الثلاثاء 30 أبريل / أبريل 2024

عزمي بشارة لـ"التلفزيون العربي": النظام السوري يستعمل الشعب رهينة

عزمي بشارة لـ"التلفزيون العربي": النظام السوري يستعمل الشعب رهينة

Changed

حلقة تفاعلية خاصة مع المفكر العربي د. عزمي بشارة.. سوريا وليبيا واليمن بعد عقد من الثورة
تحدّث المفكّر العربي عزمي بشارة في حلقة تفاعلية خاصة، عبر شاشة "التلفزيون العربي"، عن انعكاسات المتغيرات الإقليمية والدولية على فلسطين ومصر وسوريا وليبيا واليمن.

أطلّ المفكر العربي عزمي بشارة في حلقة تفاعلية خاصة الثلاثاء، عبر شاشة "التلفزيون العربي"، متحدثًا عن انعكاسات المتغيرات الإقليمية والدولية على المنطقة، وأجاب بشارة على أسئلة المتابعين عبر منصات التلفزيون على وسائل التواصل.

وتطرّق مدير "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" مطولًا إلى الشأن السوري، منتقدًا ما أسماها المعارضات السورية.

واعتبر الدكتور بشارة أن الانتخابات الفلسطينية التي ستُجرى لأول مرة منذ 15 سنة لن تسهم في توحيد الفلسطينيين، بل ستزيد الشرخ في ظل الصراع على السلطة.

ووصف د. بشارة فلسطينيي الداخل بالمناضلين الذين دفعوا ثمنًا غاليًا لقاء بقائهم في أرضهم ونيلهم حقوقَهم المدنية. كما تحدث أيضًا عن الانتخابات الإسرائيلية وعن الوضع في كل من مصر وليبيا واليمن.

وأشار بشارة إلى أن غالبية التحوّلات الديمقراطية في العالم لم تأتِ بعد ثورات وإنما نتيجة إصلاحات، وقال: ليس بالضرورة أن تؤدي الثورات إلى نظام ديمقراطي. فالثورات تقود إلى الديمقراطية عندما يكون هناك نخبة مبلورة من غالبية القوى الاجتماعية والسياسية في البلد، تقبل بقواعد اللعبة الديمقراطية؛ لتسوية الخلافات بينها، وتنضوي تحت هذه القواعد، وتسخّر خلافاتها الإيديولوجية لهذه القواعد.

سوريا.. نظام يتهاوى وشبه مجاعة

وفي الشأن السوري قال د. بشارة: إن الوهم غير المعلن لدى المعارضة في البداية بأن تدخلًا خارجيًا سيقع بسبب ذهاب النظام بعيدًا في القمع كان وهمًا قاتلًا. وردًا على سؤال من أحد المتابعين في "فيسبوك"، حول ما إذا كانت روسيا وإيران تستطيعان دعم النظام السوري ماديًا إلى ما لا نهاية، قال بشارة: لا شيء بلا نهاية، حتى عائلة الأسد.

وأشار إلى أن الدعم الروسي والإيراني ليس ماديًا بل عسكري، والوضع الاقتصادي نتيجة للعقوبات سيء جدًا إلى درجة أن هناك نوعًا من المجاعة لأول مرة منذ الحرب العالمية الأولى، وهناك أناسٌ ماتوا من البرد، وهذا في ظل النظام وفي مناطق المعارضة.

وأضاف د. بشارة: ”يعتصرنا الألم لأن العقوبات تضر بالشعب، ورفعها يُعيد الشرعية للنظام؛ هذا نظام أخذ شعبه رهينةً، لكنه سينتهي مع انتهاء قدرته على الصمود“.

وتابع بشارة: "عدد القوى المتورّطة في الحياة السياسية السورية كبير، وليس بينها أي توافق على مستقبل البلد، بينما تم تحييد الشعب السوري. هناك مثلًا نفاق روسي كبير في تسهيل قصف سوريا من قبل إسرائيل، والتنسيق معها عندما تقصف الإيرانيين، وفي الوقت نفسه ينسق الروس مع إيران. ومن جهة ثانية، هناك عداء بين روسيا وتركيا لناحية أن الأولى تدعم النظام والثانية تدعم المعارضة، لكن في مناطق أخرى تتعاون الدولتان".

