الإثنين 6 مايو / مايو 2024

استقالة 4 رؤساء حكومة في 6 سنوات.. ما أسباب ترنح المحافظين في بريطانيا؟

استقالة 4 رؤساء حكومة في 6 سنوات.. ما أسباب ترنح المحافظين في بريطانيا؟

Changed

فقرة من برنامج "قضايا" تناقش أسباب ترنح حزب المحافظين البريطاني (الصورة: غيتي)
خلال 6 سنوات استقال 4 رؤساء وزراء في بريطانيا جميعهم من حزب المحافظين، وهو العدد نفسه لرؤساء الحكومة الذين قادوا البلاد خلال 37 عامًا.

عقب التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، استقال خلال 6 سنوات 4 رؤساء وزراء جميعهم من حزب المحافظين، وهو العدد نفسه لرؤساء الحكومة الذين قادوا البلاد خلال 37 عامًا.

خلقت هذه الفوضى داخل الحزب والتي انعكست على المشهد الاقتصادي، أسباب كثيرة لعل أبرزها حالة الاستقطاب داخل الحزب، بين صف مؤيّد وآخر معارض لبريكست.

يقول محللون بريطانيون إنها قصة استقطاب وشعبوية ونظام سياسي معيب وقيادة ضعيفة؛ قدّمت في بعض الأحيان الطموح الحزبي والشخصي على المصلحة الوطنية.

استقالات رؤساء الوزراء

وكان ديفيد كاميرون قد أعلن استقالته لأنه لا يمكن أن يقود البلاد نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي، بحسب ما صرّح به يوم تنحيه.

تولت من بعده رئاسة الوزراء تريزا ماي، التي راحت ضحية الانقسام داخل حزبها، ولم تتمكن من تمرير اتفاقية الخروج من الاتحاد الأوروبي داخل قبة البرلمان.

ثم خلفها عرّاب البريكست بوريس جونسون، الذي اكتسح الانتخابات العامة وفاز المحافظون بأغلبية ساحقة واستطاع تمرير خطته للخروج من الاتحاد الأوروبي.

بموازاة ذلك، تفشت جائحة كورونا في بريطانيا وتراجع النمو الاقتصادي، ثم قامت الحرب الروسية على أوكرانيا. فكانت بريطانيا من أكثر الدول، التي شهدت ارتفاعًا في أسعار الطاقة، ما انعكس على ارتفاع معدلات التضخم.

وقد حذر بنك إنكلترا في وقت سابق من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، من أن التضخم سيرتفع إلى ما يزيد قليلًا عن 13% هذا العام، وهو أعلى مستوى له منذ عام 1980.

ولم ينجُ جونسون من سلسلة فضائح تنظيم الحفلات وخرق قوانين الحجر الصحي، التي وضعتها حكومته وواجه أزمات حجب ثقة من برلمانيين محافظين.

على الإثر، تولّت ليز تراس الحكم بعد انتخابات داخل حزب المحافظين فقط، كونه الحزب الحاكم حتى موعد عقد انتخابات عامة عام 2024.

وجاء ذلك مع تراجع ترتيب بريطانيا على قائمة أكبر الاقتصادات في العالم إلى المركز السادس بعد الهند.

وعقب استقالتها، اختار نواب حزب المحافظين وزير الخزانة السابق ريشي سوناك رئيسًا جديدًا لحزبهم، فخلف تراس.

"نتاج عقد من فشل حزب المحافظين"

في مقال نشرته "الغارديان" البريطانية، اعتبر زعيم حزب العمال السابق إد ميلباند أن أزمة الطاقة في بريطانيا هي نتاج عقد من فشل حزب المحافظين، وأن أزمة الطاقة في البلاد حاليًا هي أحد أعراض فشل المحافظين في إيقاف حالة الارتباك وإدارة الاقتصاد.

بدورها، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن الأحداث الأخيرة من إقالة أكبر مسؤول في وزراة الخزانة وإعادة اختراع قوانين الإدارة الاقتصادية وتحدي الحكمة الجماعية للأسواق المالية هوت بمؤشرات الجنيه الإسترليني وأقالت تراس.

أضافت الصحيفة أن حزب المحافظين يتحمل مسؤولية الفوضى التي جلبها للبلاد، وأنه إلى جانب إلحاق مزيد من الضرر بسمعة حزبهم على المدى الطويل، فإن عنادهم ورفض تنظيم انتخابات عامة قد يعيد رسم المشهد السياسي البريطاني، ويضمن خراب بريطانيا.

إلى ذلك، أظهر أحدث استطلاع للرأي بين البريطانيين تدهور شعبية حزب المحافظين الحاكم إلى مستويات لم يسبق لها مثيل في تاريخ البلاد.

وقال الاستطلاع إن 14% فقط من البريطانيين، الذين شملهم الاستطلاع، أكدوا تأييدهم حزب المحافظين الحاكم، ما يعني أن نسبة تأييد الحزب انخفضت بـ 5% بين البريطانيين خلال شهر واحد فقط.

في المقابل، أيّد 53% من المشاركين حزب العمال المعارض. وقال 11% إنهم سيصوتون لصالح حزب الليبراليين الديمقراطيين.

يقول متابعون إن المشكلة الحقيقية أمام حزب المحافظين تكمن في الانتخابات العامة، حيث يبدو من استطلاعات الرأي الأخيرة أن حظوظهم في الفوز محدودة جدًا. 

وبرأيهم، قد يفضل بعض نواب الحزب إجراء انتخابات عامة في الوقت الحالي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من شعبيتهم، ولوقف استمرار حالة الانقسام التي يعيشها الحزب والتي تزيد الدعم لحزب العمال.

"مشكلة المحافظين بقاؤهم طويلًا في السلطة"

يعتبر الأكاديمي أحمد عجاج، أن مشكلة حزب المحافظين هو أنه بقي طويلًا في السلطة، مذكرًا بأن الأحزاب حال بقائها في السلطة لفترة طويلة في الدول الديمقراطية فإنها تصل إلى مرحلة الإفلاس الفكري، أي لا يبقى لديها جديد لتقدمه.

ويلفت في حديثه إلى "العربي" من لندن، إلى أن الفترة المشار إليها كانت مليئة بالتطورات؛ منها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع ما أدى إليه من شرخ، سواء أكان على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي، ثم جاءت كورونا وحرب أوكرانيا.

ويشير إلى أن هذه الأزمات المتلاحقة سبقتها عام 2008 الأزمة المالية، ما رتب ديونًا كثيرة على الدولة.

وعليه، يرى أن كل الحكومات التي تعاقبت كانت نتيجة لهذه التطورات، لأنها لم تعد تستطيع مواجهة التحديات، حيث كانت تواجهها بمزيد من الاستدانة وتخفيض الإنفاق حتى أصبح الوضع الاقتصادي صعبًا.

ويقول إن تراس جاءت أخيرًا لتزيد المشكلة تفاقمًا بميزانيتها المصغرة، التي أدت إلى خسارة ثقة السوق بالحكومة وانهيار الجنيه وارتفاع الديون والفائدة.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close