عشرون عامًا مرّت على أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي طبعت تاريخ الولايات المتحدة الحديث، واتخذت منها أميركا مبررًا لخوض معارك عديدة.
قبل الانطلاق باتجاه أفغانستان ومن بعدها العراق، تحت راية ما سُمّي بالحرب على الإرهاب، ساق الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن ومسؤولون في إدارته حججهم وبرّروا دوافعهم في سياق رواية رسمية مرتبطة بالهجمات وبالإرهاب وبأسلحة دمار شامل.
ويخرج منذ لك الحين وحتى اليوم، من يشكّك في هذه التصريحات، ويذهب إلى الاعتقاد بأن تلك الحروب سبقت الهجمات، لا بل أوجدتها.
وفي هذا الصدد، تُقدّم نظريات المؤامرة التي تستمر بالانتشار دليلًا على عدم ثقة العديد من الناس في الولايات المتحدة بحكومتهم، ولا سيما وأن حقيقة استعدادهم للاعتقاد بأنها قادرة على تنفيذ مثل تلك الفظائع هي فكرة مقلقة بالفعل.
وكانت أولى نظريات المؤامرة بشأن أحداث 11 سبتمبر قد ظهرت على الإنترنت بعد ساعات فقط من الهجمات. ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، نمت في نطاقها وحجمها.
وفي حين دحضت تقارير مستفيضة صادرة عن لجنة الحادي عشر من سبتمبر والوكالات الحكومية الأميركية ومجموعات الخبراء وجود "مؤامرة خفية"، إلا أن الجماعات الناشطة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى في العالم ترى أن هناك حقائق مخفية.
في ما يأتي نوجز أبرز نظريات المؤامرة التي انتشرت بشأن أحداث 11 سبتمبر.
برجا منهاتن... متفجرات وليس طائرات
ظهرت هذه النظرية في غضون ساعات قليلة فقط من الهجمات على البرجين التوأمين، وكانت من أكثر النظريات شهرة وقد ظهرت بالفعل في غرفة للدردشة على الإنترنت.
وتقول النظرية إن ما حدث هو هدم متحكّم فيه، باستخدام المتفجرات، بسبب الطريقة التي سقط بها البرجان بسرعة وبصورة مثالية.
وبعد أن تلاشى الغبار، رفع المنظّرون المزيد من الأدلة على شكل إفادات شهود، مستشهدين بتقارير عن انفجارات سُمعت قبيل انهيار البرجين وانبعاث الأنقاض بوضوح من المستويات السفلية للمبنيين.
ويشير العديد من المشككين إلى تصوير دخان غامض انبعث من كل طابق من طوابق البرجين أثناء انهيارهما، معتبرين أنه دليل على أن المبنيين قد تمّ تدميرهما من خلال متفجرات وُضعت في أعمدتهما قبل هجمات 11 سبتمبر.
وإزاء هذه النظرية، لم يظهر أي تقرير موثوق به على الإطلاق عن رصد فرق الهدم أي ثقوب في أعمدة البرجين في الأسابيع التي سبقت يوم الهجمات.
في المقابل، ظهر تفسير يدحض نظرية التفجير، ويشرح أن البرجين احتويا على كميات هائلة من الهواء. ومع انحسار كل طابق وانهيار الطابق السفلي، تم ضغط هذا الهواء على الفور، وهو ما بدا سلسلة من الانفجارات الصغيرة، التي حدثت أثناء انهيار المبنيين.
بمعنى آخر، فإن ما كان يحدث بالفعل هو أن الهواء، الممزوج بأطنان من الخرسانة المسحوقة على الفور، تم طرده إلى الخارج مع انهيار كل طابق، مما أعطى انطباعًا بالانفجار.
من ناحيته، ذكر التقرير الرسمي أن البرجين سقطا بسبب الأضرار الهيكلية الشديدة التي سببتها الطائرات وما نتج عنها من حرائق.
لكن هذا التقرير لم يرض المؤمنين بنظريات المؤامرة، حيث جادلوا حينها بأن الحرائق لم تشتعل لفترة كافية (56 دقيقة في حالة البرج الجنوبي) لتبلغ درجة حرارة تكفي للتسبّب بالانهيارات الكارثية.
اقرأ أيضًا من ملف: 11 سبتمبر وما بعده
-
أفغانستان بين موعدين.. حرب بوش على "الإرهاب" مرّت من هنا
-
11 سبتمبر على طريق غزو العراق.. "وصمة العار" التي تلاحق بوش وصقوره
مبنى البنتاغون.. استُهدف بصاروخ مجهول
وفق هذه الرواية، يؤكد المنظّرون أن التسجيلات المصوّرة لم تُظهر الكثير عن حطام الطائرة التي قيل إنها استهدفت مبنى البنتاغون.
ويعتبر هؤلاء أن هذا الأمر يشكل دليلًا على أن المبنى لم يُضرب بطائرة الرحلة 77، ولكن بصاروخ موجّه بالأقمار الاصطناعية يسيطر عليه الجيش الأميركي أو طائرة بدون طيار.
ويجادلون بأن الأضرار الهيكلية التي لحقت بالمبنى كانت طفيفة للغاية، بحيث لا يمكن أن تحدثها طائرة تجارية.
سر سقوط المبنى رقم 7
كان مركز التجارة العالمي رقم 7 عبارة عن ناطحة سحاب تتألف من 47 طبقة انهارت بعد ساعات من سقوط البرجين التوأمين.
