الأحد 5 مايو / مايو 2024

الفقر والجوع يهددان لبنان.. هل يُنهي "التدويل" الأزمة المتفاقمة؟

الفقر والجوع يهددان لبنان.. هل يُنهي "التدويل" الأزمة المتفاقمة؟

Changed

ناقش "للخبر بقية" تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان في ظل الأزمة السياسية الثلاثية الأبعاد (الصورة: غيتي - أرشيف)
ما هي حدود خروج لبنان من أزمته السياسية، وفرص نجاح ذلك في ظل الأرقام الكارثية التي تعكس تزايد الفقر والجوع؟

ذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان أن غالبية السكان في لبنان عاجزون عن تأمين حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، وسط أزمة اقتصادية متفاقمة.

وأضافت "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير، أن ملايين السكان دُفعوا إلى براثن الفقر، واضطروا إلى تقليص كميات طعامهم، مشيرة إلى أن الحكومة لم تتخذ التدابير الكافية بعد ثلاث سنوات من الأزمة الاقتصادية في لبنان.

وحثّت المنظمة الحكومة اللبنانية والبنك الدولي على اتخاذ إجراءات عاجلة للاستثمار في نظام حماية اجتماعية قائم على الحقوق، ويضمن مستوى معيشي لائق للجميع.

وجاء تقرير المنظمة بعد يوم واحد من دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى تدويل الأزمة اللبنانية بعد فشل الحلول الداخلية.

وقال الراعي إن الذين يُفشلون الحلول هم من يرفضون التدويل، منتقدًا الطبقة السياسية لعدم انتخاب رئيس جديد للبلاد.

من جهته، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بعد لقائه الراعي، أنهما اتفقا على عقد جلسة تشاور مع الوزراء للتفاهم على خطوات المرحلة المقبلة.

وباتت الحاجة إلى ذلك ملحّة جدًا في ظل أوضاع اقتصادية متردية يشهدها لبنان، وفي ظل حالة من الشلل السياسي ثلاثي الأوضاع: عدم وجود رئيس للبلاد، وحكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات، وبرلمان منقسم لا يُشكّل أي تكتل فيه أكثرية.

منظمة "هيومن رايتس ووتش" تحث الحكومة اللبنانية على اتخاذ إجراءات عاجلة للاستثمار في نظام حماية اجتماعي - غيتي
منظمة "هيومن رايتس ووتش" تحث على اتخاذ إجراءات عاجلة للاستثمار في نظام حماية اجتماعي في لبنان - غيتي

"طرف يعطّل انتخاب الرئيس"

وتعليقًا على تلك التطورات، يعتبر ريشار قيومجيان، رئيس جهاز العلاقات الخارجية في حزب "القوات اللبنانية" ووزير الشؤون الاجتماعية السابق، أن ثلاث سنوات مرّت على الأزمة الاقتصادية في لبنان من دون أي خطة نهوض اقتصادي أو حلول.

ويقول قيومجيان، في حديث إلى "العربي"، من بيروت، إنه في عام 2019، حذّر البنك الدولي من الوصول إلى هذا الدرك من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وعليه كان على الحكومات المتعاقبة، ومن خلفها الأحزاب السياسية التي تشكّلها (حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفائهما) لإقامة شبكات أمان اجتماعي.

ويضيف أنه لولا بعض المنظمات الدولية، والبنك الدولي، ومنظمة الغذاء العالمي، والمنظمات التابعة للأمم المتحدة، إضافة إلى تحويلات المغتربين، لكان خط الفقر في لبنان يطال 80% من الشعب اللبناني.

وحول دعوة الراعي إلى "تدويل" القضية اللبنانية، يؤكد قيومجيان أن "القوات اللبنانية" تؤيد هذا الطرح الذي جاء بعد خيبة أمل كبيرة لناحية تخطّي المهلة الدستورية لانتخاب رئيس، ودخول البلاد في فراغ قاتل، مع وجود طرف يعطّل انتخابات الرئيس.

ويوضح أن حزب "القوات" ملتزم بالمسار الديمقراطي، ولديه مرشّح بتوجّه سياسي جديد يحتاجه البلد، وسيادي إنقاذي إصلاحي غير فاسد، حسب قوله.

ويعتبر أن الدول الفاعلة مسؤولة عن الوضع الذي وصل إليه في لبنان، بوجود قرارات دولية تتعلّق بلبنان، وقضية حياد لبنان الذي يتمّ أخذه رهينة لحروب المنطقة والمحاور في ظل مصادرة "حزب الله" القرار الإستراتيجي للدولة، حسب وصفه.

وإذ رفض اعتبار الأزمة السياسية في لبنان على أنها انعكاس لصراع إقليمي بين إيران والسعودية على الأرض اللبنانية، يرى قيومجيان أن الاتفاق على انتخاب قائد الجيش جوزيف عون لرئاسة الجمهورية هو اتفاق داخلي لبناني.

