الأحد 21 أبريل / أبريل 2024

"عجائب" كبادوكيا فوق الأرض وتحتها.. جن وأقزام وبيوت منحوتة في الجبال

سُميت مدينة كبادوكيا بمدينة الجن، فهي تجذب السياح وتكاد تبتلعهم في أقبيتها وتضاريسها الغريبة - غيتي
سُميت مدينة كبادوكيا بمدينة الجن، فهي تجذب السياح وتكاد تبتلعهم في أقبيتها وتضاريسها الغريبة - غيتي
"عجائب" كبادوكيا فوق الأرض وتحتها.. جن وأقزام وبيوت منحوتة في الجبال
"عجائب" كبادوكيا فوق الأرض وتحتها.. جن وأقزام وبيوت منحوتة في الجبال
الخميس 26 يناير 2023

شارك

في كبادوكيا لا حاجة للبحث عن العجائب. فهي ماثلة فوق الأرض وتحتها، تظهر للعيان وتبلغ المسامع، وتستثير الخيال والمشاعر.

يُقال في المدينة التركية، التي تشتهر بصباح تزيّنه المناطيد في السماء، إن المعالم الصخرية البارزة قد شكلها الجن.

ويُعتقد أن يد الإنسان تعجز عن بناء تلك الصوامع الضخمة، فضلًا عن نحت مدينة في الجبال، وما يزيد عن عشر طبقات سكنية تحت الأرض. 

السر في الهندسة بحسب أولئك الذين يعتريهم الذهول، وتزيدهم الأسئلة حيرة ودهشة، فكيف يمكن تشييد هكذا مساكن، والإقامة بعيدًا من ضوء الشمس، وما سرّ الأصوات التي تُسمع والخيالات التي قيل إنها شوهدت؟

تجذب مدينة كبادوكيا التركية السياح وتكاد تبتلعهم في أقبيتها وتضاريسها الغريبة
تجذب مدينة كبادوكيا التركية السياح وتكاد تبتلعهم في أقبيتها وتضاريسها الغريبة

أعجوبة ومعجزة طبيعية

سُميت مدينة كبادوكيا بمدينة الجن، تجذب السياح وتكاد تبتلعهم في أقبيتها وتضاريسها الغريبة.

مداخنها وجبالها التي تحولت "فجواتها" إلى بيوت ومطاعم وفنادق، تعد جارًا غريبًا حتى بالنسبة للسكان المحليين.

ومع ذلك فهم يألفونها ويعدونها فريدة ويطالهم تميّزها. فرابعة ساتلماش تصف المكان بإحدى عجائب الدنيا التي تأتيها كل الأمم، مشيرة إلى أن "العيش داخل أعجوبة يشعرني بأنني أعجوبة أيضًا".

من جهتها، تصف نازلي تاشكين التي تكبر رابعة بعشرات السنوات، البناء القديم الذي تسكنه بالتاريخي والجميل، مؤكدة أن جميع أطراف كبادوكيا معجزة طبيعية. 

أما تونجاي ساتلمش فيذهب إلى القول إن المكان من إنشاء الجنيات، شارحًا أن عائلته أقامت في أحد المنازل السفلية قبل الانتقال إلى بناء حديث.

وبينما يشرح أن المكان دافئ شتاءً وبارد في الصيف بفعل الصخور، يتحدث عن رؤية الأطفال للجنيات عندما كنّ مقيمات في منازلهن.  

يُقال إن المعالم الصخرية البارزة في مدينة كبادوكيا التركية شكلها الجن
يُقال إن المعالم الصخرية البارزة في مدينة كبادوكيا التركية شكلها الجن

عالم خيالي ومعالم جذب

لم تنشأ الشابة الأرجنتينية فلورنسيا في كبادوكيا، غير أنها حضرت في زيارة لا تتجاوز الشهر، حدث خلالها ما يكن متوقعًا.

تحضر فلورنسيا قهوتها من داخل إحدى الحجرات الصخرية وتطل عبر نافذة على المدينة، تستذكر دهشتها الأولى أمام روعة المكان، وكيف خططت لإمضاء بقية حياتها في كبادوكيا. 