ورأى د. بشارة أن ”المعارضات السورية بات لها تبعية مع دول أخرى، بينما حُيّدت المعارضة الوطنية المستقلة. وقال: إن هذه القوى المعارضة إما أسيرة للعبة الوقت أو التبعية للدول. وأشار إلى أنه بعد الثورة والتحرّر، بات هناك صعوبة في العمل المؤسسي، كأن بركانًا انفجر من الحساسيات والضغائن والنرجسيات؛ فهناك مناضلون أشداء أمضوا وقتًا في السجون والمنفى وكانوا غير قادرين على العمل سوية، ناهيك عن الفصائل المسلّحة و"لوردات الحرب" الذين وصفهم ”بالمسخرة المستمرة“ التي لن تؤدي إلى شيء، بل تمنع الحلول وإقامة الدول وبناء الديمقراطية.

وختم بشارة حديثه في الشأن السوري قائلًا: إن الضوء الوحيد في آخر النفق هو أن الانسان السوري تحرّر وانفتحت الآفاق للملايين ممن خرجوا من سوريا، وبات هناك شتات سوري آمل أن يصير فاعلًا، وأن يقيم ما يشبه منظّمة أو مؤتمرًا وطنيًا أو مؤسسة قادرة على طرح قضية السوريين.

مصر.. المراجعة ضرورية للمعارضة

أما في الواقع المصري، فقال الدكتور بشارة: ”الثورة كانت مجيدة وملهمة لشعوب العالم، لكن الثورات لا تحكم بل القوى المنظّمة هي التي تحكم، وفي الحالة المصرية استلم الإخوان المسلمون بعد فوزهم في الانتخابات، والمعارضات المصرية الأخرى لم تستطع تقبل ذلك؛ وحصل استغلال للخلافات، ووقع الانقلاب العسكري.

وتابع: مشكلة المعارضة المصرية أنها ما زالت أسيرة هذه المعضلة. في 30 يونيو (2013) خرج محتجون لأسباب يرونها إنقاذًا للثورة وليس من أجل انقلاب عسكري، وكان هناك ثورة مضادة تريد انقلابًا. وكثيرون في مصر ما زالوا لا يميّزون بين الأمرين، وغير قادرين على العمل سويًا. ورأى أن مراجعة تجربة الحكم بعد ثورة يناير مطلوبة، من الأخوان المسلمين ومن أطراف المعارضة، لكي يكون بالإمكان أن يعملوا سوية.

وأكّد بشارة أن النظام المصري بات قويًا ولن يذهب غدًا، ولكي تستطيع "المعارضات" طرح نموذج بديل عن النظام، لا بد من قيامها بمراجعة المرحلة السابقة.

الانتخابات الفلسطينية وعرب الداخل

وردًا حول سؤال يتعلّق بالانتخابات الفلسطينية، قال: إنها جاءت بعد موعدها بكثير، مضيفًا: ”أنا لا أؤمن بانتخابات تحت الاحتلال. حركات التحرر الوطني يجب أن تناضِل للوصول إلى الدولة، وبعدها نتحدث في انتخابات. أما اقتسام سلطة فاقدة للسيادة فهو بالضبط الخديعة الكبرى لأوسلو التي أعطت الشعب الفلسطيني سلطة تتنافس عليها القوى قبل الوصول إلى الدولة؛ لذلك فالطاقة التي تذهب في هذا الاتجاه أكبر من الطاقة التي تذهب في مقاومة الاحتلال".

وتابع: الادعاء أن هذه الانتخابات ستؤدي إلى المصالحة مضحك لأن الشرخ حصل بسبب الانتخابات السابقة. القوى السياسية في فلسطين لا تقبل الخسارة وأن يحكمها طرف مختلف عنها؛ لأنها لا تثق ببعضها بعضًا. لذا فالانتخابات ليست حلًا. يجب أن يكون هناك اتفاق على المشروع السياسي وعلى توحيد المؤسسات الفلسطينية، ينبغي أن يفضلوا وحدة الشعب الفلسطيني على السلطة التي من دون سيادة.

