الأحد 28 أبريل / أبريل 2024

لبنان.. الإغلاق العام سبب إضافي للاحتجاجات الشعبية

لبنان.. الإغلاق العام سبب إضافي للاحتجاجات الشعبية

Changed

لبنان- احتجاجات ضد الاغلاق العام
تسبّب الإغلاق الأول بانتقال نحو ثلث اللبنانيين الى البطالة بحسب برنامج الأغذية العالمي (غيتي)
يشهد لبنان أسوأ أزماته الاقتصادية التي أدت الى خسارة العملة المحلية أكثر 80% من قيمتها مقابل الدولار، بالتزامن مع تفشي وباء كورونا الذي فاقم الأعباء الاقتصادية.

أعادت تدابير الاغلاق المشدد للجم تفشي وباء كوفيد-19 المئات من المتظاهرين إلى الشارع في شمال لبنان حيث وقعت مواجهات عنيفة مع قوات الأمن.

وتشهد مدينة طرابلس التي تعد من أفقر مدن لبنان احتجاجات ليلاً منذ أيام. تخللتها أعمال شغب ومواجهات مع قوات الأمن، أسفرت عن إصابة أكثر من 400 شخص بجروح من الطرفين ومقتل شاب على الأقل.

الواقع الاقتصادي

ويشهد لبنان منذ العام 2019 أسوأ أزماته الاقتصادية التي أدت إلى خسارة العملة المحلية أكثر 80% من قيمتها مقابل الدولار. وفاقمت معدلات التضخم وتسبّبت في خسارة عشرات الآلاف وظائفهم ومصادر دخلهم. وبات أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر. وارتفع عدد السكان الذين يعانون من فقر مدقع من ثمانية إلى 23%، وفق الأمم المتحدة. وانخفض الناتج الإجمالي المحلي بنسبة 25% في العام 2020، وقفزت الأسعار بنسبة 144%، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي.

وفرضت المصارف قيوداً مشددة على الحسابات، لا سيما بالدولار، منذ خريف العام 2019 تدريجياً. وبات المودعون غير قادرين على سحب ودائعهم بالدولار، لكن يمكنهم الحصول عليها بالليرة وفق سعر الصرف الرسمي المثبت على 1507 ليرات أو وفق سعر تفضيلي، لكن ضمن سقف. ويكاد سعر الصرف في السوق السوداء يلامس عتبة التسعة آلاف.

ويقول الأكاديمي والباحث الاقتصادي جاد شعبان لوكالة فرانس برس: إن القيود المصرفية "أدت إلى انخفاض فعلي في قيمة الودائع بأكثر من خمسين في المئة".

اقتراض خارجي

وأقرت السلطات خطة إنقاذ اقتصادية طموحة في أبريل/نيسان الماضي. وتقدّمت على أساسها بطلب مساعدة من صندوق النقد الدولي. إلا أن الخطة بقيت حبراً على ورق. وعلّق صندوق النقد المفاوضات بعد جولات عدة، في انتظار توحيد المفاوضين اللبنانيين تقديراتهم لحجم الخسائر ووضع إصلاحات ملحة يطالب بها المجتمع الدولي على سكّة التنفيذ.

وغرقت البلاد في دائرة من المراوحة السياسية مع ازدياد تفشي وباء كوفيد-19 الذي فاقم الأعباء الاقتصادية. ثم وقع انفجار المرفأ المروّع في 4 أغسطس/ آب. وتسبب في مقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 بجروح وألحق أضراراً جسيمة بالمرفأ الرئيسي في البلاد وعدد من أحياء العاصمة.

فراغ تنفيذي

واستقالت الحكومة بعد أيام من الانفجار. ولم تبصر الحكومة الجديدة النور بعد، وسط تجاذبات وانقسامات سياسية كبرى، رغم الانهيار الاقتصادي المتمادي وغضب الشارع وضغوط دولية قادتها فرنسا عبر رئيسها إيمانويل ماكرون الذي زار بيروت مرتين، محدداً مع القوى السياسية خارطة طريق لإنقاذ البلاد وتنفيذ إصلاحات عاجلة مقابل حصول لبنان على دعم دولي عاجل.

ودعا المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الطبقة السياسية، الخميس، إلى تشكيل حكومة فعالة بدون مزيد من التأخير. وقال: "لم يعد بإمكان الناس تحمل هذا السقوط الحر إلى الهاوية".

الإغلاق العام

وشهد لبنان حيث يقيم قرابة ستة ملايين شخص، قفزة غير مسبوقة في معدل الإصابات بفيروس كورونا المستجد والوفيات في نهاية العام. ودفع ذلك السلطات إلى تشديد إجراءات الإغلاق العام وفرض حظر تجول على مدار الساعة مع استثناءات قليلة. وقد بدأ تطبيقها منتصف الشهر الحالي وتستمر حتى الثامن من الشهر المقبل. وجاء القرار بعد إغلاق على مراحل شهدته البلاد منذ بدء تفشي الفيروس في فبراير/شباط. 

وتسبّب الإغلاق الأول بين مارس/ آذار ويونيو/ حزيران بانتقال نحو ثلث اللبنانيين إلى البطالة، بحسب برنامج الأغذية العالمي.وأبدت منظمة "سايف ذي تشيلدرن" قلقها "العميق" من أن يؤثر الإغلاق الجاري على العائلات والأطفال الذين يعانون من أوضاع اقتصادية هشّة، ما لم يتم دعمهم بشكل فوري. 

وتقدّم السلطات، وفق وزارة الشؤون الاجتماعية، مساعدات مادية بقيمة 400 ألف ليرة (50 دولاراً) شهرياً لنحو 230 ألف أسرة لبنانية، وهو مبلغ زهيد جداً لا يكفي لتأمين حاجات أساسية، في بلد 25% فقط من مواطنيه لا يحتاجون إلى مساعدة، بحسب وزارة الشؤون الاجتماعية.

ويشكل العمال المياومون قرابة نصف اليد العاملة في لبنان، بحسب وزارة العمل. ولا يستفيد هؤلاء من أي تقديمات اجتماعية أو صحية. ووافق البنك الدولي الشهر الحالي على تقديم مساعدة طارئة للبنان قدرها 246 مليون دولار على شكل تحويلات مالية وخدمات اجتماعية لنحو 786 ألف لبناني يعيشون تحت خط الفقر. ووقع اتفاق على القرض بين الطرفين. 

الأسوأ قادم

ويبدو المستقبل قاتمًا ما لم تتكثّف الجهود لإخراج لبنان من دوامة المراوحة السياسية ووضع إصلاحات اقتصادية بنيوية قيد التنفيذ للحصول على دعم دولي عاجل.

ويشرح شعبان: "إذا استمر المأزق السياسي واستمرت الاشتباكات والحوادث الأمنية، يمكن أن يرتفع سعر الصرف في السوق السوداء إلى عشرة آلاف ليرة أو أكثر مقابل الدولار، ما قد يؤدي إلى ارتفاع جديد في الأسعار".

وتدرس السلطات منذ أشهر رفع الدعم عن استيراد مواد أساسية هي القمح والأدوية والوقود. يأتي ذلك على وقع تضاؤل احتياطي المصرف المركزي بالدولار.

ويوضح شعبان أنّ "رفع الدعم الذي كان متوقعاً أساساً في نهاية 2020 ستكون له آثار تضخمية". ويبقى الحصول على دعم دولي مرهوناً بتنفيذ الإصلاحات وتشكيل حكومة ذات مصداقية، وفق شعبان.

المصادر:
فرانس برس

شارك القصة

تابع القراءة
Close