الاقتصاد الأوروبي على حافة الهاوية.. ما أسباب التضخم في منطقة اليورو؟
ضاعفت التداعيات المتواصلة للحرب الروسية في أوكرانيا أزمة ارتفاع الأسعار في جميع أنحاء أوروبا، في الوقت الذي أرجع سياسيون تلك الأزمة بشكل مباشر إلى اضطراب أسواق الطاقة وسلاسل الإمداد، مما ألقى أعباء على رفع نسب التضخم في اقتصادات منطقة اليورو.
وقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمعادن والسيارات في أوروبا بوتيرة غير مسبوقة منذ عقود، في حين ذكرت وكالة "أسوشيتد برس" أن بنوك الطعام في إيطاليا تتوسع لإطعام المزيد من الناس، فيما يعد المسؤولون خططًا لتقنين الغاز الطبيعي وإعادة تشغيل محطات الفحم.
وقد أدت هذه الأزمة إلى تصاعد توقعات التضخم، ففي مايو/ أيار الماضي، توقعت المفوضية الأوروبية أن يصل التضخم في منطقة اليورو إلى 6,1% خلال العام 2022 قبل أن ينخفض إلى 2,7% في عام 2023، لتعود وتعدل تلك التوقعات لتصبح 7,6% و4% على التوالي.
ولا تزال المخاوف مستمرة من موجة غلاء مقبلة أكثر قسوة مما عليه الآن في أوروبا، بعد أن أظهرت الإحصاءات أن التضخم سجل معدلًا قياسيًا بلغ 8,6% في منطقة اليورو في يونيو/ حزيران الماضي.
ما أسباب التضخم في أوروبا؟
وفي هذا الإطار، أوضح الخبير الاقتصادي ناجح العبيدي أن معدلات التضخم في أوروبا في الوقت الراهن هي الأعلى منذ تأسيس منظمة اليورو قبل أكثر من 20 عامًا، معتبرًا أن السبب الرئيس لهذا الأمر يعود إلى ضخ المزيد من السيولة أثناء جائحة كوفيد-19، بالإضافة إلى تسهيل السياسة النقدية، وتخفيض الفائدة على مدى سنوات طويلة.
وأضاف في حديث إلى "العربي" من العاصمة الألمانية برلين، أن الحرب الروسية على أوكرانيا فاقمت أزمة التضخم، مشيرًا إلى أن الدول الأوروبية فوجئت بخطوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بهجومه على أوكرانيا، حيث كانت تعتمد في تجارتها على دمج روسيا في النظام الأوروبي، ما جعلها تعتمد بشكل كبير على إمدادات الطاقة الروسية خاصة النفط والغاز، ما سمح لبوتين باستخدام الوقود ورقة ضغط وتهديد لابتزاز أوروبا.
وأشار العبيدي إلى أن هناك مخاوف في أوروبا بشأن قطع إمدادات الغاز الروسية، مما سيؤدي إلى حالة من الركود والكساد الاقتصادي، لافتًا إلى أن هناك توقعات في ألمانيا أن تؤدي هكذا خطوة إلى انكماش في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة لا تقل عن 3%، لأن هناك الكثير من الصناعات تعتمد على الغاز.
لكنه بين أن الاقتصاد الحقيقي في أوروبا لم يتأثر بعد، مشيرًا إلى أنه على الرغم من وجود معدلات تضخم، لكن هناك معدلات نمو، وزيادة في الموارد الضريبية، واستمرار الحركة التجارية الخارجية بشكل جيد.
وأكد العبيدي أن مخاوف الأوروبيين هي على المدى المتوسط والطويل، من أن تؤدي موجة التضخم إلى الإضرار بمستوى المعيشة لقطاعات واسعة، ما قد يشعل اضطرابات سياسية في هذه البلدان.