Skip to main content

بعد انسحاب الحريري من الحياة السياسية.. ما هي مآلات المشهد في لبنان؟

الإثنين 31 يناير 2022

أعلن رئيس الحكومة اللبناني الأسبق سعد الحريري تعليق عمله في الحياة السياسية وعزوفه مع التيار الذي يترأسه (تيار المستقبل) عن خوض الانتخابات النيابية المقبلة.

وبدا الحريري في خطابه مستسلمًا، مشيرًا إلى واقع لم يعد باستطاعته التعايش معه

وفتح بذلك الزعيم الأول للطائفة السنية في لبنان باب التكهنات، وربطت بعض التفسيرات بين رسائله المشفرة وبين ما جاء من بنود في الورقة الخليجية التي قدمها وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح إلى صناع القرار في لبنان.

فالواضح أن الحريري يقف عاجزًا أمام وضع داخلي تعمقت فيه سياسات المحاور، وفاقمه تخلي الداعمين الإقليميين التقليديين عنه.

يحدث ذلك دون أثر لردود فعل عربية ودولية تذكر، فقد صمتت البيانات التي من المفترض أن تحاول ثنيه عن قراره في بلد تحكمه التوازنات الطائفية.

وقد أسمع الحريري صوته عاليًا، لكن صداه بقي في الداخل حيث اهتز له المكون السني الذي يرى في الحريرية السياسية رمزًا للاعتدال والبيت الراعي لاتفاق الطائف.

كما أنه بعثر حسابات الحلفاء والخصوم والمعادلة الانتخابية التي تستند إلى وجوده مع تياره، وفي مقدمة هؤلاء زعامات من قوى 14 آذار.

الحريري واتفاق الطائف

الباحث في مركز الجزيرة للدراسات شفيق شقير يشدد على علاقة الحريري باتفاق الطائف، لافتًا إلى أن هذا الاتفاق يتحول ويتغير مع كل مرحلة سياسية، معتبرًا أن هذه التحولات كانت تنعكس سلبًا على سعد الحريري في كل مرحلة.

ويشرح شقير في حديث إلى "العربي" من الدوحة أنه في عام 2005 عندما تسلم سعد الحريري المسؤولية السياسية خلفًا لوالده، كان خطابه عالي النبرة ومن ثم حصل تنازل في عام 2009 حيث التقى رئيس النظام السوري بشار الأسد بعد اتهامه باغتيال والده، ثم بدأت التنازلات تتوالى لاحقًا مرة بعد مرة.

واعتبر شقير أن اتفاق الطائف فقد وظيفته الإقليمية لأن سوريا التي كانت من الفاعلين في هذا الاتفاق آنذاك لم تعد كما كانت، كما أن السعودية التي رعت الاتفاق تخسر حاليًا نفوذها أمام إيران على حد تعبيره.

"القوى المجتمعية السنية قادرة على إنتاج البديل"

المدير التنفيذي لملتقى التأثير المدني زياد الصايغ اعتبر أن أخطر ما جرى للبنان هو أنه تم الانتقال من الحالة الطائفية إلى الحالة المذهبية ثم إلى اختصار الطوائف برؤساء الأحزاب أو التيارات.

وأشار في حديث إلى "العربي" من بيروت إلى أنه لا يمكن اختصار أي مكون من المكونات الروحية في لبنان والطائفة السنية من بينها، بأي زعيم من الزعماء حتى ولو أنه يشكل تيارًا سياسيًا عل امتداد لبنان مع تحالفات داخلية وعلى المستوى الإقليمي.

ورأى أن الحريري اعترف بأن التسويات التي قام بها أدت إلى خسارته للحلفاء، ليس فقط على المستوى الداخلي وإنما إقليميًا أيضًا.

ولفت الصايغ الانتباه إلى أن أغلب هذه التسويات لم تحصل فقط "لمنع الحرب الأهلية" كما قال الحريري، بل كانت أيضًا بغطاء شبه إقليمي لمحاولة احتواء تمدد حزب الله وإنجاز حد أدنى من إنقاذ الهوية اللبنانية.

وشدد على أن القوى المجتمعية الحية في الطائفة السنية قادرة على إنتاج البديل، مشيرًا إلى أنها منخرطة في بناء الدولة أيضًا.

"خيار عقلاني"

المحامية والناشطة الحقوقية ديالا شحادة أكدت أن أداء الحريرية السياسية وخصوصًا مع وريثها سعد الحريري هو الذي أفقدها الزخم الذي كانت تحظى به في وقت سابق.

وقالت في حديث إلى "العربي" من بيروت إن مشكلة الطائفية في لبنان هي أنها كرست التبعية لزعيم طائفة ما على حساب المواطنة للدولة وللقيادة الحكيمة التي لا ترتبط بمذهب أو بطائفة.

ورأت أن الأداء هو الذي أوصل تيار المستقبل الذي يقوده الحريري وغيره من الأحزاب إلى مرحلة لم يعد بالإمكان الحفاظ على شعبيتها كما كانت سابقًا أو على ذات التحالفات الداخلية.

وقالت: "عزوف الحريري عن الترشح هو خيار عقلاني ونتمنى أن نراه من زعماء الطوائف الآخرين الذين حكموا خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة ما أدى إلى إيصال لبنان إلى الانهيار الذي يعيشه حاليًا".

المصادر:
العربي
شارك القصة