سويسرا المثال الأشهر.. تعرف على الدول الأوروبية المحايدة

يبدو أن قائمة الدول "المحايدة" أو غير المنحازة في أوروبا بدأت بالانكماش، بعد أن غيّرت المخاوف الأمنية بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، حسابات التفاضل والتكامل بالنسبة لكل من فنلندا والسويد، ما دفعهما للتقدّم رسميًا بطلب الحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو).

كما دفعت الحرب دولًا أخرى "محايدة" تقليديًا إلى إعادة التفكير في المغزى الحقيقي لهذا المصطلح بالنسبة لها.

والدول المحايدة هي التي لا تنحاز إلى أي دولة أخرى في حالة حرب، كما لا تساعد أو تلحق الضرر بأي من الدول المتحاربة، ولا تسمح باستخدام أراضيها لأغراض عسكرية.

فمن هي الدول الأوروبية التي كرّست "الحياد" في قوانينها أو اعتبرت نفسها محايدة بشكل عام؟

سويسرا

يُمكن القول إن سويسرا هي أقدم الأمثلة وأكثرها شهرة عن الحياد. منذ عام 1815، كان الحياد مبدأ صارمًا في السياسة الخارجية للبلد، كما كرّسته في دستورها.

ومنذ عقود، قررت البقاء خارج الاتحاد الأوروبي، على الرغم من توقيعها صفقات مع الاتحاد الأوروبي بشأن التجارة وحرية الحركة. ولم تنضمّ برن إلى الناتو، بينما انضمّت إلى الأمم المتحدة فقط عام 2002.

ولم تتخلّ برن عن حيادها بشكل كامل خلال الحرب على أوكرانيا، حيث طلبت حكومتها من ألمانيا عدم تمرير المعدات العسكرية السويسرية إلى أوكرانيا.

ورغم ذلك، جاهدت الحكومة السويسرية، في الأسابيع الأخيرة، لشرح مفهوم الحياد بعد فرضها عقوبات على روسيا على غرار الدول الأوروبية.

وكان الحزب الشعبوي اليميني، الذي يشغل أكبر كتلة من المقاعد في البرلمان، مترددًا بشأن اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد روسيا. ويحرص السويسريون بشدة على حماية دورهم كوسيط للدول المتنافسة، وكمركز للعمل الإنساني وحقوق الإنسان.

النمسا

يعتبر حياد النمسا عنصرًا أساسيًا في ديمقراطيتها الحديثة.

وأعلنت النمسا نفسها دولة محايدة عسكريًا وكرّسته في دستورها عام 1955، كجزء من اتفاقية تاريخية لمغادرة قوات الحلفاء أراضيها واستعادة استقلالها بعد توحيدها مع ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية.

ولم تنضمّ النمسا إلى الناتو، ولن تسمح بوجود قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها. لكنها فرضت عقوبات ضد روسيا بعد الهجوم على أوكرانيا.

وأكد المستشار كارل نهامر أن بلاده "ليس لديها خطط لتغيير وضعها الأمني"؛ ولكنه، في الوقت نفسه، أعلن أن "الحياد العسكري لا يعني بالضرورة الحياد الأخلاقي، وأن النمسا تدين بشدة تصرفات روسيا في أوكرانيا".

كما قال وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالنبرغ: "حتى لو كانت النمسا دولة محايدة من وجهة نظر عسكرية، فنحن لسنا محايدين عندما يتعلق الأمر بالعنف".

أيرلندا

يصبّ حياد أيرلندا في منطقة رمادية بعض الشيء. ولخّص رئيس الوزراء ميشيل مارتن موقف بلاده من الحياد على النحو التالي: "لسنا محايدين سياسيًا، لكننا عسكريا محايدون".

وأعادت الحرب في أوكرانيا فتح النقاش حول معنى حياد أيرلندا، التي فرضت عقوبات على روسيا، وأرسلت مساعدات غير قاتلة إلى كييف.

وشاركت أيرلندا في مجموعات القتال التابعة للاتحاد الأوروبي، وهي جزء من جهود الاتحاد لمواءمة جيوشها.

مالطا

ينصّ دستور مالطا على أنها "محايدة رسميًا، ملتزمة بسياسة عدم الانحياز ورفض المشاركة في أي تحالف عسكري".

وقبل أسبوعين من الهجوم الروسي على أوكرانيا، أظهر استطلاع رأي أن الغالبية العظمى من المستطلعين يؤيدون الحياد، بينما عارضه 6% فقط.

قبرص

على الرغم من نمو علاقات قبرص مع الولايات المتحدة بشكل كبير خلال العقد الماضي، إلا أن فكرة عضوية الناتو لا تزال غير مطروحة على الطاولة، على الأقل في الوقت الحالي.

وقال رئيس الدولة المنقسمة في 14 مايو/ أيار الماضي، إنه "من المبكر جدًا" التفكير في مثل هذه الخطوة التي من شأنها أن تواجه بشكل ثابت معارضة قوية من تركيا.

ويُلقي العديد من القبارصة، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى اليسار السياسي، اللوم على الناتو في تقسيم الجزيرة منذ منتصف السبعينيات، حيث كانت تركيا عضوًا في الناتو، ولم يفعل الحلف شيئًا لمنع العمل العسكري في هذه الجزيرة المتوسطية الصغيرة.

وتتعاون نيقوسيا مع الناتو من خلال برنامج "الشراكة من أجل السلام"، الذي يسمح لها بصياغة علاقتها مع التحالف العسكري الغربي.

وتمتلك بريطانيا الدولة العضو في الناتو قاعدتين عسكريتين سياديتين في قبرص، والتي تستضيف موقعًا متطورًا للتنصت على الساحل الشرقي يتعاون مع القوات الأميركية.

كما سمحت للسفن الحربية الروسية بإعادة الإمداد في الموانئ القبرصية، على الرغم من تعليق هذا الامتياز بعد بدء الحرب في أوكرانيا.