السبت 5 أكتوبر / October 2024

بالتواطؤ مع "الحرس الإسباني".. الموساد يحقق مع مراسل "العربي" في مدريد

بالتواطؤ مع "الحرس الإسباني".. الموساد يحقق مع مراسل "العربي" في مدريد

شارك القصة

مراسل "العربي" في إسبانيا معاذ حامد (بوبليكو)
مراسل "العربي" في إسبانيا معاذ حامد
استدعى الحرس المدني الإسباني الصحافي معاذ حامد إلى "لقاء عادي" في مقر أمني تابع له وسط مدريد، ليَتفاجأ بوجود ضابط مخابرات إسرائيلي في انتظاره.

تعرّض مراسل "العربي" في إسبانيا معاذ حامد للتحقيق من قبل ضابط مخابرات إسرائيلي، في مدريد، بالتواطؤ مع جهاز الحرس المدني الإسباني.

واستدعى الحرس المدني الإسباني معاذ حامد، عبر الهاتف، إلى "لقاء عادي"، بحسب تعبير الضابط الإسباني خلال الاتصال في مقر أمني تابع للجهاز وسط مدريد، ليَتفاجأ الصحافي بوجود ضابط مخابرات إسرائيلي في انتظاره.

وتركزت أسئلة الضابط الإسرائيلي حول تحقيقه المنشور في موقع وصحيفة "العربي الجديد". وتناول التحقيق استخدام جهاز الموساد الإسرائيلي في أوروبا أسماء مؤسسات وهمية، عربية وإسلامية، لتجنيد الفلسطينيين من أجل العمل لصالحه بالتجسس في تركيا.

وقد أدان التلفزيون العربي بشدّة ما حصل مع مراسله معاذ حامد. ووصف مدير القناة عباس ناصر الأمر بأنّه "بلطجة بلباس رسمي"، مبديًا التضامن الكامل مع الزميل معاذ، والصحافيين في كل مكان.

وإذ ثمّن ناصر عاليًا موقف الصحافة الإسبانية التي سلّطت الضوء على القضية، وموقف البرلمانيين الإسبان الذين رفضوا ما حصل وأدانوه، دعا الجمعيات والمنظمات الدولية والعربية إلى مزيد من التحرك من أجل حماية الصحافيين، وتحصينهم من الترهيب، أيًا كان مصدره.

ونشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تحقيقًا مطولًا حول الحادثة. وقد رفض الحرس المدني ووزارة الداخلية الإسبانية والسفارة الإسرائيلية في مدريد التعقيب على أسئلتها، فيما قالت السفارة البلجيكية إنها على علم بأن شخصًا انتحل شخصية ضابط بلجيكي.

وبعد انتشار الخبر، تصدّر وسْم "الموساد" منصة "تويتر" في إسبانيا، حيث غرّد عدد من الصحافيين محتجين ورافضين لما حصل.

تركيز إسرائيلي على "المصادر"

وفي التفاصيل، قال مراسل "العربي" معاذ حامد إنه "صُعِق" بسبب بوجود الضابط الإسرائيلي خلال المقابلة "التي كان من المفترض أن تكون طبيعية".

وكانت القصّة بدأت في 9 ديسمبر/كانون الأول 2020، حين تلقى معاذ مكالمة هاتفية من "نيكولاس"، وهو ضابط في الحرس المدني الإسباني، طلب منه مقابلته في "لقاء عادي" و"إجراء روتيني"، باعتبار أنّه كان قد قدّم طلب اللجوء إلى إسبانيا عام 2019. وقد وافق الصحافي على الطلب وقابل نيكولاس بالإضافة إلى "خافيير"، وهو ضابط آخر في الحرس المدني الإسباني، حيث سألاه عن رحلة لجوئه وأسباب تقديمه للجوء.

لكنّ القصّة لم تنته هنا، ففي 11 فبراير/شباط الماضي، تلقى معاذ مكالمة ثانية من الضابط "خافيير"، الذي طلب مقابلته مجدّدًا في "إجراء عادي". وبالفعل، وصل معاذ إلى البناية رقم 35 في شارع باتالا ديل سالادو في قلب العاصمة مدريد، أحد أبرز مقار الحرس المدني في البلاد، ليتفاجأ بدخوله إلى غرفة معزولة، حيث كان "رجل غامض" في انتظاره، عرّف نفسه بأنه "عمر".

