Skip to main content

"زومبي" في كالي الكولومبية.. مدينة "الغضب الشعبي" تواجه الرصاص الحي

السبت 12 يونيو 2021
يتعمد المحتجون ستر وجوههم بأقنعة خاصة خوفًا من عمليات انتقامية من قبل السلطات الكولومبية

عند غروب الشمس، يبدو الخوف واضحًا على الحواجز في مدينة كالي الكولومبية ومعقل التعبئة ضد الحكومة، قبل أن يخرق الرصاص هدوء الليل كما يقول متظاهرون لا يستطيعون أن تغفو أعينهم للحظة.

ويشعر الشباب على خط المواجهة مع السلطة أنهم محاصرون من قبل عناصر الشرطة الذين يقمعونهم في النهار، ويطلقون النار عليهم في الليل "عندما يتمكنون من العمل بملابس مدنية"، حسب شهادات عشرات من أعضاء هذه "المقاومة" جمعتها وكالة "فرانس برس"، وتُشَن الهجمات على الحواجز من "آليات مدرعة" تحت جنح الظلام.

وقال "روخو" (33 عامًا) الذي يستخدم هذا الاسم المستعار خوفًا من أعمال انتقامية: "نحن لا ننام لذا نشبه الموتى الأحياء (زومبي)".

وتدل دوائر سوداء كبيرة تحت قناع الغاز على ليالٍ بلا نوم أمضاها في بويرتو ريسيستنسيا إحدى النقاط الساخنة للتعبئة في كالي ثالث مدن البلاد، والبالغ عدد سكانها 2,2 مليون نسمة.

وانفجرت الطبقة الوسطى التي أفقرتها أزمة وباء كوفيد-19 في 28 أبريل/نيسان ضد مشروع لزيادة الضرائب. على الرغم من أن الرئيس إيفان دوكي سحب المشروع، اتخذ الاحتجاج أبعادًا غير مسبوقة في كولومبيا نتيجة لقمع الشرطة.

"جزر من الفوضى"

من الأسبوع الأول سقط 18 قتيلًا في كالي. وقالت هيئة "المدافع عن الشعب"' العامة لحماية حقوق الإنسان: إن الشرطة تورطت في 8 من عمليات القتل هذه، بينما تحدثت الشرطة نفسها عن سقوط قتيل و17 جريحًا في صفوفها.

وعندما بدأ إطلاق النار من كل مكان نشرت الحكومة الجيش لدعم الشرطة التي واجهت إدانات عديدة أمام لجنة الدول الأميركية لحقوق الإنسان بعد زيارة لكولومبيا من 6 إلى 10 من يونيو/ حزيران.

وعلى الرغم من تسجيلات الفيديو التي اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي وظهرت فيها سيارات الدفع الرباعي الراقية التي أطلق منها الرصاص، لم تسجل الشرطة أي شكوى. وقال ضابطان في الشرطة طلبا عدم كشف هويتيهما: إن "الناس لا يثقون في المؤسسات".

وقال مصدر طبي تدخل خلال خمسة هجومات ليلية وطلب عدم كشف هويته أيضًا بسبب التهديدات: إن الجرحى طلبوا عدم نقلهم إلى المستشفى حتى لا تتم "إحالتهم إلى القضاء".

ويسود في النهار هدوء في مخيم بويرتو ريسيستنسيا. وبينما يلعب الشباب الكرة الطائرة، يدخل سكان في المنطقة إلى مكتبة صغيرة أقامها المتظاهرون في مركز للشرطة مدمر.

لكن عند غروب الشمس في "جزر الفوضى الصغيرة" هذه كما تسميها الحكومة، تستأنف مضايقات الشرطة التي لا تتوقف، من عمليات تفتيش يتخللها ضرب وإهانات واحتجاز تعسفي.

ندفع حياتنا ثمنًا

وأدانت منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية وحشية الشرطة، وتحدثت عن وقوع 20 جريمة قتل على الأقل ارتكبها عملاء من أصل 60 قتيلًا سقطوا في البلاد خلال ستة أسابيع من الاحتجاجات.

وقال "بايرون" (30 عامًا) الذي يغطي وجهه ويحمي نفسه بدرع بسيط: "نحن مستعدون لدفع حياتنا ثمنًا". وأضاف: "نحن نتمرد بسبب نقص الفرص، والأكل يصبح أكثر صعوبة كل يوم". ويؤكد بعض حراس "الخطوط الأمامية" أن لديهم أسلحة لصد الهجمات، بينما يتسلح آخرون بهراوات وحجارة.

وقال زعيم أحد الأحياء وسلطة مدنية وموظف معني بحقوق الإنسان: إن العنف ليس فعل قوات الأمن. ويعتقد الثلاثة أن تجار المخدرات أيضًا يمارسون القمع. 

ويتأثر موزعو المخدرات بالحواجز على الطرق، ولم يعد العملاء يذهبون إلى الأحياء خوفًا من اضطرابات. وتسلل بعضهم إلى مخيمات المتظاهرين "لارتكاب جرائم والاتجار بأي شيء يتعلق بالمخدرات واستهلاكها" على حد تعبير الجنرال خوان ليون، قائد الشرطة المحلية. 

وحذر رئيس البلدية خورخي إيفان أوسبينا من أن تهميش المتظاهرين سيكون "خطأ". وتراوح أعمار هؤلاء بين 15 و35 عامًا، وهم طلاب أو خريجو جامعات عاطلون عن العمل بسبب وباء كوفيد-19 الذي أدى إلى تفاقم الفقر لدرجة أنه يطال الآن 42% من 50 مليون كولومبي.

ويوضح رئيس أساقفة كالي داريو مونسالف أن هؤلاء "الشباب كانوا دائمًا وقودًا لمدفعية" المجموعات المسلحة لكنهم الآن يحظون بدعم الطبقات الشعبية التي "أعطاها الوباء شعورًا بوجود قضية مشتركة".

المصادر:
أ ف ب
شارك القصة