الثلاثاء 12 نوفمبر / November 2024

الصراع الديني العلماني.. هل سيؤثر على مستقبل إسرائيل؟

الصراع الديني العلماني.. هل سيؤثر على مستقبل إسرائيل؟

شارك القصة

حلقة من برنامج "قراءة ثانية" تناقش الصراع الدائر بين المكونين الديني والعلماني في إسرائيل وتداعياته (الصورة: غيتي)
أُثيرت مسألة علاقة الدين بالدولة قبل قيام إسرائيل ويستمر الجدل على الساحة السياسية ولاسيما مع تصاعد مكانة الأحزاب الدينية.

على الرغم من أن الآباء المؤسسين للحركة الصهيونية ومن بعدهم الآباء المؤسسين لإسرائيل كانوا علمانيين، إلا أنهم لم يتجاهلوا مكانة الدين اليهودي في الدولة باعتبار أن هذا المكون القائم على الوعد الرباني بحق اليهود في الأرض المقدسة هو أساس فكرة الدولة فلا يمكن استبعاده. 

وقد أُثيرت مسألة علاقة الدين بالدولة قبل قيام إسرائيل، خاصة بعد تهويد منظمة "أغودات إسرائيل" للمتدينين الأرثودوكس أو ما يُسمى بالـ"حريديم" بالعمل على رفض التصويت في الأمم المتحدة للاعتراف بدولة إسرائيل إن لم يتم ضمان موقع الشريعة اليهودية في هذه الدولة. 

رسالة بن غوريون

فقام بن غوريون زعيم منظمة الهاغانا بإرسال رسالة في 9 يونيو/ حزيران 1947 إلى منظمة "أغودات إسرائيل" في القدس، تبدّد مخاوف الجماعات الدينية اليهودية حول مسائل أساسية. 

واشتملت الرسالة على ضمان قدسية يوم السبت ومسألة ضمان الطعام "الكوشر"، أي المطابق لأحكام الشريعة اليهودية، ومسألة الزواج وضمان حرية إدارة التعليم الديني. 

حزب "شاس" وتصاعد الجدل

بقيت هذه المسائل ثابتة ومستقرة منذ تأسيس الدولة عام 1948 إلى أن عاد الجدل مرة أخرى على الساحة السياسية في منتصف الثمانينيات مع تصاعد مكانة الأحزاب الدينية خاصة بعد ظهور حزب "شاس" حيث وقعت صدامات بين المتدينين والعلمانيين. 

كما تصاعد هذا الجدل مرة أخرى مع القادمين الجدد بعد انهيار الاتحاد السوفييني. واستمر النقاش حول مسألة الهوية الدينية ومكانة الدين في الدولة. وأصبح على سلّم الأولويات في المسائل الخلافية بين التيارات السياسية على جانبي الخريطة السياسية في إسرائيل.

المسائل الخلافية بين الأحزاب 

وقد تركزت المسائل الخلافية بين الأحزاب الإسرائيلية حول مسائل تعدّ بالنسبة للبعض مسألة مبدئية وبالنسبة لأحزاب أخرى مسألة قابلة للتفاوض للوصول إلى تفاهمات بهدف الحفاظ على ما يسمى بالوضع الراهن الذي أسسه بن غوريون.

وأهم هذه القضايا مسألة تجنيد "الحريديم" أي المتدينين وطلاب المعاهد الدينية الذين يتفرغون لدراسة التوراة والذي يقوم على عدم إجبارهم على التجنيد الإلزامي. 

ويدور الخلاف على يوم السبت حول مسألة النقل العام وفتح المحال التجارية، حيث يريد المتدينون منع الحركة بشكل مطلق في حين ترفضه باقي الأحزاب مع أنها توافق على ضرورة وقف الانشطة الرسمية والعامة باعتبار يوم السبت يوم عطلة أسبوعية. 

ومسألة الزواج المدني، هي إحدى المسائل الخلافية حيث تصرّ الأحزاب الدينية على منع الزواج خارج إطار الشريعة اليهودية.

كما أثار دور الحاخامية العسكرية مؤخرًا جدلًا حول ما تفعله للتأثير على سلوك الجنود ومحاولة فرض معايير دينية على الجنود العلمانيين. 

تأثير القوى المتدينة

وفي هذا الإطار، يعتبر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة "تافتس" الأميركية نديم روحانا أن إسرائيل أقيمت بصفتها دولة يهودية وكان مفهومها مختلف في البداية بين تيارات مختلفة بين المؤسسين الذين يعتبرون علمانيين واليهود المتدينين الذين طالبوا بتحقيق تعاليم دينية.

ويلفت في حديث إلى "العربي" إلى أن بن غوريون توصل في البداية إلى ما سمي بالوضع القائم، حيث اتفق الطرفان على أن يتمثل هذا الوضع بإعطاء المتدينين عدة حقوق بما يتعلق بالأحوال الشخصية ويوم السبت، لكن كان هناك نوع من الفصل بين الدين والدولة. 

لكن روحانا يشير إلى أنه ومع زيادة تأثير القوى المتدينة أصبح الصراع بسبب مطالبة هذه القوى بوضع عرف جديد يلحظ تأثير اليهودية في الفضاء العام. ويلفت إلى أن 50% من التحالف الحالي مؤلف من أحزاب دينية. 

ويؤكد أنه رغم ارتفاع نسبة الفقر في إسرائيل لكن الحالة الاجتماعية ليست الدافع للتدين بل الحالة السياسية. ويشير إلى أن اليهود من أصول عربية يميلون للحفاظ على التقاليد الدينية.   

أسباب ديمغرافية وسياسية

ومن جهته، يرجع الباحث ومدير مركز "مدى الكرمل" للدراسات مهند مصطفى صعود التيارات اليهودية المتطرفة إلى أسباب ديمغرافية بشكل أساسي وأخرى سياسية.

ويلفت إلى ارتفاع عدد اليهود الذين ينتمون إلى الشرائح الاجتماعية التي تدعم الأحزاب الدينية ولاسيما تلك المتزمتة. 

كما يشير مصطفى إلى تأثير ما حدث بعد عام 1967 والاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية الذي أعطى دفعة أيديولوجية وسياسية للتيار الديني وخاصة التيار الديني القومي حيث أن هذا الاحتلال من الناحية الثيولوجية الدينية أكّد مقولاته حول أرض إسرائيل.

ويشدد على ضرروة التفرقة بين الشرائح الدينية المتزمتة والشرائح المحافظة.

ويرى مصطفى أن التيارات الدينية أرادت أن تترجم هذا الصعود إلى مطالب سياسية مدفوعة بالخلفية الاجتماعية الداعمة لها.  

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close