تُعدّ الجسور من بين أعظم الإنجازات الهندسية في التاريخ، ولكنّها في حالات نادرة تكون شاهدة على فشل غير متوقّع وكارثي، بسبب العيوب الهيكلية أو الظروف الجوية أو الوزن الزائد.
وأعادت حادثة انهيار جسر "فرانسيس سكوت كي" في مدينة بالتيمور بولاية ماريلاند في 26 مارس/ آذار الماضي بعد اصطدام سفينة كبيرة به، الذاكرة إلى أكثر حوادث انهيار الجسور فتكًا في التاريخ.
أكثر حوادث انهيار الجسور فتكًا في التاريخ
رصد موقع " history.com" ثمانية من هذه الانهيارات الفتّاكة:
1- جسر بونتي داس باركاس (Ponte das Barcas)
شهدت البرتغال عام 1809، انهيار جسر بونتي داس باركاس الذي اعتُبر الأكثر دموية في التاريخ، وذلك خلال حرب شبه الجزيرة عندما هاجمت قوات نابليون مدينة بورتو.
فأثناء احتدام معركة بورتو الأولى في 29 مارس/ آذار 1809، حاول آلاف المدنيين الفرار من هجوم الجيش الإمبراطوري الفرنسي عن طريق عبور جسر بونتي داس باركاس العائم الذي تمّ تشييده عام 1806، من خلال ربط حوالي 20 قاربًا بكابلات فولاذية.
لكنّ الجسر انهار تحت وطأة الحشد، وغرق حوالي 4 آلاف مدني برتغالي وجنود الفيلق الفرنسي في نهر دورو.
2- جسر غريت يارموث المعلق (Great Yarmouth Suspension Bridge)
بعد ظهر يوم 2 مايو/ أيار 1845، تحوّل الفرح فجأة إلى رعب في مدينة غريت يارموث البريطانية. فبهدف الترويج لسيرك ويليام كوك، خطّط المهرج آرثر نيلسون لركوب المد الفيضاني لنهر بوري في حوض غسيل تجره أربع أوزات.
وعلى الرغم من هطول الأمطار، اصطف آلاف من المتفرّجين على ضفاف النهر، واحتشد مئات آخرون بما في ذلك العديد من الأطفال، على الجسر المعلق الذي يمتد على النهر لمشاهدة المشهد.
وبينما كان نيلسون يمرّ تحت الجسر الذي افتُتح عام 1829، انتقل المتفرّجون فجأة من جانب إلى آخر لمواصلة مراقبة رحلة المهرج.
لكنّ التغيّر المفاجئ في الوزن أدى إلى انكسار سلاسل الجسر وتحوّل السطح إلى شكل عمودي، حيث سُحق الأطفال على حاجز الجسر قبل سقوط السطح في النهر، ما أسفر عن مقتل 79 شخصًا بينهم 59 طفلًا، بعضهم لا يتجاوز عمرهم العامين.
3- جسر " لا باس شان" (Pont de la Basse-Chaîne)
عندما ضربت عاصفة رعدية مدينة أنجيه الفرنسية في 16 أبريل/ نيسان 1850، كافحت كتيبة مكوّنة من حوالي 500 جندي فرنسي للاستمرار بسيرها عبر جسر باس-شاين الممتد على نهر مين.
لكنّ الرياح العاتية، بالإضافة إلى قوة الخطوات الإيقاعية للجنود، أدت إلى تأرجح الجسر المُعلّق الذي يبلغ طوله 335 قدمًا بشدة، مما أدى إلى قطع الكابلات السلكية الخاصة به.
وانهار أحد الأبراج الحديدية للمبنى البالغ عمره 11 عامًا على الجنود، وسقط في النهر، ما أدى إلى مقتل 226 شخصًا.
وأثار الانهيار، إلى جانب انهيارات أخرى مثل انهيار غريت يارموث، مخاوف بشأن سلامة الجسور المعلّقة، ومضى عقدان من الزمن قبل بناء جسر آخر في فرنسا.
كما أثارت الكارثة أهمية فكرة "كسر الخطوة" للجنود عند عبور الجسور لمنع الرنين الخطير.
4- جسر السكك الحديدية على نهر وانجيهو (Whangaehu River Rail Bridge)
عند الساعة 10:21 مساء عشية عيد الميلاد عام 1953، اقترب قطار ركاب سريع من ويلينغتون إلى أوكلاند وعلى متنه 285 راكبًا وطاقمًا من جسر السكك الحديدية لنهر وانغايهو في ريف تانجيواي بنيوزيلندا.
وقبل ذلك بدقائق، أدى انهيار طيني بركاني من جبل روابيهو القريب إلى تقويض جزء من الجسر، فسقطت 6 عربات للسكك الحديدية في النهر.
