الإثنين 6 مايو / مايو 2024

خط الدفاع الأول.. كيف تحول حي الشجاعية إلى كابوس جنود الاحتلال؟

ذاع صيت حي الشجاعية في حرب عام 2014، عندما أسر فيه الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون
ذاع صيت حي الشجاعية في حرب عام 2014، عندما أسر فيه الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون - وسائل التواصل
خط الدفاع الأول.. كيف تحول حي الشجاعية إلى كابوس جنود الاحتلال؟
خط الدفاع الأول.. كيف تحول حي الشجاعية إلى كابوس جنود الاحتلال؟
الجمعة 29 ديسمبر 2023

شارك

بات اسم "حي الشجاعية" يتردد على لسان معظم الجنود الإسرائيليين، وأصبح محفورًا في ذاكرة كل من حارب في قطاع غزة، بعدما عُرف بصموده.

وذاع صيت حي الشجاعية الذي يقع في المنطقة الشرقية لمدينة غزة في حرب عام 2014، عندما أُسر فيه الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون في عملية "العصف المأكول".

قصة حي الشجاعية

فقد تحول حي الشجاعية إلى كابوس يلاحق جنود الاحتلال إلى درجة تفجيرهم 56 مبنى في الحرب الأخيرة على غزة، لعله يشفي غليلهم من خسائر وهزائم لحقت بعناصرهم خلال معارك عنيفة.

ويقع الحي في الجزء الشمالي للقطاع، وتحديدًا شرقي مدينة غزة على مساحة تبلغ أكثر من 14 آلاف دونم، ولا يفصله سوى 800 متر عن كيبوتس ناحل عوز على الجانب الآخر من الخريطة، وهو ما أكسبه أهمية جغرافية وعسكرية كبرى.

ويعد إحدى بوابات إسرائيل الرئيسة إلى مدينة غزة، أما بالنسبة للفصائل الفلسطينية فهو خط الدفاع الأول عنها.

ويعد الحي واحدًا من أكبر أحياء قطاع غزة، إذ ينقسم إلى قسمين:

  • حي "التركمان" بالجنوب، وسمي بذلك نسبة للعشائر التركمانية التي استقرت هناك في عهد السلطان الأيوبي الصالح أيوب بالقرن الثالث عشر ميلادي.
  • و"جديدة الأكراد" (الجديدة) بالشمال الذي استقر به الأكراد قادمين من الموصل.

ويعد حي الشجاعية موطن أكثر من 110 آلاف شخص حسب إحصاءات عام 2015.

أهمية تاريخية كبرى لحي الشجاعية

ويحظى الحي بأهمية تاريخية كبرى، لدى هؤلاء؛ فقد لعب دورًا كبيرًا في الحروب التي خاضها القطاع على مر السنين، إذ شهد أعتى الصراعات والمعارك بين الصليبيين والأيوبيين.

وقد سمي بهذا الاسم نسبة إلى شجاع الكردي الذي استشهد في إحدى تلك المعارك سنة 1239، والتي انتهت بانتصار المسلمين.

وكانت له كذلك أهمية كبرى عسكريًا وإستراتيجيًا خلال الحروب العالمية، بفضل موقعه الجغرافي الذي يتميز بتلة المنطار التي ترتفع نحو 85 مترًا فوق سطح البحر على نحو يجعلها تبدو برج مراقبة طبيعيًا دفعت الجيوش إلى اتخاذه مقرًا للجنود وعلى رأسهم جيش نابليون.

صورة لقتلى الجيش الإسرائيلي في الكمين الأخير بحي الشجاعية
صورة لقتلى الجيش الإسرائيلي في الكمين الأخير بحي الشجاعية - وسائل التواصل

وبعد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948، بات الحي مركزًا للمقاومة فهو المقر الرئيسي لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، كما شهد البدايات الأولى لمنظمة التحرير الفلسطينية والجبهتين (الشعبية والديمقراطية).

وكان حي الشجاعية مسرحًا لحروب طاحنة في حرب عام 1967، إذ انطلقت منه بعد ذلك شرارة الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987.

"جحيم الشجاعية"

وبرز اسم الحي مع كل اعتداء إسرائيلي على القطاع، وتردد اسمه في حروب 2018 و2014، وذلك بسبب موقعه القريب جدًا من الحدود الإسرائيلية، وتحديدًا من مستوطنة ناحل عوز التي كانت مسرحًا لعملية هجومية نوعية خلف خطوط جيش الاحتلال عام 2014، تمثلت في اقتحام مقاتلي كتائب القسام موقعًا عسكريًا تابعًا لكتيبة ناحل عوز، وقتل عشرة من جنود الجيش الإسرائيلي.

لكن المعركة الأشد ضراوة بين كتائب القسام وجنود الاحتلال وقعت أثناء الدخول البري الإسرائيلي إلى القطاع في حرب عام 2014، وذلك خلال اقتحام لواء غولاني حي الشجاعية في يوليو/ تموز عام 2014، إثر أسر الجندي شاؤول آرون.

فقد نصبت الفصائل الفلسطينية حينئذ كمينًا محكمًا لجنود الاحتلال استهدف ناقلة جند مدرعة من نوع نمر، وأودى بحياة 7 جنود. وانتهت المعركة بمقتل 13 جنديًا وإصابة قائد اللواء، ليوصف الحي بعد ذلك بـ"البقعة السوداء" في معركة "العصف المأكول".

ومنذ ذلك الحين تحول حي الشجاعية إلى كابوس يلاحق الجنود الإسرائيليين، إذ قدم عشرات منهم شهاداتهم لاحقًا عن الأثر النفسي الذي خلفته المعارك في الحي مع الفصائل الفلسطينية خلال فيلم وثائقي حمل عنوان "جحيم الشجاعية".

وبعد ذلك بتسع سنوات، وفي عدوان جديد على القطاع ظهر لواء غولاني من جديد وهو الذي يوصف في إسرائيل بأنه أقوى وحدات الجيش وأشدها بأسًا.

وعاد مرة أخرى إلى الانتقام قبل أن يتكبد واحدة من أكبر خساراته مرة أخرى بعد وقوع مقاتليه في "كمين محكم"، قتل فيه ما لا يقل عن 10 من اللواء خلال 24 ساعة فقط منهم قائد سرية في الفرقة 13 في لواء غولاني الرائد روعي ميلداسي، وقائد سرية في الفرقة 51 في لواء غولاني الرائد موشه أفراهام بار أون، وقائد فصيلة في الكتيبة 51 في اللواء النقيب ليال هايو.

وأعادت العملية لذاكرة الإسرائيليين كابوس حي الشجاعية الذي باتت محاولة اقتحامه بمثابة عملية انتحارية بالنسبة لجيش الاحتلال الذي عاد ليقصفه بشدة بعد مقتل جنوده فيه ويهدم كل ما فيه من مبان ومنازل، فكان هذا هو مصدر فخرهم بعد عجزهم عن دخوله.

المصادر:
العربي

شارك

Close