ويوضح أن القوات اللبنانية "لن تعارض ترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، في حال كان هناك اتفاقًا داخليًا على الترشيح"، علمًا أنها تفضًل مرشحًا مدنيًا سياسيًا.

"الفراع الرئاسي سيطول أكثر"

من جهته، يشرح رضوان عقيل، الكاتب الصحفي، أن تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" لم يكن بالأمر المفاجىء، لأن التقارير الدولية كلها سبق وحذّرت من هذا التدهور، الذي تتحمّل مسؤوليته الحكومات المتعاقبة.

ويوضح عقيل، في حديث إلى "العربي"، من بيروت، أن الأخطاء السياسية التي اعتمدتها كل الحكومات، وغياب الرقابة الفعلية من مجلس النواب، والموازنات العامّة غير المدروسة، كلها عوامل أدت إلى هذا التدهور.

ويقول: "باختصار، نحن أمام دولة فاشلة لا تستطيع تأمين لقمة العيش لمواطنيها، ناهيك عن الدواء، والرعاية الصحية، والتعليم"، حسب رأيه.

ويعتبر أن العبء الآخر على الدولة اللبنانية يتمثّل في النازحين السوريين، حيث أن الدولة اللبنانية باتت غير قادرة على تحمّل هذا العبء، بينما يتحمّل المجتمع الدولي المسؤولية لأنه لم يقدّم الدعم اللازم والمطلوب للدولة اللبنانية في هذا الملف.

ويضيف أن الخلافات السياسية والمناكفات المفتوحة بين الأطراف السياسية، وعدم القدرة على انتخاب رئيس للجمهورية، أدى إلى تفاقم هذه الخلاصة المأساوية.

ويرى عقيل أن "صرخة الراعي هي نابعة من صرخة اللبنانيين نتيجة العذابات السياسية التي نعيشها"، لكنه يعتبر أن دعوة البطريرك لن يُكتب لها النجاح لأن معظم الأفرقاء السياسيين لا يريدون تدويل الأزمة اللبنانية، ناهيك عن أن هذه الدعوة لم تلقَ المظلة الدولية المطلوبة.

ويضيف أنه ليس هناك بوادر دولية أو أممية تُشير إلى أنها مستعدة للمساعدة، مؤكدًا أن مهمة انتخاب رئيس وتشكيل حكومة هي من مسؤوليتنا أولًا.

ويوضح أن "حزب الله" يقول إن مرشّحه هو "سليمان فرنجية" من دون أن يضع "فيتو" على قائد الجيش، لكن بعد كلام رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل ونجاحه إلى حد ما في إحراق اسم فرنجية داخل لبنان وخارجه، وهو يحاول فعل الأمر نفسه مع قائد الجيش، حسب قوله.

وتوقّع أن يطول الفراع في رئاسة الجمهورية أكثر في ظل المناكفات السياسية بين الكتل النيابية.

"صعوبة الحل الداخلي للأزمة"

بدوره، يوضح جوني منير، الكاتب الصحفي، أن المشكلة الأساسية في لبنان هي في ذهنية إدارة الدولة، حيث أن كل طرف يدخل في السلطة ينظر إلى الدولة على أنها غنيمة لتحصيل الفوائد لجماعته وحزبه، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى الزبائنية السياسية، وتحصيل مكاسب شخصية وذاتية للقوى السياسية، حسب قوله.

ويقول منيّر، في حديث إلى "العربي"، من بيروت، إن البلد يتوقّف عند كل استحقاق سياسي، سواء لناحية انتخاب رئيس، أو تشكيل حكومة أو إجراء انتخابات نيابية، مضيفًا أن الأمر ليس منوطًا بالدستور بل بالذهنية السياسية.

ويشير منير إلى أن الراعي بدعوته إلى تدويل القضية اللبنانية لا يطلب تدخّل الدول الكبرى في الأزمة، ولا يطلب تدخلًا في الوضع اللبناني، بل رعاية من الأمم المتحدة دون تدخل للمساعدة على ايجاد مناخ يؤدي إلى الخروج من هذا النفق.

ويعتبر أن جزءًا من الأزمة اللبنانية يتمثّل في صراع إقليمي داخل لبنان، أي صراع بين إيران عبر حلفائها في لبنان، والدول المعارضة لإيران عبر حلفائها في لبنان، مشيرًا إلى أن دعوة الراعي لتدويل الأزمة يتمثّل في إيجاد صيغة أو إمكانية الذهاب باتجاه مناخ إقليمي ملائم يسمح باخراج الوضع في لبنان من وضعه الحالي، والذهاب به إلى اتجاه مختلف.

ويوضح أن الصراع على رئاسة الجمهورية ليس صراعًا على شخص بل على المرحلة المقبلة والتركيبة الجديدة للسلطة، وهو ما يجعل الأزمة صعبة الحلّ داخليًا وبارداة داخلية فقط.

ويعرب عن اعتقاده بأن المدخل نحو حلّ الأزمة في لبنان قد يكون بايجاد حل للملف النووي الإيراني.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close