Skip to main content

اليمن عند "مفترق طرق".. تخوف من عودة شبح الحرب مع انتهاء الهدنة

الإثنين 3 أكتوبر 2022

لم تنجح مساعي اللحظات الأخيرة في تمديد الهدنة في اليمن قبل موعد انتهائها مساء الأحد خصوصًا في ظل الاشتراطات المتبادلة بين الأطراف المتصارعة.

هذه المساعي التي قادها المبعوث الأممي هانس غروندبيرغ لا تزال مستمرة في محاولة للوصول إلى هدنة موسعة ومنع عودة القتال.

وكان الاتفاق على الهدنة في 2 أبريل/ نيسان الماضي ثمرة جهود دولية مكثفة ضمت الأمم المتحدة وأطرافًا إقليمية حيث نجحت هذه المساعي بتمديدها مرتين.

وعلى الرغم من نجاح الاتفاق في خفض العمليات القتالية بدرجة كبيرة وفتح المجال أمام استئناف الرحلات الجوية من مطار صنعاء ورفع الحصار جزئيًا عن ميناء الحديدة إلا أنه ظل هشًا بدرجة لا تنبئ باقتراب السلام.

فقد اختُذل الاتفاق بهدنة بين الحوثيين وقوات التحالف التي تقودها السعودية بينما استمرت الخروقات على أكثر من جبهة.

فالحوثيون لم ينفذوا تعهداتهم برفع الحصار الكامل عن مدينة تعز المحسوبة ضمن مناطق نفوذ الحكومة الشرعية مما شكل ضغطًا على الحكومة التي تشهد انقسامات بين أركانها وإقصاء لأطراف فاعلة في الحرب مع الحوثيين.

وتعد الهدنة فرصة لبناء الثقة بين أطراف النزاع والانتقال إلى حالة من السلام الدائم وإنهاء الحرب، إلا أنها تعد أيضًا ترسيخًا لحالة الانقسام وتوزع مناطق النفوذ على أكثر من طرف.

وشهدت مناطق الحوثيين مؤخرًا حالة من التحشيد والتأهب العسكري عبر استعراضات عسكرية في رسالة منها لأطراف دولية وإقليمية أنها على استعداد لجولة جديدة من القتال إذ أعلنت الجماعة عن تخريج دفعات من المقاتليم تحت مسميات ألوية حرس الحدود وألوية جيزان في إشارة منها إلى منطقة جيزان المتاخمة للحدود مع السعودية.

وتدخل قوى إقليمية في هذه المواجهة في منطقة تشرف على أهم الممرات المائية وطرق التجارة الدولية.

"مفترق طرق"

وفي هذا الإطار، شرح مدير وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي مروان قبلان أن الهدنة التي بدأت في شهر رمضان الماضي كانت حاجة لجميع الأطراف، وخصوصًا بعد فشل هجوم الحوثيين على مأرب بعد عام من القتال.

ولفت في حديث إلى "العربي" من الدوحة إلى أنه وبعد أكثر من عام على فشل هذا الهجوم وهجوم شبوة، كان الحوثيون بحاجة إلى مثل هذه الهدنة لاستعادة أنفاسهم.

وأوضح أن السعودية أيضًا كانت بحاجة إلى الهدنة بعدما تعرضت السنة الماضية لهجمات متعددة عن طريق الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة وكذلك الإمارات التي تعرضت لهجمات نتيجة دعمها للهجوم الذي حصل في شبوة بهدف إخراج الحوثيين من المنطقة.

وأكد أن الأميركيين كانوا يضغطون بشدة للوصول إلى هدنة بعدما تحول الوضع الإنساني في اليمن إلى قضية داخلية في الولايات المتحدة في ظل اعتبارها أسوأ كارثة إنسانية تحصل في العالم نتيجة معاناة ملايين اليمنيين من الجوع والفقر.

وأشار إلى أنه خلال الستة الأشهر الماضية، لم ينجح المبعوث الأممي أو المبعوث الأميركي في تحويل الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار، ووصل الجميع اليوم مع نهاية الهدنة إلى مفترق طرق يجب فيه أن يقرروا فيه موقفهم في ظل الشروط المتبادلة.

"رغبة دولية في الحفاظ على الحوثيين"

بدوره، اعتبر أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء عبد الباقي شمسان أن الحديث عن نتائج كارثية في حال عدم انخراط الحوثيين وبقية الأطراف في الهدنة هو تضخيم هدفه الضغط من قبل المبعوثين الأممي والأميركي و"الدولة المهيمنة" على حد تعبيره.

وقال في حديث إلى "العربي" من أوترخت: إن الحوثيين يدركون تمامًا أن هناك رغبة وتوجهًا دوليًا للحفاظ عليهم في الحقل السياسي والعقائدي وفقًا للحلول المترتبة للمنطقة على الشاكلة العراقية.

وأضاف أن الجماعة تدرك أنها حققت العديد من المكتسبات من خلال إنهاء السلطة الشرعية وإيجاد مجلس رئاسي معين تمت صياغته في الرياض، وفتح مطار صنعاء دون ربطه بمدينة تعز، لافتًا إلى أنهم يطالبون اليوم بتسليم الرواتب.

ورأى أن الحوثيين من خلال مواقفهم خلقوا شعورًا بأنهم سلطة واقعية قادرة على قلب الطاولة وبالتالي يجب التفاوض معهم على أنهم سلطة قوية.

"هدنة رسخت نفوذ قوى داخلية مدعومة من قوى خارجية"

الكاتب المتخصص بالشأن اليمني ياسين التميمي لفت إلى أن الهدنة عظمت ورسخت نفوذ القوى الداخلية المدعومة من قوى خارجية كالحوثيين المدعومين من إيران في شمال اليمن، والانفصاليين المدعومين من التحالف في الجنوب.

وقال في حديث إلى "العربي" من إسطنبول: إن الحوثيين يطالبون اليوم بكافة النفقات التشغيلية لانقلابهم على السلطة الشرعية التي تتمثل برواتب المقاتلين الذين يواجهون القوات الحكومية في الميدان.

وشدد على أن الهدنة وضعت أفخاخًا عدة أمام إرادة اليمنيين في إنهاء هذه الحرب بشكل كامل.

التميمي اعتبر أن الحرب لا يمكن إنهاؤها من خلال تسوية مع مكاسب لـ"قوى الأمر الواقع"، لافتًا إلى أنها "يجب أن تبقى مواجهة بين المتمردين والانقلابيين من جهة والشعب اليمني من جهة أخرى".

وخلص إلى أن الهدنة تحولت إلى استحقاقات إقليمية ودولية بعدما حصلت دول التحالف على فترة سلام واستقرار والإدارة الأميركية حصلت على عائد معنوي من خلال القول إن الدبلوماسية يمكن أن تحل العدديد من المشاكل في العالم، مشيرًا إلى أن الوضع يتجه إلى مكافأة "المتمردين والانقلابيين" وفرض مشاريع تتنافى مع حق الشعب اليمني في العيش ضمن دولة المواطنة. 

المصادر:
العربي
شارك القصة