Skip to main content

استئناف العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وإسرائيل.. ما هي خلفيات القرار؟

الأربعاء 17 أغسطس 2022

استُؤنفت العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وإسرائيل بصورة تامة وأُعلن تبادل السفراء، بعد خلاف دام أكثر من عقد من الزمن.

وأفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بأن تل أبيب وأنقرة تتبادلان السفراء للمرة الأولى منذ سنوات في أحدث خطوة مصالحة بين البلدين.

وقال يائير لابيد إنّ استئناف العلاقات مع تركيا يمثل ذخرًا هامًا للاستقرار الإقليمي وبشرى اقتصادية هامة للغاية للإسرائيليين، على حد تعبيره.

"سنواصل الدفاع عن حقوق فلسطين"

من جهته، أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو أن تعيين السفيرين هو إحدى خطوات تطبيع العلاقات، مشيرًا إلى أن بلاده ستواصل الدفاع عن حقوق فلسطين.

وكانت العلاقات بين تركيا وإسرائيل قد انهارت قبل أكثر من عقد من الزمن، بعد تصريحات شديدة اللهجة من قبل الرئيس رجب طيب أردوغان ضد السياسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني. كما اعترضت إسرائيل على احتضان تركيا قيادات من حركة حماس.

وسحبت تركيا وإسرائيل سفيرَيهما عام 2010 بعد مهاجمة قوات إسرائيلية قافلة أسطول الحرية، التابع للبحرية التركية.

وكان الأسطول حينها متوجهًا إلى غزة يحمل مساعدات إنسانية للفلسطينيين في اختراق للحصار الإسرائيلي، وأسفرت مهاجمته من جانب الاحتلال عن مقتل 9 نشطاء أتراك.

بعد مصالحة تركيا وإسرائيل وعودة السفيرَين، استدعت تركيا سفيرها مرة أخرى عام 2018، عندما نقلت الولايات المتحدة سفارتها في إسرائيل إلى القدس.

"مرحلة جديدة في التطبيع"

تعليقًا على التطورات، يقول الباحث في مركز "أورسام" أويتون أورخان: "ليست مفاجأة كبيرة" أن تعود العلاقات بين تركيا وإسرائيل، معتبرًا أنها مرحلة جديدة في التطبيع بينهما.

ويلفت في حديثه إلى "العربي" من أنقرة، إلى أنه سيكون هناك سفيران جديدان معينان.

وبينما يشير إلى تعاون بين أنقرة وتل أبيب في شرق البحر المتوسط في ما يتعلق بموارد الطاقة، يوضح أن "تركيا تريد تطبيع علاقاتها مع دول شرق المتوسط، حيث تُعد إسرائيل مركزية ومحورية للجانب التركي في ذلك".

ويردف بأنه في ما عدا شرق البحر المتوسط والعلاقات بشأن مصادر الطاقة، هناك أيضًا القضايا الأمنية وهي مهمة جدًا، ولا سيما في ما يتعلق بسوريا.

ويشرح أن الجانبين يريان الدور الإيراني، لافتًا إلى أن تركيا ترى بدورها "الميليشيات الشيعية كمصدر خطر وقلق لها".

وبينما يتحدث عن إمكانية حصول تعاون بين إسرائيل وتركيا في ما يتعلق بالموضوعات الأمنية، يشير إلى أن الاستخبارات الإيرانية تزيد من أنشطتها على الأراضي التركية ضد المواطنين الإسرائيليين، وقد تعاونت الاستخبارات التركية والإسرائيلية أخيرًا في هذا المجال.

إلى ذلك، يتوقف أورخان عند التجارة الثنائية بين تركيا وإسرائيل، مذكرًا بأنها كانت دائمًا على ما يرام حتى مع وجود بعض المشاكل بينهما، لكنها لم تصل بسبب بعض العوائق إلى أقصى استيعاب لها. 

ويضيف أن كلا الجانبين يريدان رأب هذا الصدع والوصول إلى قمة التعاون فيما يتعلق بالتجارة"، متحدثًا كذلك عن اهتمام تركيا بالسياح الإسرائيليين، الذين يزداد عددهم.

