الجمعة 10 مايو / مايو 2024

المناطيد الصينية.. من هو مخترعها؟ وما الهدف الأساسي منها؟

المناطيد الصينية.. من هو مخترعها؟ وما الهدف الأساسي منها؟

Changed

تقرير عن إسقاط جسم طائر فوق ألاسكا (الصورة: رويترز)
تشير سجلات الشركات والتقارير الإعلامية إلى أن العالم الصيني وو زي هو الذي يقف وراء فكرة اختراع المناطيد الصينية، وهو أكاديمي كبير في جامعة "بيهانغ" في بكين.

أثارت المناطيد الصينية التي حلّقت فوق أنحاء متفرّقة من الولايات المتحدة وكندا منذ بداية فبراير/ شباط الحالي، تساؤلات عديدة حول الهدف الأساسي منها، ولا سيما أن بكين أكدت أنها مخصّصة لأهداف علمية مدنية، بينما وصفتها واشنطن بأنها "تجسّسية".

من اخترع هذه المناطيد الطائرة؟ وما الهدف الأساسي منها؟

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن سجلات الشركات والتقارير الإعلامية تشير إلى أن العالم الصيني وو زي هو الذي يقف وراء فكرة اختراع المنطاد، علمًا أنه يعمل في مركز برنامج المناطيد الصينية ذات الارتفاعات العالية.

كما تبيّن أن الشركات التي أسّسها زي هي ضمن الشركات التي استهدفتها العقوبات الأميركية.

ففي عام 2019، وفي تصريح لم يحظَ باهتمام كبير آنذاك، أعلن زي أن فريقه أطلق منطادًا على ارتفاع يزيد عن 60 ألف قدم في الهواء، وأرسله ليُبحر في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك عبر أميركا الشمالية.

وأطلق زي على المنطاد اسم "مطاردة السحاب" (cloud chaser)، معتبرًا أنه ثورة في مجال المناطيد الموجّهة والتي يمكن استخدامها لتقديم تحذيرات مبكرة من الكوارث الطبيعية أو مراقبة التلوث، أو عمليات المراقبة الجوية.

وأوضحت الصحيفة أن إعلان زي هو دليل من الأدلة التي تكشف طموحات بكين لاستخدام المناطيد على ارتفاعات عالية لتتبّع الأنشطة الأرضية، مع التركيز على الاحتياجات المحلية والعسكرية. 

وتشير تقارير وسائل الإعلام الصينية والدراسات الأكاديمية وخطابات المسؤولين التي حصلت عليها الصحيفة، إلى أن لزي دور محوري في جهود تنمية تقنيات صناعة المناطيد في الصين.

من هو زي؟

زي هو أكاديمي كبير في جامعة "بيهانغ" ( Beihang) في بكين، وهي مؤسسة تأتي في طليعة أبحاث الطيران والفضاء في الصين. كما عمل زي، الذي سيبلغ 66 عامًا هذا الشهر، في تطوير المناطيد لحوالي عقدين من الزمن.

وزي مؤسس أو مساهم رئيسي في ثلاثة على الأقل من الكيانات الصينية الستة التي فرضت عليها واشنطن عقوبات خلال الأسبوع الماضي، لتورّطها فيما تسميه الإدارة الأميركية ببرنامج مناطيد التجسّس في بكين. وتندرج العديد من شركاته الأخرى ضمن خطة الإدارة الأميركية للتتبّع والمراقبة. 

ولم تذكر واشنطن ما إذا كان أي من الكيانات المدرجة في القائمة السوداء مرتبطة على وجه التحديد بالمنطاد الصيني الذي تمّ إسقاطه فوق الولايات المتحدة هذا الشهر. كما أنها لم تذكر البروفيسور زي بالاسم. 

وبرز زي كشخصية محورية في طموحات الصين في "الفضاء القريب"، وهو نطاق من الغلاف الجوي بين 12 و 62 ميلًا فوق سطح الأرض، وهي مسافة مرتفعة جدًا بالنسبة لمعظم الطائرات للبقاء عاليًا لفترة طويلة، ومنخفضة جدًا بالنسبة للأقمار الصناعية الفضائية.

برز زي كشخصية محورية في طموحات الصين في "الفضاء القريب"
برز زي كشخصية محورية في طموحات الصين في "الفضاء القريب" (موقع جامعة بيهانغ)

ووفقًا لسيرته الذاتية على موقع جامعة بيهانغ، ساعد زي في تصميم المقاتلات النفّاثة، وطوّر خبرته في المواد الخفية الخارقة (stealth materials)، وفاز بجوائز من الجيش الصيني تقديرًا لعمله. وكان نائب رئيس جامعة "بيهانغ"، قبل أن يقرر العودة إلى البحث والتدريس. كما كان عضوًا في لجنة استشارية لقسم التسليح العام المنحل حاليًا بجيش "التحرير الشعبي".

