فترات مؤلمة ومخيفة.. حقائق سريعة عن الركود الاقتصادي
على وقع ارتفاع التضخم، ورفع أسعار الفائدة، والأسواق الهابطة، أصبح هاجس "الركود" مصدر قلق إضافي حول العالم.
وخفّض البنك الدولي بشكل كبير توقّعاته للنمو العالمي خلال السنة الحالية؛ بسبب الحرب في أوكرانيا، محذرًا في الوقت نفسه من مخاطر حصول "ركود تضخمي" أي "فترة طويلة من النمو الضعيف والتضخم المرتفع" خصوصًا في الدول ذات الدخل المتدني، وفق تقرير نشره البنك حول الآفاق الاقتصادية العالمية.
ويلوح شبح الركود في أفق الاقتصاديين والرؤساء التنفيذيين، حيث قال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في أوائل يونيو/حزيران الحالي: "بالنسبة للعديد من البلدان، سيكون من الصعب تجنّب الركود".
ولفتت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إلى أنه على الرغم من أن فترات الركود يمكن أن تكون مؤلمة ومخيفة، إلا أنها سمة طبيعية للاقتصاد.
فما هو الركود؟
لا يوجد تعريف محدّد للركود الاقتصادي، إلا أن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في الولايات المتحدة يعرّفه على أنه "يعبّر عن فترة تشهد انخفاضًا في النشاط الاقتصادي، وقد يستمرّ أكثر من بضعة أشهر".
ويرى البعض أن هذا التعريف فضفاض، خاصة وأنه ينطبق على تراجع النشاط الاقتصادي منذ عام 2020 على خلفية جائحة كوفيد 19، والذي استمرّ بضعة أشهر فقط.
ويتمّ تحديد تواريخ الركود من قبل لجنة تابعة لهذا للمكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، تضمّ ثمانية خبراء اقتصاديين يعتمدون على بيانات اقتصادية سابقة لتحديد الفترات التي تشهد ركودًا، أي أن التقييمات تأتي بمفعول رجعي.
معايير تحديد فترة الركود
حدد المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية، 12 حالة ركود منذ عام 1948، مشيرًا إلى أنه يحصل كل 6 أعوام تقريبًا.
ويعتمد المكتب على مجموعة من البيانات الاقتصادية، والتي تشمل "الناتج المحلي الإجمالي، والعمل، ودخل الأسرة، والإنفاق، ومبيعات التجزئة، والإنتاج الصناعي".
وقال بوب هول، الأستاذ في جامعة ستانفورد: إن الخبراء يحددون الركود اعتمادًا على "الانخفاضات الحادة في الإنتاج والتوظيف"، مشيرًا إلى أن الصعوبة تكمن في تحديد تواريخ بداية الركود ونهايته.
ما مدى طول فترات الركود؟
لا يرتبط تحديد فترات الركود بحصول تراجع في الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتالين. ولا تتشابه فترات الركود بشكل متماثل تمامًا، فكل منها تختلف عن سابقتها كل مرة، في حدتها وفترة استمرارها.
فالركود الذي بدأ عام 2007، استمر عامًا ونصف العام. بينما استمر الركود الناجم عن وباء كورونا، والذي بدأ في أوائل عام 2020، لبضعة أشهر. كما تختلف بشكل كبير في العمق: انخفض التوظيف بنسبة 14% عام 2020 وحوالي 6% من عام 2008 إلى عام 2009، ولكن حوالي 1% فقط عام 1980. وبلغ معدل البطالة ذروته عند 14.7% عام 2020، و10.8% عام 1982، و 10% عام 2009، ولكن فقط 5.7% عام 2001.
ما الفرق بين الكساد والركود؟
عرّف بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو الكساد على أنه "نسخة أشد خطورة من الركود". ولا يفرّق المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية بين فترات الركود والكساد.
وخلال الكساد الكبير من عام 1929 إلى 1933، انخفض الإنتاج المرتبط بالتضخم (inflation-adjusted output) بنسبة 30%، وارتفعت معدلات البطالة لنحو 25%.
من غير المرجّح أن تنشأ مثل هذه الحالة، إذ ينخفض معدل التوظيف عادة خلال فترات الركود حيث تقوم الشركات بتسريح العمال والتوقف عن التوظيف حتى تتحسّن التوقعات.
لكن السؤال اكتسب أهمية جديدة، إذ ارتفعت نسب التوظيف بقوة خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، ومع ذلك انكمش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول، بينما من المتوقّع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنسبة 0% للربع الثاني.
هل السوق الهابطة في الأسهم علامة على الركود؟
ليس بالضرورة، إذ غالبًا ما يتزامن الانخفاض الحاد في سوق الأسهم مع فترات الركود، ولكن ليس دائمًا. أفضل مثال مضاد هو عام 1987، عندما انهار سوق الأسهم في أكتوبر/ تشرين الأول، لكن الاقتصاد استمر بالنمو بشكل مطرد.