المجموعة الرابعة في المونديال.. نسور قرطاج في مواجهة الديوك والفايكينغ
تنطلق مباريات المجموعة الرابعة في مونديال قطر 2022، يوم الثلاثاء المقبل في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بلقاء يجمع منتخب الدنمارك مع تونس على استاد المدينة التعليمية، قبل أن يلتقي المنتخب الفرنسي مع نظيره الأسترالي في استاد الجنوب.
وتستقطب هذه المجموعة اهتمام الجماهير ليس لكونها تضمّ حامل اللقب، منتخب "الديوك" الذي يسعى لتنفيذ رقصة نجاح ثالثة، فحسب، ولكن أيضًا لكونها تضمّ "عملاقًا" آخر يأمل في النصر، ألا وهو منتخب الدنمارك، أو "محاربو فايكنغ" كما يحلو للبعض وصفهم.
وتزداد أهمية هذه المجموعة بالنسبة إلى الجماهير العربية، لكونها تضمّ أحد أهمّ منتخباتهم، "نسور قرطاج"، الطامحين بدورهم إلى التحليق، من دون أن ننسى "الكنغر" الأسترالي، الذي يتطلع لتوجيه ضربات قاتلة للخصوم، على حدّ سواء؟
للمزيد من القراءة حول السيناريوهات والمسارات المتبعة، تسلط هذه الحلقة من برنامج "أبطال الثمانية" الذي أطلقه "أنا العربي" مواكبة للمونديال، الضوء على المجموعة الرابعة من مونديال قطر 2022، والتي تتنافس فيها منتخبات فرنسا والدنمارك وتونس وأستراليا.
ديوك فرنسا "يكتبون التاريخ"
البداية من العملاق الفرنسي، حامل اللقب، الذي يأمل في الحفاظ على إنجازه، واقتناص بطولة كأس العالم للمرة الثالثة، وتخطّي ما يوصف بـ"لعنة البطل" التي طبعت العديد من المونديالات.
لكن، قبل الحديث عن حظوظ فرنسا العملية في البطولة، لا بد من إلقاء نظرة أولاً على تاريخ الديوك. فالفرنسيّون هم أصحاب أول فوز في تاريخ كأس العالم، إذ كتب المهاجم لوسيان لوريان التاريخ بأحرف من ذهب بتسجيله أول أهداف البطولة التي تكلل مشوارها الاستثنائي بلحظة خالدة.
فعلى أرضها ووسط جمهورها حطمت فرنسا كبرياء راقصي السامبا بنتيجة ساحقة (3-0) في النهائي الذي جمعهم في عام 1998، وهو نجاح ساهم فيه جيل أسر قلوب عشاق المستديرة.
ولعلّ جميع عشاق المستديرة يتذكّرون جيّدًا الكثير من لحظات ذلك النهائي الاستثنائي، من تصدي بارتيز الحاسم وصلابة تورام وديسايي في الدفاع، إلى حسم تيريزيغيه وهنري أمام المرمى، والأسطورة الخالدة زين الدين زيدان.
بعد تلك المباراة، انتظر الديوك 20 عامًا لمعانقة الكأس الذهبية من جديد، وكان النجاح هذه المرة على يد المدرب ديديه ديشامب، وهو واحد من ضمن 3 أسماء فقط أحرزت اللقب المونديالي بصفتي اللاعب والمدرب في الآن نفسه، إلى جانب كلّ من فرانتز بيكنباور الألماني، والبرازيلي ماريو زاغالو.
هل يتجاوز الديوك "لعنة البطل"؟
يعوّل ديشامب هذه المرّة على العديد من الأسماء اللامعة، من أمثال الحارس لوريس، وبافار، وديمبيلي، وغريزمان، إضافة إلى أغلى لاعب في العالم مبابي، فضلًا عن صاحب الكرة الذهبية كريم بنزيما الذي يعود إلى المونديال، بعدما غاب لسنوات عن أجواء المنتخب لأسباب معروفة.
وإلى هؤلاء، يعوّل مدرّب المنتخب الفرنسي أيضًا على عناصر شابة مثل ميندي، وكوندي، وكامافينغ، وكلّها أسماء قد تساهم في تجاوز "اللعنة" التي تصيب بطل كأس العالم، إذ جرت العادة مؤخرا في آخر نسخ البطولة، أن يخرج بطل كأس العالم من الدور الأول.
حدث ذلك مع إيطاليا وإسبانيا وألمانيا وحتى فرنسا نفسها التي كانت ضحية هذه اللعنة عام 2002. وإذا كان المحللون يعتبرون أنّ عبور الدور الأول لن يكون صعبًا على فرنسا، إلا أنّ "لعنة أخرى" قد تواجه المنتخب، وهي لعنة الإصابات، فتأثير فقدانه لاعبين مثل فاران واكنتي وبوغبا ونوكوكو سيظهر حتمًا خلال المباريات.
"الديناميت الدنماركي" والروح الجماعيّة
من فرنسا إلى "العملاق الثاني" في المجموعة الثاني، الدنمارك، الذي يرى كثيرون أنّ وضعه أكثر من جيّد، فالكرة الدنماركية تعيش أفضل فتراتها، إذ إنّ منتخبها يحتل المركز العاشر في تصنيف الفيفا، وبلغ المربع الذهبي في بطولة كأس أمم أوروبا الأخيرة.
