تزدحم الساحة العراقية السياسية بملفات خلافية عدة بين القوى المختلفة، منها قضية هيئة اجتثاث البعث التي شُكّلت عام 2003.
قبل أيام، طلبت الحكومة نقل ملفات الهيئة للقضاء تمهيدًا لحلها، وتنفيذًا لتفاهمات سياسية أدت لتشكّل حكومة محمد شياع السوداني.
مخاوف من عودة حزب البعث؟
رئيس الهيئة باسم البدري رفض طلب الحكومة، وأكد قناعته بعدم وجود أي سلطة يمكنها إنهاء عمل الهيئة، مشددًا على أن السبيل الوحيد لإلغائها هو سن تشريع جديد يلغي قانون عملها القديم، وينهي مهامها في مدة محددة.
وأشارت الهيئة إلى أنها أظهرت خلال السنوات الماضية أكثر من 7 ملايين وثيقة، وأن العمل جارٍ لإدخال المزيد.
كما لفتت الهيئة إلى أن الأرقام التقريبية للمشمولين بإجراءات الاجتثاث تصل إلى مليون شخص، ربعهم عمل في أجهزة الأمن المختلفة في عهد نظام صدام حسين.
تلك الأرقام هي أساس باحة الخلافات بين القوى السياسية، فالمطالبون بحلها يرون أن تلكؤ عمل الهيئة متعمد وهي تهدف لاستثمار سياسي رابح في المعارك السياسية.
فالمكون السني يرى أنها ليست سوى أداة لقمع المعارضين، وهو ما ينفيه معارضو حل الهيئة، وأبرزهم الإطار التنسيقي الذي يشكّل نواة الحكومة الحالية.
فالإطار يرفض حل الهيئة بسبب وجود مخاوف حقيقية من عودة البعثيين إلى البلاد، حسب تعبيره.
السلم الأهلي العراقي
في هذا السياق، يشير الدبلوماسي العراقي السابق صباح الياسين إلى أن "فكرة إنشاء الهيئة كانت أميركية، وهذه الخطوة ضربت في الصميم معنى السلم الأهلي داخل المجتمع العراقي".
ويوضح الياسين، في حديث إلى "العربي" من اسطنبول، أن "كل تجارب العالم أثبتت فشل سياسة الاجتثاث تجاه أي مكوّن في الداخل".
ويشدد الياسين على أنه "يجب حل هذه الهيئة التي كلفت البلاد حتى الآن ما يُعادل 45 مليار دينار عراقي".
ويؤكد الدبلوماسي العراقي السابق أن "مليون عراقي يعيش تحت التهديد في لقمة عيشه بسبب عمل الهيئة".
حسن نوايا
من جهته، يعتبر الكاتب الصحافي مازن الزيدي أن "مسألة اجتثاث حزب البعث هي قانون موجود في الدستور ولا يمكن إلغاؤه".
ويشدد الزيدي، في حديث إلى "العربي" من بغداد، على أن "حزب البعث مجرم بحق الشعب، وهو عدو له وقتل مئات آلاف العراقيين، ومسألة حظره إرادة عراقية خالصة".
ويقول: "إجراءات المساءلة والاجتثاث مرت بمراحل عديدة وصولًا إلى ما يجب أن يحصل اليوم وهو المحاسبة".
ويضيف: "لا يمكن إلغاء مسألة الاجتثاث باتفاق سياسي، وما قام به رئيس الحكومة والإطار التنسيقي هو تفعيلٌ للموضوع لإبراز حسن النوايا".
شعارات سياسية
بدوره، يعتبر مستشار المركز العراقي للدراسات الناصر دريد أن "حزب البعث يشكل خطرًا على العراق، وبسبب الأوضاع الحالية في البلاد هناك فرصة ليعود إلى المشهد السياسي".
ويشير دريد، في حديث إلى "العربي" من إسطنبول، إلى أن "قانون الاجتثاث عند إقراره لم يكن له علاقة بحزب البعث فقط، بل هو مصمم لمحاسبة البعثيين القدامى".
ويؤكد دريد أن "الأزمة اليوم تكمن في أن البعثيين الجدد باتوا يستقطبون الشباب في ظل ظاهرة الفشل الموجودة على الساحة".
ويقول: "قضية إلغاء الهيئة تنشط من فترة إلى أخرى لأسباب سياسية، والجميع مستفيد منها والمطالبة بإلغائها شعارات فقط".