توترت العلاقات بين تركيا وإسرائيل قبل أكثر من عقد من الزمن قبل إعادتها في الوقت الراهن - غيتي

"تحسن على حساب القضية الفلسطينية"

بدوره، يوضح الباحث الخبير في الشأن الإسرائيلي علي الأعور، أن لابيد يريد رسم خارطة سياسية جديدة لإسرائيل والقول إن مرحلة نتنياهو انتهت وإنه يريد بدء مرحلة جديدة حتى مع تركيا وأردوغان.

ويقول الأعور في حديثه إلى "العربي" من القدس، إنّ لابيد يريد من خلال تصريحاته الأخيرة توطيد علاقة سياسية أمنية إستراتيجية تجارية مع تركيا، وأن يقدم للإسرائيليين قبيل الانتخابات القادمة شيئًا ما يتعلق بالسياسة والعلاقات مع تركيا وغيرها من الدول.

ويؤكد أن هناك أهدافًا لدى إسرائيل وتركيا من الخطوة الأخيرة، شارحًا أن إسرائيل تريد في ظل أزمة الطاقة والحرب على أوكرانيا أن تصدر الغاز عبر تركيا إلى أوروبا.

ويضيف أن إسرائيل كسبت نقطة أخرى في ما يتعلق بـ"حماس" في تركيا، مشيرًا إلى معلومات تفيد بأن عددًا من قيادات الحركة ونشطائها قد غادروا إسطنبول وأنقرة وكل تركيا.

ويعتبر أن "ذلك يعني أن العلاقات تحسّنت بين إسرائيل وتركيا على حساب القضية الفلسطينية وحماس"، لافتًا إلى أن هذا الأمر يعكس أيضًا تراجعًا ربما في الموقف التركي إلى حد ما في تأييده القضية الفلسطينية.

وبينما يذكر بزيارات أردوغان إلى منطقة الخليج ولقائه قادة في السعودية والإمارات والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، يشير إلى أن هذا الأمر يوطد لعلاقة جديدة، ربما تقوم أيضًا على التطبيع والاقتصاد.

ويقول إن هذا ما تسعى إليه إسرائيل في الشرق الأوسط؛ حيث تريد التأكيد للجميع أن الاقتصاد أهم من السياسة وأنه أهم من القضية الفلسطينية، وأن التطبيع هو الحل الوحيد لكل مشاكل منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي استثناء الشعب الفلسطيني وحقوقه السياسية.

"محاولة إبعاد القضية الفلسطينية"

من جانبه، يذكر مدير مركز "مسارات لأبحاث السياسات" هاني المصري، بأن قطع العلاقات بين تركيا وإسرائيل يعود إلى الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، والإجراءات التي أخذتها إسرائيل إزاء الفلسطينيين.

ويسأل في حديثه إلى "العربي" من رام الله، هل تغيّرت هذه السياسات أم زادت إسرائيل تطرفًا وعدوانية وعنصرية ضد الفلسطينيين بشكل عام وضد القدس، في محاولة لتطبيق التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى، ومحاولة الاستمرار في تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، واستمرار الحصار على قطاع غزة وشن العدوان العسكري عليه؟.

ويلفت إلى أن تركيا قامت بإعادة العلاقات مع إسرائيل في وقت بات الكثير من المؤسسات الدولية يصفها بأنها دولة فصل عنصري، مؤكدًا بالتالي أن هذا الأمر "لا يتعلق بالقضية الفلسطينية، ولا في مصلحتها، بل يعود إلى مصلحة تركية في ظل عالم متغيّر ومنطقة متغيّرة وحالة سيولة ينهار فيها النظام العالمي القديم ويتقدم نظام عالمي جديد لم تتضح معالمه حتى الآن.

وبينما يتحدث عن "محاولة إبعاد القضية الفلسطينية وتهميشها، مع انها ستبقى قضية هامة"، يعتبر أن ذلك لا يعني أن تركيا ستنقلب انقلابًا تامًا ضدها وضد الحقوق الفلسطينية، بل يعني أن العلاقات مع إسرائيل لم تعد ترتبط بموقف إسرائيل من القضية الفلسطينية.

ويشدد على أن ذلك تطور سلبي جاء بعد إقدام عدد من الدول العربية على تطور مماثل.

ويرى أن على القيادة الفلسطينية أن تبحث مع القيادة التركية في تقليل الأضرار من هذه الخطوة، ومحاولة تطوير العلاقات التركية الفلسطينية.

المصادر:
العربي
شارك القصة