ولعلّ المثل الشائع "مات ساحر في قرية، فخلّف الساحر جنيًا فاق في السحر أباه"، ينطبق على المنتخب الدنماركي، إذ يذكر المتابعون جيدًا الجيل الذهبي الذي تربع على عرش أوروبا في 1992، بمعجزة حققها نجوم بينهم برايان لاودروب، وهنريك أندرسين، والحارس الأسطوري بيتر شمايكل.
وفي هذا السياق، يبرز "الجيل الدنماركي" الجديد اليوم بإمكانيات فنية وبدنية مذهلة، حيث يتقدمه الحارس شمايكل الابن، والقائد سيمون كيير، ومدافع برشلونة كريستنسن، أغلى لاعب مدافع من حيث القيمة التسويقية.
ولا ننسى طبعًا المتألق مؤخرًا في صفوف "مانشستر يونايتد" كريستيان إيريكسن. وكذلك صاحب الـ 42 مليون يورو وأغلى لاعب في التشكيلة إيميل هويبيرغ، ودولبورغ المهاجم الذي يعرف طريق الشباك جيدًا.
ويمكن القول إن الروح الجماعية هي أبرز ما غرسه المدرب كاسبر هيولماند في نفوس لاعبيه، وهي تتجسد بوضوح في تلك اللحظة الاستثنائية التي أوقفت قلوب المشجعين، حينما سقط إيركسن في "اليورو الأخير" جراء أزمة قلبية.
وفي هذا السياق، يذكر المتابعون جيّدًا كيف تصرف زملاؤه بانضباط غير مسبوق أمام الكاميرات، علمًا بأنّ كل ذلك يؤهل الدنمارك بقوة، لتكون حصانًا أسود في هذه النسخة من بطولة كأس العالم.
نسور قرطاج وحلم التأهّل
في هذه المجموعة، منتخب ينال اهتمامًا استثنائيًا بالنسبة إلى الجماهير العربية. إنّهم نسور قرطاج، أكثر المنتخبات العربية مشاركة في تاريخ المونديال إلى جانب الأخضر السعودي وأسود الأطلس المغربي.
وعند الحديث عن المنتخب التونسي، لا بدّ من الإشارة إلى جيل 1978 لتحقيقه أول انتصار لمنتخب عربي في بطولة كأس العالم، ناهيك عن مواهبه الفذة مثل النايلي، وطارق ذياب، والحزامي، وحمادي العقربي، وعقيد والعبيدي.
وإذا كان صحيحًا أنّ حلم التأهل تحول إلى عقدة لازمت التونسيين، إلا أنّ الأكيد هو أنّ كرة القدم التونسية تعتبر متطورة على الصعيد الإفريقي، فهي تقوم بالأساس على التنظيم الدفاعي والانضباط التكتيكي.
ولن يحيد المدرب المحلي جلال القادري عن هذا المبدأ، كما أنه سيستفيد من المحترفين في أوروبا مثل الطالبي، وبرون، والسخيري والعيدوني ودراغر، والخزري، إضافة إلى الموهبة الفذة التي تعرفها الجماهير العربية جيدًا، يوسف المساكني.
ويعتقد كثيرون أن اللاعب رقم 12 سيكون له هذه المرة دور مميّز، في ضوء الأجواء الاستثنائية التي رافقت بطولة الكأس العربية الأعوام الماضية، والتي ستجدّدها الجماهير العربية بلا شكّ في قطر، وتحديدًا الجماهير التونسية.
هل يفعلها الكنغر الأسترالي؟
ولا يبدو المنتخب الأسترالي، سوكروز أو الكرويين كما يلقَّب، مجرّد رقم إضافي في هذه المجموعة، وهو الذي يشارك للمرة السادسة في المونديال، ولم تغب شمسه عن آخر 4 نسخ.
ولعلّ هذا المنتخب له دلالاته بالنسبة إلى الجماهير العربية، التي تعرفه جيّدًا بلاعب واحد هو تيم كاهيل، مهاجمه السابق الفتاك الذي أتعب الخصوم داخل منطقة الجزاء، وهو الذي أنهى أحلام سوريا في التأهل إلى مونديال 2018.
وفيما تبدو حظوظ الأستراليين في التأهل مشابهة لتونس، إلا أن سلاح مدربهم غراهام أرنولد هو إبقاء الجاهزية الذهنية والرهان على مجموعة من اللاعبين بينهم أويير مابيل، والحارس "الراقص" مات راين، ومتوسط ميدان هيلاس فيرونا الإيطالي أجدين هروستك.
تصبّ معظم التوقعات والتحليلات المرتبطة بهذه المجموعة، في أنّ المنتخبين الفرنسي والدنماركي قد يكونان "الأوفر حظًا"، لكنّ عوامل كثيرة تجعل من تونس وأستراليا منافسَين جدّيَين وحقيقيَّين في عالم كرة القدم الذي لا يخلو من المفاجآت.
فهل تفعلها فرنسا مجدّدًا أم أنّ "لعنة البطل" ستكون أقوى منها هذه المرّة؟ وهل يحقّق "نسور قرطاج" المفاجأة، وينجحون في إزاحة أحد "العملاقين"؟
كلّها أسئلة قد لا تجد الإجابات الوافية إلا على أرض قطر التي تتأهّب لاحتضان مباريات المونديال، وبالانتظار، يحمل الفيديو المرفق من برنامج "أبطال الثمانية" كل ما تحتاجون إلى معرفته عن المجموعة الرابعة والمنتخبات المنضوية فيها.