وإذ بدا للكثيرين أن المبنى قد تم تدميره عن طريق الهدم المنظم، عدّ المشككون ذلك دليلًا آخر على أن 11 سبتمبر كانت "فعلًا داخليًا".
وفي التقارير الرسمية، جاء أنه مع انهيار البرج الشمالي، تساقطت كميات كبيرة من الحطام في الوجه الجنوبي لمركز التجارة العالمي رقم 7، مما أدى إلى إزالة 25% من المبنى، وأضعف سلامته الهيكلية.
وفي التقارير أيضًا، أن حرائق متعددة اندلعت نتيجة الانهيار. وأدى الضرر الهيكلي الناجم عن انهيار البرج الشمالي، إضافة إلى الفولاذ الذي أضعفته ساعات من الحريق، إلى انهيار المبنى.
لكن ما أثار نظريات المؤامرة يومها، أن عددًا من وسائل الإعلام نشر خبر انهيار المبنى قبل حدوثه، وقد استشهد منظرو المؤامرة بذلك كدليل على أن المنظمات الإعلامية الكبرى كانت جزءًا من المؤامرة الداخلية.
وكانت وكالة "رويترز" قد أبلغت عن طريق الخطأ عن انهيار المبنى، وهو الخبر الذي نشرته عدة وسائل إعلامية حينها على شاشاتها، ومن بينها "بي بي سي" و"سي إن إن"، على الرغم من أن المبنى كان ما زال قائمًا في الصور التي تتوالى على الشاشات.
إسقاط الرحلة رقم 93
نظرية أخرى ظهرت بشأن الرحلة 93 لطائرة "يونايتد إيرلاينز"، حيث أفادت التقارير الرسمية بأن ركابًا حاولوا استعادة الطائرة من الخاطفين، وتسبّب الصراع في تحطم الطائرة في حقل مفتوح في ولاية بنسلفانيا.
غير أن الباحثين عن "الحقيقة" من خلال "نظريات المؤامرة"، يدّعون اكتشاف حطام طائرة صغيرة في الميدان، وأن موقع التحطم نفسه كان صغيرًا جدًا بالنسبة إلى طائرة بحجم طائرة "يونايتد إيرلاينز". وقد اعتبر بعضهم أن الطائرة أسقطها الجيش عمدًا، وبالتالي انتشر حطامها على مساحة أكبر.
ويتساءل بعضهم: "إذا تحطمت طائرة الرحلة 93 على الأرض خارج شانكسفيل، بنسلفانيا، فلماذا شوهد حطام وأشلاء بشرية تطفو في بحيرة إنديان على بعد ستة أميال من موقع التحطم؟".
ورجّح مؤيدو هذه النظرية أن الطائرة قد تحطمت بعد إصابتها بصاروخ.
حروب أميركا والمصالح النفطية
في سياق نظريات المؤامرة أيضًا، شاع اعتقاد بأن قيادة الدفاع الجوي في أميركا الشمالية (نوراد) أمرت طائراتها المقاتلة عمدًا بالتنحي والسماح للطائرات المخطوفة بالوصول إلى أهدافها.
وينطلق مؤيدو هذه النظرية من سؤال افتراضي: كيف يمكن لأميركا التي تمتلك أقوى قوة جوية في العالم أن تفشل في اعتراض أي من الطائرات في ذلك اليوم؟
وهذا التساؤل يمثل بحسب هؤلاء مؤشرًا على مؤامرة حكومية للسماح للهجمات بالمضي قدمًا.
وعن السبب في ذلك، يظنّ منظرو المؤامرة أن الحكومة أرادت استخدام الهجمات لتبرير غزو العراق وأفغانستان لتأمين المصالح النفطية.
اقرأ أيضًا من ملف: 11 سبتمبر وما بعده
-
مركز التجارة العالمي.. ما كان قبل 11 سبتمبر وما قام على أنقاضه
-
يوم سادت عقيدة "قتل العرب".. كيف أثّر 11 سبتمبر على أجهزة الاستخبارات الأميركية؟
تجارة ومداولات في بورصة 11/9
تلحظ إحدى نظريات المؤامرة أنه في الأيام التي سبقت الهجمات، تم وضع كمية "غير عادية" من خيارات البيع على شكل استثمارات تؤتي ثمارها فقط عندما ينخفض سعر سهم كل من شركتي طيران "أمريكان" و"يونايتد".
وعلى الرغم من عدم وجود ما يثبت ذلك، لكن انتشار هذه النظرية مع حقيقة أن الطائرتين اللتين اختطفتا في 11 سبتمبر تتبعان لهاتين الشركتين، ساد الاعتقاد بأن تجار الأسهم تلقوا تحذيرًا مسبقًا من الهجمات وحاولوا الاستفادة من الأحداث.
إسرائيل تحذر اليهود مسبقًا
بُنيت هذه النظرية على أساس أن أي يهودي لم يُقتل في الهجمات. ويؤكد أصحابها أن 4000 موظف يهودي في مركز التجارة العالمي كانوا قد تلقوا في وقت سابق إشعارًا بعدم الحضور إلى العمل.
ورأى المدافعون عن هذه الرواية أن الحكومة الإسرائيلية صعّدت الهجمات لحثّ الولايات المتحدة على مهاجمة أعدائها الإقليميين، كما ألقوا المسؤولية على النخب اليهودية التي تسيطر على الأحداث العالمية في الظل.
ويُذكر في دحض هذه النظرية تأكيد على أن من بين 2071 ضحية في 11 سبتمبر ممن كانوا يعملون في مركز التجارة العالمي، يوجد على الأقل 119 يهوديًا.