Skip to main content

المؤشر العربي 2022.. ما خلفية توجهات الشعوب الاقتصادية والسياسية؟

الثلاثاء 3 يناير 2023

تكشفت الأرقام عن العوز الذي يلف الإنسان العربي حين أخبرت نتائج استطلاعات المؤشر العربي أن الأوضاع الاقتصادية لسكان 14 دولة عربية هي غير مرضية على الإطلاق.

وأظهرت الأرقام أن أكثر من 42% من العرب في تلك الدول لا يغطي مدخول عائلاتهم الاحتياجات الأساسية فضلًا عن عدم استطاعتهم توفير شيء منها.

وقال 28% من المستجوَبين: "إن أسرهم تعيش حاجة وعوزًا وتعتمد على المعونات والاقتراضات لسد الاحتياجات"، ليضطر معدو المؤشر إلى إطلاق صفة "أسر العوز" على هذه الفئة، أي الغالبية العظمى من المجتمع العربي.

انقسامات في قراءة الوضع السياسي

أمّا سياسيًا، فقد بدا الاختلاف واضحًا نوعًا ما، حيث انقسم الرأي العام في قراءة الوضع السياسي في البلدان العربية، إذ إن نسبة من يرون أنه إيجابي عمومًا أو "جيد جدًا" أو "جيد" على الأقل وصلت إلى 44%، بينما وصلت نسبة من وصفوه بأنه "سيئ جدًا" أو "سيئ" لنحو 49%.

كما أظهرت النتائج أن الرأي العام منقسم حول تقييم الاتجاه الذي تسير فيه البلدان العربية، ففي حين أفاد 52% بأن الأمور في بلدانهم تسير في الاتجاه الخاطئ، رأى 42% أنها تسير في الاتجاه الصحيح.

ويبرر أصحاب الاتجاه الخاطئ قناعتهم برأيهم وأن ذلك يعود إلى أسباب اقتصادية وتخبط سياسي يفتقد إلى الرؤية الصحيحة، بينما التجأ أصحاب الاتجاه الصحيح إلى حائط أمني والأمان فقد كان كافيًا بالنسبة لهم.

إجماع حول القضية الفلسطينية

وقد تمايزت الردود العربية حول موضوعات المؤشر الكثيرة كالثقة في الحكومات ومؤسسات الدولة الأمنية والسياسية والعسكرية، لكنها لاقت إجماعًا في قضايا مصيرية، فالقضية الفلسطينية هي قضية العرب كلهم وإن فكرة التطبيع الشعبي مع إسرائيل مرفوضة.

فقد أظهرت النتائج التعطش للديمقراطية وتأييد تطبيقها، إذ عبّر 72% من المستجوَبين عن تأييدهم النظام الديمقراطي مقابل 19% فقط عارضوه، ما يعني، بحسب تقييم المؤشر الذي قارن نتائج هذا الاستطلاع بالاستطلاعات السابقة، أن الرأي العام ما زال منحازًا للديمقراطية.

فالديمقراطية في العالم العربي بحسب وجهة نظرهم واقفة في منتصف الطريق، مستشهدين بمحدودية المساحة التي يملكها الإنسان العربي لانتقاد الحكومات حتى اليوم.

يوضح المؤشر العربي لعام 2022 أن نظرة المواطنين إيجابية بغالبيتها للثورات العربية - غيتي

انحياز للديمقراطية

وفي هذا السياق، يعتبر مدير وحدة قياس الرأي العام في المركز العربي محمد المصري أن هناك انحيازًا تامًا لتأييد النظام الديمقراطي، حيث يفيد 72% بأن النظام الديمقراطي وإن كان لديه مشاكل أو قصور إلّا أنه أفضل الأنظمة. ويقابل هذا الانحياز رفض الأنظمة الأخرى مثل النظام السلطوي وذلك القائم على حكم العسكر والأنظمة المقتصرة على أحزاب بعينها.

ويقول المصري في حديث إلى "العربي" من لوسيل: "إن هناك قناعة وقيمة راسخة لدى مواطني المنطقة العربية بأن النظام الديمقراطي هو الأفضل".

