السبت 27 يوليو / يوليو 2024

بذريعة "محاربة الإرهاب"... فلسطيني يفقد عمله في النمسا

بذريعة "محاربة الإرهاب"... فلسطيني يفقد عمله في النمسا

شارك القصة

عائلة فلسطينية في النمسا
الفلسطيني كان يعيش حياةً طبيعيةً في النمسا منذ 14 عامًا، ولم تكن له أي مشاكل (الأناضول)
شاب فلسطيني يروي ما حدث معه: فوجئنا بعشرات البنادق موجهة نحونا، وسألتني الشرطة عما إذا كنت أصلي وما إذا كانت زوجتي ترتدي الحجاب.

روى الفلسطيني ك. أ. وزوجته رويا فصول مأساةٍ فلسطينيّة أخرى، وقعت هذه المرّة في النمسا، حيث تسبّبت مداهمة الشرطة لمنزله بذريعة تنفيذ عملية لمكافحة "الإرهاب"، بتداعياتٍ كبيرة عليه، حيث فقد عمله، وتغيّرت نظرة جيرانه تجاهه، وأصيبت طفلته بصدمة لم تعد بعدها قادرة على الرضاعة.

وأوضح ك. أ.، في حديث إلى وكالة "الأناضول"، أنه يعيش حياةً طبيعيةً في النمسا منذ 14 عامًا، ولم تكن له أي مشاكل سواء مع جهاز الشرطة أو أي مؤسسة أخرى حتى ذلك اليوم، مشيرًا إلى أنه يقوم بمهامه كفرد مسؤول من دون تلقي أي مساعدات مالية من الدولة.

جماعة إرهابية؟

واستعاد حادثة المداهمة التي غيّرت حياته، قائلاً: "استيقظنا في الصباح الباكر على وقع جلبة كبيرة. وخلال ثوانٍ فوجئنا بعشرات البنادق موجهة نحونا. كانت هناك وحدة من الشرطة الخاصة مكونة من 15 إلى 20 فرداً".

وأضاف: "للوهلة الأولى ظننا أن جماعة إرهابية داهمت المنزل. كان أمرًا مخيفًا للغاية. وكانوا يصرخون فينا بصوت عالٍ "ارفعوا أيديكم، افعلوا كذا"، تجمدت زوجتي من صدمتها. ولم تستطع حتى أن تجيب على ما طُرح عليها من أسئلة. وكانت طفلتي البالغة ثماني أشهر فقط تبكي طوال الوقت".

وأوضح الفلسطينيّ أن عناصر الشرطة دخلوا غرفة نومهم واقتادوه إلى غرفة أخرى. وتابع: "تركوا باب المنزل الخارجي مفتوحًا. وكانت زوجتي وطفلتي خائفتين وتبكيان بشدة. وقالوا إنهم سيصطحبونني للتحقيق".

الشرطة كذبت

وأفاد بأن الشرطة استخدمت الكلاب في تفتيش جميع أنحاء المنزل، وأخذت من المنزل أجهزة إلكترونية كالهواتف المحمولة والحاسوب.

وأشار إلى أنهم لم يفهموا ما كانت تبحث عنه الشرطة، مضيفا: "انتقلنا إلى هذا المنزل منذ ثلاث سنوات. وقد ادخرنا مبلغاً لتجهيز المنزل وشراء الأثاث والاحتياجات الأساسية، لكنهم صادروا كل شيء".

وأكد أن الشرطة كذبت عليه أثناء احتجازه، وأخبرته أنه قدم بصفته شاهد وليس متهمًا، إلا أن الأوراق التي أعطيت له بعد ذلك تذكر بوضوح أنه متهم.

أسئلة غريبة

وكشف الفلسطيني أن الشرطة استجوبته طيلة 18 ساعة دون انقطاع. وقال إنه لم يجد في الاستجواب أي سؤال حول الاتهامات الموجهة إليه.

وأوضح أن الأسئلة صبّت بمعظمها في حياته الشخصية، إذ سُئل عن الصلاة وعن ارتداء زوجته للحجاب. كما سأله المحققون عن حياة طفلته البالغة ثمانية أشهر المستقبلية، وهل سيختار زوجها بنفسها، وهل سيأكل اللحوم في النمسا. 

وبحسب ما كشفه الشاب الفلسطيني، فقد تطرق المحققون لعلاقته ببعض من الرموز في العالم الإسلامي، كما سُئل العديد من الأسئلة حول مصر وحكومتها، وعن مجموعات وجماعات لم يسمع بها من قبل. وذكر أن الشرطة سألته عن شخصيات مثل الرئيس الفلسطيني الأسبق ياسر عرفات والداعية يوسف القرضاوي. 

ابتزاز؟

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، وفقا لإفادة الشاب الفلسطيني، الذي تحدّث عن "ابتزاز" تعرّض له، بعدما استخدم المحقّقون طفلته ذات الثمانية أشهر وزوجته لممارسة الضغط عليه، مضيفًا: "قالوا إن لم تخبرنا الحقيقة فلن نسمح لك بالذهاب إلى عائلتك".

وكشف أنّه فقد عمله بعدما كان يعمل منذ سنوات في شركة معروفة جيداً في النمسا. إلا أن الشرطة أرسلت رسالة إلى مكان عمله تقول "لا يمكن لهذا الشخص أن يعمل هنا". وتم فصله من العمل بناء على ذلك. كما تغيّرت نظرة الجيران له ولعائلته بعد المداهمة. 

وأشار الفلسطيني إلى أنه أصبح غير قادر على تلبية الاحتياجات الأساسية لطفلته ولا متطلباته الإنسانية، في وقتٍ أخبرته الشرطة أنه يمكن أن يسحب من أرصدته التي تم تجميدها ما يكفي لسد احتياجاته الأساسية ودفع إيجار المنزل والفواتير المستحقة عليه. وفوجئ عند ذهابه إلى المصرف بأنه غير مسموح له بسحب أي مبالغ.

ردود فعل

وقوبل الحدث بردود فعل غاضبة من عدد من السياسيين والإعلاميين وأوساط مختلفة من المجتمع النمساوي. وطالب الكثير من الكتاب والصحفيين ومؤسسات المجتمع المدني الشرطة بالتوقف عن هذه الممارسات التي لا تتفق مع أبسط معايير حقوق الإنسان الفردية والجماعية ولا يقرها الدستور النمساوي. 

ويعيش في النمسا نحو 700 ألف مسلم أي ما يشكل 80 في المئة من عدد السكان. وكانت النمسا قد أقرّت قوانين لمنع ارتداء النقاب والبرقع في العلن ومنع الحجاب في الدارس الإبتدائية.

تابع القراءة
المصادر:
وكالات
Close