحرك في حال طلب ذلك. وقال في بيان: "عرضنا مساعدة مصر ونحن على جاهزية للقيام بذلك، ونتطلع لدعم أي طلب محدد نتلقاه".

ومن جهتها، أكّدت هيئة قناة السويس أنها تتطلع "للتعاون معها (أميركا) في هذا الصدد تقديرًا لهذه المبادرة الطيبة".

وبحسب مسؤول أميركي في وزارة الدفاع، طلب عدم كشف هويته، أنّه في حال تقدمت مصر بطلب رسمي يمكن للفريق الأميركي أن يتحرك اليوم السبت من البحرين، القاعدة الاقليمية للأسطول الخامس الأميركي. وأشار المسؤول إلى أنه حتى هذه اللحظة لم تصدر أي موافقة على خطوة من هذا النوع.

بدائل شركات الشحن عن قناة السويس

وتدرس كبرى شركات الشحن الدولية مثل "ميرسك" وغيرها، البدائل الممكنة لتخطي أزمة تكدس السفن أمام تعطل المجرى الملاحي المصري.

وتقول شركة أخبار وبيانات الشحن العالمية "لويدز ليست": "إن سفينة حاويات "إيفر جريت" المتوجهة إلى قناة السويس، وهي سفينة حاويات بحجم وسعة السفينة الجانحة، "تحول وجهتها الآن إلى رأس الرجاء الصالح".

وأفادت الشركة بأن "طابور انتظار عبور قناة السويس" يضم أكثر من 200 سفينة "عالقة الآن بسبب الإغلاق".

ووفقًا للمسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، بإمكان الجيش الأميركي أيضا تقديم الدعم والمشورة للسفن التي تختار ذلك القيام برحلة طويلة حول رأس الرجاء الصالح؛ ما قد يجعلها تعبر مياهًا مهددة بالقراصنة. وقال المسؤول: "يمكننا بالتأكيد تقديم النصح، لكن لا يمكننا مرافقة جميع السفن".

حسابات جديدة لحركة التجارة العالمية

وأشارت "لويدز ليست" إلى أن "الحسابات التقريبية" تفيد بأن حركة السفن اليومية من آسيا إلى أوروبا تُقّدر قيمتها بحوالي 5,1 مليار دولار، ومن أوروبا إلى آسيا تُقّدر بنحو 4,5 مليار دولار.

واعتبر مسؤول روسي رفيع، أمس الجمعة، أن تعطل الملاحة في قناة السويس يبرز أهمية تطوير الممر البحري عبر القطب الشمالي، الذي صار من الممكن استخدامه بشكل متزايد بسبب التغير المناخي.

ويتوقع أن يبطئ الحادث النقل البحري لأيام، إلا أن التبعات الاقتصادية ستبقى محدودة مبدئيًا، في حال لم يطل أمد الإغلاق، على ما أفاد خبراء.

وذكر بيورنار تونهوغن، من مكتب "رايستاد" أن التبعات على الأسعار ستكون رهن فترة التعطيل، موضحًا لوكالة "فرانس برس": "يرجّح أن تكون الآثار ضعيفة وموقتة". وأضاف: "أما إذا استمر التعطيل لأيام فقد يكون لذلك آثار أكبر على الأسعار ولفترة أطول".

وكانت أسعار النفط قد شهدت ارتفاعًا ناتجًا عن تعطل الملاحة في قناة السويس على مدار اليومين الماضيين.

وقال رانجيث راجا، المسؤول عن الأبحاث النفطية في شركة "ريفينيتيف" الأميركية للبيانات المالية: "لم نشهد مثيلًا لهذا من قبل، لكن من المحتمل أن يستغرق الازدحام عدة أيام أو أسابيع حتى يخف".

وتؤمّن قناة السويس عبور 10% من حركة التجارة البحرية الدولية، وتشكّل صلة وصل بين أوروبا وآسيا.

المصادر:
العربي/ وكالات
شارك القصة