وبسرعة، قام طاقم القاطرة باستخدام فرامل الطوارئ ورمل المسارات لجعل القطار يتوقف بشكل أسرع، ما منع ثلاث عربات من الدرجة الأولى من الانحراف عن مساراتها.
إلا أنّ الطاقم أصبحوا من عداد القتلى الـ151. وأثناء زيارتها لنيوزيلندا في أول جولة ملكية لها كملكة، أعربت الملكة إليزابيث الثانية عن تعاطفها مع الضحايا بعد ساعات من الحادث وزارت الناجين.
5- جسر ترويسديل (Truesdell Bridge)
في 4 مايو/ أيار 1873، تجمّع حشد كبير يضمّ أكثر من 200 شخص على جسر ترويسديل في ديكسون بولاية إلينوي لمشاهدة عمليات التعميد التي تجري في نهر روك بالأسفل.
وانتهى بناء الجسر الحديدي في يناير/ كانون الثاني 1869، والذي كان من المفترض أن يكون تحسينًا للجسور الخشبية التي انهارت على مر العقود أثناء الفيضانات.
ولكن بعد ظهر ذلك اليوم، انهار الجسر بسبب ثقل الحشد، ما أدى إلى وفاة 46 شخصًا وجرح 56 آخرين. واستغرق الأمر أيامًا لاستعادة بعض الجثث التي تمّ العثور عليها على بُعد 10 أميال من مجرى النهر.
وأفاد تحليل للجمعية الأميركية للمهندسين المدنيين بأنّ التصميم الخاطئ للجسر أدى إلى انهياره. ووفقًا لنصب تذكاري موجود الآن في موقع الجسر، فإن "الشبكات الحديدية للجسر كانت تدور مثل المقص، ما أدى إلى محاصرة العديد من الضحايا أو إصابتهم بجروح خطيرة، في حين أن الأحزمة التي يبلغ ارتفاعها 15 قدمًا حبست العديد منهم تحت الماء".
6- جسر موراندي (Morandi Bridge)
بفضل تصميمه الفني والمبتكر، أصبح جسر موراندي معلمًا فوريًا في مدينة جنوة الساحلية الإيطالية بعد افتتاحه عام 1967. ولكن في صباح 14 أغسطس/ آب 2018، انقطعت الكابلات في الدعامات الجنوبية للجسر أثناء هطول أمطار غزيرة في الصيف، ما أدى إلى انهيار أجزاء من جانبه الغربي.
وسقطت عشرات السيارات على الطريق السريع "A10" من على ارتفاع 150 قدمًا في نهر بولسيفيرا والشوارع المجاورة وخطوط السكك الحديدية. وأسفر الحادث عن مقتل 43 شخصًا وإصابة 16 آخرين.
وانهار أحد أبراج الجسر الثلاث، لكنّ القسم الشرقي ظل قائمًا. وألقى تحقيق مستقلّ باللوم في الانهيار، على تآكل الكابلات الفولاذية بعد أن سمحت الشقوق في خرسانة الجسر بتسرّب الماء والهواء المالح إلى الداخل.
وتم افتتاح جسر بديل في أغسطس 2020.
7- جسر "صن شاين سكاي واي" (Sunshine Skyway Bridge)
في صباح 9 مايو 1980، اجتاحت عاصفة مفاجئة جسر "صن شاين سكاي واي" الممتد على مصب خليج تامبا جنوب سانت بطرسبرغ في فلوريدا.
ومع تعطّل الرادار، اصطدمت سفينة الشحن "MV Summit Venture" التي يبلغ وزنها حوالي 20 طنًا، باثنين من أعمدة دعم الجسر بينما كانت تكافح للتنقل في القناة وسط الضباب والأمطار الغزيرة والرياح العاتية.
وسقط قسم من الجسر في المياه مع ست سيارات وشاحنة صغيرة وحافلة، ما أدى إلى مقتل 35 شخصًا.
8- جسر "آي 35 w" فوق المسيسيبي (I-35W Mississippi River Bridge)
خلال ساعة الذروة المسائية في الأول من أغسطس/ آب عام 2007، انهار فجأة الامتداد المركزي لجسر "آي 35 w" فوق نهر المسيسيبي في مينيابوليس مينيسوتا. ثمّ انهارت الأقسام المجاورة، وسقط ركاب في 111 مركبة و18 عامل بناء من ارتفاع 115 قدمًا في النهر وعلى ضفافه.
وأدى الحادث إلى مقتل 13 شخصًا وإصابة 145 آخرين. ووفقًا لتحقيق أجراه المجلس الوطني لسلامة النقل، كانت الألواح المعدنية للجسر رقيقة جدًا بحيث لا تتحمل وزن الامتداد، إلى جانب حركة المرور في ساعة الذروة ومعدات البناء على سطح السفينة وقت وقوع الحادث.