كما يلفت إلى أنه إذا أخذ بعين الاعتبار أن هذه النتائج تتكرر منذ عام 2011 نرى أن هناك نظرة مهيمنة أو قيمة ثقافية اجتماعية سياسية في انحيازه إلى النظام الديمقراطي.

ويعتبر أن هذا الانحياز ليس أعمى أو جاهلًا؛ حيث إن 85% من مواطني المنطقة العربية قادرون على أن يقدموا حسب تعبيراتهم ومفرداتهم تعريفًا ذا محتوى للديمقراطية قائمًا على ثلاثة مجالات مهمة هي احترام الحريات المدنية والسياسية والأساسية للمواطنين.

ويرى المصري أن التقييم الإيجابي للأوضاع الأمنية لا يعني أن المواطنين في العالم العربي يقولون إنهم يفضلون الأمن والأمان على النظام الديمقراطي. واعتبر أن المواطن عقلاني بحيث يقيّم الأوضاع الاقتصادية، ويرغب نحو 28% بالهجرة لتحسين وضعه الاقتصادي في الغالب.

كما يرجع الانخفاض في المشاركة السياسية إلى أن المواطنين في العالم العربي يشعرون بأن الانتماء إلى الأحزاب السياسية لا يؤدي بهم إلى مشاركة فعّالة في العملية السياسية وفي اتخاذ القرار. كما يجب فحص القوانين التي تنظم عمل الأحزاب والمنظمات التطوعية.

نظرة إيجابية للثورات

وحول وجهة نظر الشعوب بالثورات العربية، يوضح المؤشر أن نظرة المواطنين إيجابية بغالبيتها، وتعليقًا على ذلك يرى وزير الثقافة التونسي السابق المهدي مبروك أن نتائج المؤشر تعكس الانقسام والتشتت في تقييم مآلات الثورات، "فبعد أكثر من 12 عامًا يبدو أن مآلات الثورات في عدد من الدول قاتمة وأدى بعضها إلى حروب أهلية أو شعبوية استبدادية أو عودة النظام القديم في أثواب متجددة".

ويعتبر في حديثه إلى "العربي" من تونس، أن كل ذلك انعكس على اتجاهات الرأي العام العربي. كما أن وهج هذه الانتفاضات وتأييدها يتراجع مع مرور السنوات، بحسب مبروك، الذي يقول: "يجب أن نعترف أن هناك نواة صلبة لا زالت تعتقد أن هذه الثورات بإمكانها أن تعود".

ويرى أن الحلم بالديمقراطية والانجذاب لها سيجدد تعلق الشعوب بالمثل الديمقراطية.

الواقع الاقتصادي والاجتماعي

ويعد الوضع الاقتصادي والاجتماعي أولوية بالنسبة إلى نحو 60% من المستجوَبين. وترى كبيرة الاقتصاديين للشرق الأوسط في مصرف "جيفريز" علياء المبيض، أن الأولويات الاقتصادية والتقييم السوداوي للاقتصاد في بعض دول المشرق والمغرب العربي يأتي بعد جائحة كورونا والصدمات المتعلقة بالحرب في أوكرانيا.

وتؤكد المبيض في حديث إلى "العربي" من بيروت، أن تلك الصدمات طالت فرص العمل وأسعار الطاقة وتسببت بغلاء معيشة وتآكل للقدرة الشرائية في كثير من البلدان ولا سيما تلك غير النفطية.

وتعتبر المبيض أنه من الضروري وضع هذه الأولويات في سياق المرحلة الزمنية.

كما تشير إلى انقسام بين اقتصادات العالم العربي، حيث يتمركز من يعانون من العوَز في المشرق العربي والسودان ولبنان.

وتخلص إلى أن هذا الأمر يعود إلى عبء عامل آخر ألا وهو عامل اللجوء الذي أسفرت عنه الأزمة السورية، إضافة إلى أزمات لبنان وتخبط الحكومات في تونس في تطبيق الإصلاحات والنهوض بالاقتصاد في خضم الانعطافات السياسية.

المصادر:
العربي
شارك القصة