وتشرح أن دفقًا من العواطف المختلطة شعرت به عندما رأت الكهف للمرة الأولى، مضيفة: "أشعر أحيانًا أنني في عالم خيالي وساحر، وأنني مسحورة للبقاء هنا". 

فلورنسيا التي تحاول تخيل الأشخاص الذين بنوا هذه الكهوف، تصطدم بصعوبة الأمر، مشددة على أن المكان بني منذ زمن بعيد بطريقة ذكية، فلا يمكن دخوله بسهولة. 

هدير أيضًا تقيم في المدينة، وتلفت إلى ما فيها من عوامل جذب وسحر على غرار الجبال التي يشبه شكلها الفطر، وتلك التي تشبه أشكال حيوانات، فضلًا عن الكهوف والمغاور، والمناطيد التي تطير في الصباح. وتوضح أن السياح يقصدونها لعيش المغامرة والتخييم.

بدوره، يروي سهيل جابر ما سمعه عندما حضر إلى كبادوكيا وبحث عن مسكن للاستقرار فيه. يشير إلى أن قسمًا من البيوت كان مهجورًا وبعض المناطق لم يكن يتردد إليه الناس بكثرة، كاشفًا أن بين السكان المحليين من عزا الأمر إلى كون تلك الأماكن مسكونة بالجن.

يصف جابر كبادوكيا بموطن الأساطير، لافتًا إلى ما يرويه السكان عن الأصوات التي تسمع من داخل المغاور ليلًا. ويكشف أنهم يتحدثون عن مغاور خاصة بأقزام سكنوا المنطقة في زمن مضى. 

وفيما يقول إن بين معارفه أيضًا من أخبروه بأنهم شعروا عند زيارة المكان بشيء غريب يجثم على صدورهم في الليل، من دون وجود ما يفسره منطقيًا، يشرح أن ربط القصص المروية ببعضها يزيد من الغرابة والتشويق ويجعل المنطقة نقطة جذب لهواة المغامرة من حول العالم.

في كبادوكيا تحوّلت "فجوات" المداخن والجبال إلى بيوت ومطاعم وفنادق
في كبادوكيا تحوّلت "فجوات" المداخن والجبال إلى بيوت ومطاعم وفنادق

ملجأ للمضطهدين المسيحيين

لكن، بعيدًا عن كلّ ما سبق، يقدم الأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية عماد مراد شروحًا تبدّد تساؤلات تحيط بمعالم كبادوكيا المثيرة للجدل.

يلفت مراد إلى أن بداية بناء المدينة تعود إلى العهد البرونزي أي نحو 2000 عام قبل الميلاد، مشيرًا إلى أن الصخور تعود من الناحية الجيولوجية إلى ثورات بركانية حدثت قبل ملايين السنين، وأن شكلها النهائي يعود إلى القرن الحادي عشر.

ويشرح أن علماء آثار وأساتذة تاريخ يؤكدون أن الكهوف والصوامع حفرت وتوسعت في العهد المسيحي الأول، وتحديدًا في القرون الثلاثة الأولى للمسيحية.

ويردف: "حينها كانت الامبراطورية الرومانية تضطهد المسيحيين وتسجنهم وتقتلهم بوحشية، فاضطر أهالي الأناضول في كبادوكيا وأنطاليا إلى اللجوء إلى هذه المغاور الطبيعية وتوسعتها والإقامة فيها لسنوات طويلة.

ويمر على المعروف من عادات الناس، من حيث إنهم يحاولون أمام الأشياء الضخمة إيجاد تفسيرات خارجة عن قدرات الإنسان العقلية والجسدية، فيلفت إلى أن الكهوف والصوامع والمغاور عُدت لأنها ضخمة جدًا وغريبة عن يد الإنسان من بناء الجن وكائنات من خارج الكرة الأرضية. 


المزيد من الشهادات عن كبادوكيا ومعالمها، فضلًا عن تجربة الإقامة فيها، في الحلقة المرفقة من برنامج "الجار الغريب".

المصادر:
العربي

شارك

Close