السبت 4 مايو / مايو 2024

السياسة الخارجية الفرنسية في عهد ماكرون.. انتكاسات ومصالح مهددة

السياسة الخارجية الفرنسية في عهد ماكرون.. انتكاسات ومصالح مهددة

Changed

فقرة من برنامج "قضايا" تبحث في الانتكاسات التي منيت بها السياسة الخارجية الفرنسية في عهد ماكرون (الصورة: غيتي)
يأتي انحسار الدور الفرنسي في إفريقيا على حساب التمدد الاقتصادي للصين فيها ودعم روسيا للانقلابيين وتدريبهم من خلال قوات "فاغنر" النشطة في أكثر من بلد إفريقي.

شهدت الأعوام الأخيرة سلسلة من الانتكاسات في السياسة الخارجية لفرنسا في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون.

ولا تنحصر مكامن القلق إزاء تراجع أداء الدبلوماسية الفرنسية فقط في كون معظم هذه الإخفاقات حدثت مع حلفاء باريس كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، بل تتعدى ذلك للسؤال حول قدرة فرنسا على حماية مصالحها في الخارج وفيما بدأت تعاني من عزلة إستراتيجية.

وتعد القارة الإفريقية مركز قوة ونفوذ لفرنسا على مدى عقود ولا سيما في منطقة الساحل الإفريقي.

ويتمثل الوجود الفرنسي الحالي في القارة السمراء في وجود شركات عملاقة على غرار توتال، وتوزع أكثر من 5 آلاف جندي في أكثر من دولة على الساحل الإفريقي مثل مالي وبوركينا فاسو في إطار عملية "برخان" العسكرية التي بدأت في أغسطس/ آب 2014 وتهدف للتغلب على الجماعات الجهادية التي تعمل في هذا الجزء من إفريقيا منذ عدة سنوات.

إلا أنه وبعد 8 سنوات على إطلاق الحملة العسكرية، تبين أن عملية تحرير مالي والدول المجاورة من التنظيمات الإرهابية هو هدف بعيد المنال مع توسيع انتشارها بعيدًا عن ترسيخ وجود الدولة، وهو ما دفع ماكرون إلى التصريح في يونيو/ حزيران 2020 باستحالة القيام بكامل وظائف الدولة المعطلة.

وفي حين أن بعض الأطراف الدولية ودول الساحل بدأت بالانحياز لإقامة حوار سياسي مع الجماعات المتطرفة، رفضت فرنسا بشدة هذا الخيار وهو ما ساهم في زيادة حالة عدم الاستقرار في المنطقة التي شهدت انقلابات عسكرية مؤخرًا.

وحصل آخر انقلاب في مالي في مايو/ أيار 2021 مما زاد من إحكام القبضة العسكرية على الحكم وزيادة الغضب من الوجود الفرنسي، ما نتج عنه طرد السفير الفرنسي هذا العام، وهو أمر اعتبره الكثير من المحللين أكبر من مجرد حادث دبلوماسي بين باريس وإحدى مستعمراتها السابقة.

فصحيفة "لو فيغارو" رأت أن ما حدث يأتي في وقت تزداد فيه الأوضاع خطورة في تلك المنطقة التي لفرنسا فيها مصالح تدافع عنها، وهي إن بقيت هناك قد تخسر لأن بعض الحروب لا يمكن الانتصار فيها.

ويأتي انحسار الدور الفرنسي في إفريقيا على حساب التمدد الاقتصادي للصين فيها ودعم روسيا للانقلابيين وتدريبهم من خلال قوات "فاغنر" النشطة في أكثر من بلد إفريقي حدث فيه انقلاب.

الإخفاق الفرنسي خارجيًا ليس محصورًا بالقارة الإفريقية، فقد تلقت فرنسا صفعة أيضًا في أواخر العام الماضي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ تمثلت بانهيار صفقة تسليح مع أستراليا، بعدما تخلت الأخيرة عن صفقة لشراء غواصات فرنسية واستبدلتها بأخرى لشراء غواصات نووية أميركية بقيمة وصلت إلى 90 مليار دولار.

وعلى الإثر، ألقت الحكومة الفرنسية باللوم على شركائها، ووصفت الخارجية الفرنسية ما حصل بالـ"القرار المؤسف".

وفي الحرب بين أرمينيا وأذربيجان، أضيف فصل جديد من فصول فشل السياسة الخارجية الفرنسية. ففي 30 سبتمبر/ أيلول 2020 أعرب ماكرون عن تضامنه مع أرمينيا في نزاعها مع أذربيجان، وزعم أن الأخيرة هي من بدأت بالصراع. وبمجرد الإعلان عن توصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، خرج ماكرون مجددًا معربًا عن استمرار الدعم الفرنسي ليريفان، قائلًا: إن الوضع في القوقاز يحتاج ترتيبًا سياسيًا مستدامًا يضمن المصالح الأرمينية.

"الديغولية"

وفي هذا الإطار، يرى الأكاديمي والباحث في العلاقات الدولية طارق وهبي أن السياسة الخارجية لفرنسا تعتمد على ما يسمى بـ"الديغولية بالتصرف"، بمعنى أنها تسير دائمًا وفق ما كان يصر الرئيس ديغول دائمًا على أن تكون باريس جزءًا مهمًا من العلاقات الدولية وأن تكون حاضنة للتنمية الدولية.

ويعتبر في حديث إلى "العربي" من باريس أن ما يقوم به ماكرون حاليًا هو تكملة لما قام به الرئيسان السابقان نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند لناحية عدم التدخل في الأمور السيادية الداخلية للدول، على أن تكون باريس حاضرة لتسمع وتساعد في ملف "الإرهاب الدولي"، لافتًا إلى أن الوجود الفرنسي في إفريقيا كان ولا يزال قوة داعمة للسلطات هناك.

إلا أنه يلفت إلى أن العديد من الدول وموطنيها لا يتقبلون الحضور الفرنسي نظرًا إلى ماضي باريس الاستعماري سابقًا، على غرار ما حصل في الجزائر لناحية عدم السماح للطائرات الفرنسية بالمرور في أجوائها، وما يحصل اليوم لناحية تعاطي الحكومة المالية مع باريس وخروج الجيش الفرنسي، معتبرًا أن الأخير فشل في مهمته هناك.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close