وأشار د. بشارة إلى أن حركة التحرر الفلسطيني لا تشمل الضفة وغزة فقط؛ فهناك فلسطينيون في كل أنحاء العالم، والصراع على السلطة ليس قضيتهم جميعًا. وطالب القوى بإدخالهم في صنع القرار حول قضية فلسطين.

ورأى بشارة أن القضية الفلسطينية لم تعد مركزية في الانتخابات الإسرائيلية، لأنه الآن لا خلاف بين الإسرائيليين على الاستيطان، وأوسلو لم يعد موجودًا عندهم. الصراع الآن على شخص بنيامين نتانياهو وعلى طبيعة القوى التي تحكمـ هل ستكون متحالفة مع المتدينين أم علمانية. وقال: بوجود السلطة الفلسطينية الحالية لم تكن إسرائيل آمنة بهذا الشكل من قبل.

وردًا على سؤال حول عدم المعرفة الكافية بعرب الداخل الفلسطيني، قال بشارة: إن هؤلاء فلسطينيون ناضلوا للبقاء في أرضهم والحصول على حقوقهم المدنية. والمواطنة كانت موضوعًا نضاليًا، ثم تحوّلت إلى موضوع حياة؛ لأن الناس يريدون أن يعيشوا حياتهم. وتابع: كنا نحاول دائما أن نوازن بين المواطنة وبين الوطنية الفلسطينية، والحفاظ على الحقوق المدنية التي تطلبت المشاركة في الكنيست. ومن كان مثلي لوحق إلى درجة المحاكمة ثم النفي، وقال: وصفت بالمتطرف، وهذا أعتبره مديحًا.

وقال: هناك من دخلوا إلى الكنسيت من أحزاب صهيونية، وهناك آخرون دخلوا من خلال حركات وطنية ودافعوا عن شعبهم. والمشكلة الآن أن القائمة المشتركة التي تجمع العرب انشقت بين التحالف مع اليمين أو اليسار الصهيوني.

اليمن.. الانفصال ليس حلًا

وعن الوضع في اليمن، رأى د. بشارة أن الانفصال ليس حلًا وهو "طرح أعوج"، متسائلًا عن كيفية جعله يتوقف في الجنوب، وألّا تطالب محافظات أخرى بالمطالب نفسها.

واعتبر أن الحل يكون بالتفاهم على بنية الدولة اليمنية، حيث تأخذ المحافظات الجنوبية حقّها لأنها ظلمت وعوملت من الشمال كأنها محتلة. والطرح الفدرالي قد يكون الأفضل.

ورأى بشارة أن التوجّه الأميركي لخفض المساعدات يعني عمليًا وقف التسليح الهجومي، وقد يكون ضاغطًا، لكن الحوثيين استغلوه للتصعيد في الهجوم على السعوديين وفي حرب مأرب. ورأى أن الأطراف تعلم أن هناك مفاوضات مقبلة، والجميع يريد توسيع رقعة نفوذه وإنجازاته؛ ليأتي إلى المفاوضات بأوراق أكثر على الطاولة.

ليبيا.. الاتفاق على بنية الدولة أولًا

أما في الموضوع الليبي فرأى بشارة أن اعتماد المحاصصة لا يضمن الحل فيها ما لم يتم الاتفاق على بنية الدولة، مشددًا على أن الحكومة الحالية التي أتت نتيجة توافق لن تنجح إذا لم تحقق المواطنة، مع الحفاظ على حقوق الأقليات والمحافظات.

الجزائر.. إنجازات تحققت ولكن 

وعن الوضع الجزائري أكد د. بشارة أن هناك إنجازات تحقّقت في الجزائر بعد الحراك، وأدت إلى تنحي الرئيس (السابق عبد العزيز بوتفليقة)، وإطلاق محاكمة أفراد من النظام، وإجراء انتخابات رغم مقاطعة فئات شعبية لها.

وأكد بشارة أن التحول إلى نظام ديمقراطي ليبرالي يحتاج نضالًا طويلًا من الإصلاحيين، متابعًا: من الضروري تقديم مطالب وتصورات واضحة يمكن التفاوض بشأنها مع النظام لتحقيق تقدم تدريجي في الجزائر.

المصادر:
"التلفزيون العربي"

شارك القصة

تابع القراءة
Close