ويرى الاستراتيجيون الصينيون في "الفضاء القريب" ساحة لتعميق التنافس بين القوى العظمى، حيث يجب أن تتقن الصين المواد والتقنيات الجديدة اللازمة لتأسيس وجود قوي، أو المخاطرة بالتغلّب على هذه القوى. وقد تعمّق هذا القلق مع توتر العلاقات الأميركية- الصينية في عهد شي جينبينغ،

ويُجادل المحلّلون الصينيون أن "الفضاء القريب" يوفّر بديلًا مفيدًا محتملًا للأقمار الصناعية وطائرات المراقبة، والتي قد تُصبح عرضة للاكتشاف أو الحجب أو الهجمات.

وفي هذا الإطار، كتب المعلق العسكري الصيني شي هونغ، العام الماضي، أن الفضاء القريب "هو مجال رئيسي للمنافسة بين القوى العسكرية في القرن الحادي والعشرين. وكل من يكتسب ميزة في مركبات الفضاء القريبة سيكون قادرًا على كسب المزيد من المبادرة في الحروب المستقبلية".

وذكرت الصحيفة الأميركية أنه حتى وقت قريب، لم يتمّ اكتشاف سوى القليل من رحلات المناطيد الصينية على ارتفاعات عالية، وربما كان ذلك جزئيًا شهادة على نجاحها في الابتعاد عن رادارات الحكومات الأجنبية.

ما هي المناطيد عالية الارتفاع؟

والمناطيد عالية الارتفاع مصنوعة من مواد خاصة يمكنها التعامل مع درجات الحرارة القاسية، وتحمّل الأحمال في الهواء الخفيف. ولكي تكون مفيدة، يجب أن يكون المشغلون على الأرض قادرين على البقاء على اتصال معها عبر مسافات شاسعة. وتشير المنشورات الأكاديمية المفتوحة لزي وتقارير أخرى إلى أنه وفريقه العلمي قد درسوا هذه التحديات منذ فترة طويلة.

وعام 2019، أوضح زي لصحيفة "سوثرن دايلي" (Southern Daily) آنذاك، أن المنطاد الذي تمّ إطلاقه في يوليو/ تموز من ذلك العام، كان كبيرًا، يبلغ طوله حوالي 330 قدمًا ويزن عدة أطنان، ويبدو أنه أكبر من المنطاد الذي تم إسقاطه قبالة سواحل كارولينا الجنوبية.

منطاد صيني
صورة مأخوذة من وسائل الإعلام الصينية عن تصوير بالحاسوب لمنطاد صيني حلق فوق البر الرئيسي للولايات المتحدة عام 2019 (تويتر)

وقال زي: "هذه هي المرة الأولى التي يطير فيها منطاد، يتمّ التحكم فيه بالديناميكا الهوائية حول العالم، في طبقة الستراتوسفير على ارتفاع 20 ألف متر".

رحلات أخرى

ولم تكن رحلة 2019 الوحيدة لزي وفريقه، إذ حقّقت مجموعة "Eagles Men Aviation Science and Technology Group"، أو "EMAST"، وهي شركة مقرّها بكين والتي شارك البروفيسور زي في تأسيسها عام 2004 ، سلسلة من النجاحات الأخرى بالنسبة لهم.

وذكرت "ايماست" أن منطادًا صينيًا جال حول العالم بالكامل عام 2020، وتم استعادته بأمان في انجاز مهم للشركة. وفي العام التالي، قام الفريق باطلاق منطادين في السماء في وقت واحد، في خطوة هي الأولى من نوعها ضمن المشروع.

أما عام 2022، فتقول صفحات الشركة على الانترنت، أن زي وفريقه إما أطلقوا أو خطّطوا لإطلاق ثلاثة مناطيد عالية الارتفاع في الهواء في نفس الوقت لتشكيل "شبكة محمولة جوًا".

وقالت الشركة إن الهدف النهائي هو إنشاء شبكة إشارات محمولة جوًا في الصين باستخدام مناطيد ثابتة تطفو على ارتفاع 80 ألف قدم على الأقل.

وشبّهت الشبكة مخططها  بمشروع "ستارلينك"، نظام الأقمار الصناعية الصغيرة ذات المدار المنخفض التي تديرها شركة "سبايس أكس"، مبدية أملها في "استكمال شبكة معلومات عالمية للفضاء القريب" بحلول عام 2028، لكنها لم توضح ما يعنيه ذلك.

المصادر:
العربي، ترجمات

شارك القصة

تابع القراءة