وزعم هذا الرجل في البداية أنه "يعمل لصالح المخابرات البلجيكية"، لكنّه كان يتحدّث العبرية بطلاقة، الأمر الذي دفع معاذ إلى الطلب من الرجلين أن يبرِزا بطاقات الهوية الخاصة بهما، لكنّهما رفضا، ليتبيّن لاحقًا أنّه "ضابط مخابرات إسرائيلي"، علمًا أنّ الضابط الإسباني ترك معاذ وحيدًا معه، حيث حقّق معه وهدّده.

وأشار مراسل "العربي" إلى أنّ أسئلة الضابط الإسرائيلي كانت تتركز حول المعلومات التي لديه والمصادر التي استخدمها في التحقيق الصحافي، وكيف تتبّع أرقام الحوالات المالية التي تقوم بها مؤسسات وهمية عن طريق دول مثل جورجيا ورومانيا، وصولاً إلى تركيا.

ولفت إلى التركيز على محاولة معرفة "المصادر الأمنية" التي استند إليها في تحقيقه، مؤكّدًا أنّه رفض الإفصاح إطلاقًا عن هذه المصادر.

وقال: "واضح أنه كانت هناك مراقبة حثيثة لي شخصيًا بخصوص هذا التحقيق وتمّ سؤالي عن بعض الأمور التي لا يعلمها أحد باستثناء هذه المؤسسات التي تدّعي أنها مؤسسات عربية وإسلامية".

خطوات قانونية لمقاضاة الجهة المسؤولة

وأضاف حامد: "الأكثر غرابة أن يقوم جهاز الحرس المدني في إسبانيا باستدعائي والسماح لضابط أجنبي بالتحقيق معي على التراب الإسباني وداخل أحد المقرات الأمنية في كسر لجميع القوانين المحلية في إسبانيا إضافة إلى القوانين الأوروبية".

وإذ تحدّث عن "توتّر" ساد المقابلة، كشف أنّ "الضابط الإسرائيلي حاول كسر هذا الجو بالقيام بنوع من الدردشة للوصول إلى المعلومات التي أرادها". وتابع: "سألني عن الراتب وعن المواضيع التي نقوم بتغطيتها، وكأنه نوع من محاولة استقراء العمل".

وأشار مراسل "العربي" إلى خطوات قانونية باشر بها شخصيًا لمقاضاة الجهة التي قامت بذلك، وقال إنه التقى مع عدد من نواب البرلمان الإسباني بعد التحقيق مباشرة، ووضعهم في صورة ما حدث، كما أبلغ السفارة الفلسطينية بالحادثة، حيث رُفعت شكوى رسمية لدى السلطات الإسبانية.

وأوضح حامد أن محاميه الشخصي رفع مجموعة من الشكاوى إلى وزارة الداخلية، ومنظمة الأونروا في إسبانيا، بصفته لاجئًا في سجلات الأمم المتحدة، فيما يبحث عدد من المحاميين اتخاذ خطوات قانونية في الأيام المقبلة لمقاضاة جهاز الحرس المدني.

صحافي إسباني: ما حصل مع معاذ خطير جدًا

من جهته، وصف الصحافي الإسباني الذي أعدّ التحقيق خوسيه باوتيستا ما حصل مع مراسل "العربي" بـ"الخطير جدًا".

وأوضح باوتيستا، في حديث إلى "العربي"، أنّ "الموساد يعمل مع بعض قوات الشرطة في إسبانيا وهذا الأمر مربك"، مضيفًا: "في العادة نرى أجهزة المخابرات تحصل على معلومات من المهاجرين واللاجئين لكنهم لا يعملون بالتقارب مع أجهزة أخرى مثل الموساد".

وإذ لفت إلى أنّ هذه المرّة الأولى التي يرى فيها حادثة كهذه في إسبانيا، شدّد على أنّ "الأمر خطير جدًا لأنّ معاذ وعائلته لهم الحق بأن يشعروا بأنهم آمنون في إسبانيا لأنهم لاجئون فيها، وله الحق في أن يشعر بالأمان لأنه صحافي وله الحق في الحصول على المعلومات".

وأكد الصحافي الإسباني أنه "لا يوجد اتفاقية رسمية بين قوات الشرطة في إسبانيا والمخابرات في إسرائيل"، معربًا عن اعتقاده بأنّ هذا العمل قد يكون غير قانوني. وخلص إلى أنّ "هناك أمورًا مريبة تحدث"، آملًا أن تتولى الحكومة مسؤوليتها حيال هذه القضية.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close