تزايد القلق الأربعاء لدى آلاف الأفغان المستعدين للقيام بكل شيء للفرار من بلادهم بعد تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ عمليات الإجلاء ستنتهي الأسبوع المقبل.
ويحتشد آلاف الأفغان منذ أيام في مطار العاصمة الذي يتولى أمنه أكثر من ستة آلاف جندي أميركي وبعضهم مع عائلاتهم بأكملها على أمل الرحيل في إحدى طائرات التي تسييرها الدول الغربية.
وكشف البيت الأبيض اليوم الأربعاء أنه تم إجلاء نحو 19 ألف شخص من كابل أمس، ما يرفع العدد الإجمالي لمن تم نقلهم جوًا من أفغانستان منذ 14 أغسطس/ آب إلى 82300.
وأضاف أنه خلال الساعات الـ24 الماضية، ساعدت 42 رحلة جوية عسكرية أميركية و48 رحلة من التحالف في عمليات الإجلاء من العاصمة الأفغانية.
وخلال قمة افتراضية الثلاثاء مع نظرائه من مجموعة السبع، استبعد الرئيس جو بايدن فكرة تمديد الوجود العسكري الأميركي في كابل إلى ما بعد 31 أغسطس لإفساح المجال أمام المزيد من عمليات الإجلاء.
لكن بايدن أشار إلى أنّ احترام هذه المهلة "يعتمد" على تعاون حركة طالبان لإفساح المجال أمام الراغبين في الرحيل بالوصول إلى المطار، محذرًا من أية "عراقيل" أمام هذه العمليات البالغة الصعوبة.
"واقع مرير لكن علينا مواجهته"
في غضون ذلك، اعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الأربعاء أن من الضروري أن يواصل المجتمع الدولي "الحوار مع طالبان" الذين عادوا إلى السلطة للحفاظ على المكاسب التي تحققت في أفغانستان منذ نشر قوات حلف شمال الأطلسي.
وأكدت ميركل أمام النواب في البرلمان الألماني (بوندستاغ) أنّه "يجب أن يتمثل هدفنا في الحفاظ قدر الإمكان على التغييرات التي قمنا بها على مدار الأعوام الـ20 الماضية في أفغانستان".
وقالت: "يتعين على المجتمع الدولي كذلك التحاور حول هذا الأمر مع طالبان"، مضيفة: "طالبان حقيقة واقعة في أفغانستان". واعتبرت أن "هذا الواقع الجديد مرير لكن علينا مواجهته".
"لن ننسى أفغانستان"
وفي إشارة إلى التقدم المحرز في أفغانستان منذ عام 2001، أكدت المستشارة الألمانية أن "نحو 70% من الأفغان يمكنهم الآن الحصول على مياه الشرب بينما كانوا 20% فقط قبل 20 عامًا". كما انخفض عدد الوفيات لدى الأطفال إلى النصف خلال 20 عامًا، على حد قولها.
واعتبرت ميركل التي ستغادر منصبها الشهر القادم أنّ "الكثير من الأشياء تحتاج إلى الصبر في التاريخ"، مضيفة: "لهذا يجب ألا ننسى أفغانستان. ولن ننساها".
وقالت ميركل التي نشأت في جمهورية ألمانيا الديمقراطية الشيوعية السابقة قبل أن تبدأ مسيرتها السياسية على أنقاض جدار برلين: "ما زلت مقتنعة بأنه لا يمكن لأي عنف ولأي عقيدة أن توقف التطلع إلى العدالة والسلام".
هل تواصل ألمانيا عمليات الإجلاء؟
وفي سياق متصل، نقلت وكالة "رويترز" عن مصدرَين قولهما: إنّ ميركل أبلغت النواب المحافظين أن ألمانيا ستواصل عمليات الإجلاء من أفغانستان ما دام ذلك ممكنًا، لكنها أضافت أن ذلك لن يكون ممكنًا إلا مع الولايات المتحدة.
وكانت الهيئة العامة للبث الإذاعي في ألمانيا (إيه.آر.دي) قد ذكرت في وقت سابق أن عمليات الإجلاء الألمانية قد تتوقف اليوم الأربعاء على أقرب تقدير.
ونقل مصدر عن ميركل قوله: "لن يكون هناك مسار خاص لألمانيا. يجري الاتفاق على جميع الخطوات عن كثب مع الشركاء".
ولم تتمخض المحادثات بين قادة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى أمس الثلاثاء عن تمديد الموعد النهائي للإجلاء لما بعد 31 أغسطس.
تحذير جديد من طالبان
وأصدرت حركة طالبان الثلاثاء تحذيرًا جديدًا أكدت فيه أنها لن تسمح بتمديد عمليات الإجلاء الجوي الجارية من كابل إلى ما بعد 31 أغسطس، مشددة على وجوب بقاء "الخبراء الأفغان" في البلاد.
وفيما فر نحو ستين ألف أجنبي وأفغاني من البلاد جوًا منذ إحكام طالبان سيطرتها قبل تسعة أيام، لا تزال الفوضى مخيمة في محيط مطار كابل.
وبين الأفغان الساعين إلى الخروج من بلادهم عدد كبير ممن عملوا لحساب الحكومة السابقة أو تعاملوا مع القوات الأجنبية، ويخشون التعرض لأعمال انتقامية من طالبان، خوفًا من أن تفرض الحركة النظام المتشدد ذاته الذي أقامته بين 1996 و2001.