الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

عقب الخلاف بين باريس وروما.. هل تشق أزمة المهاجرين وحدة أوروبا؟

عقب الخلاف بين باريس وروما.. هل تشق أزمة المهاجرين وحدة أوروبا؟

Changed

ناقش "للخبر بقية" الخلافات الأوروبية حول ملف الهجرة (الصورة: غيتي)
ما هي دلالات الخلافات الأوروبية بشأن كيفية التعامل مع الهجرة، وما هي أبعاد وانعكاسات مظاهر الرفض للمهاجرين في البلدان الأوروبية؟

يتوافد وزراء الداخلية في الدول الأوروبية إلى قمة استثنائية في بروكسل، لإيجاد آلية توقف "قوارب الموت" المتّجهة عبر البحر المتوسط، ومن الحدود المتاخمة للقارة الباردة، والتي تحمل على متنها الهاربين من الصراعات العسكرية في بلادهم، والاضطهاد، والعنف.

وأكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن عدد المجبرين على الفرار تجاوز عتبة 100 مليون شخص لأول مرة على الإطلاق، وهو ما يُعتبر حدثًا مؤثرًا مدفوعًا بالحرب في أوكرانيا وغيرها من النزاعات الدموية.

ويُفترض أن يناقش الوزراء الاجراءات التي تطالب بها الدول الأوروبية المتوسطية، وفي مقدمها إيطاليا واليونان، والعمل على تجاوز التحديات وتوفير طرق هجرة آمنة، مع إصلاح السياسة المتبعة حاليًا وفقًا لعدد من الوزراء قبيل بدء القمة؛ مع الأخذ بالاعتبار الحاجة غلى معلومات عن طرق الهجرة الإجمالية إلى دول الاتحاد وعدد طالبي اللجوء، في وقت تتزايد المخاوف الأوروبية من ارتفاع هذه الأعداد عن طريق غربي البلقان، إذ تشير أحدث الإحصائيات إلى تضخّم أعدادهم بنسبة 190% مقارنة بالسنوات الماضية.

وفي الوقت الذي يبحث فيه الأوروبيون عن التقارب في مسألة مقلقة للجميع، إلا أن التوترات تبدو حاضرة وبقوة في هذا الاجتماع الحسّاس الذي يُظهر من جديد عمق الخلافات في الجسم الأوروبي، على غرار الخلاف بين باريس وروما بشأن الأزمة الأخيرة عن السفينة "أوشن فايكينغ" والمهاجرين الذين كانوا على متنها، لتُمارس كلتا العاصمتين سياسة الامتناع عن استقبال المهاجرين الموجودين على أراضي الدولتين.

سياسة نكاية لا أكثر تعيد إنعاش الكلام مجددًا عن حقيقة التضامن بين دول الاتحاد بشأن الهجرة، في حين أن كل الحديث عن الإصلاح المرتبط بالهجرة يبقى هباء منثورًا.

غانم: الهجرة "الحلقة الأضعف في السياسة الأوروبية

وأوضحت وردة غانم، كاتبة صحفية مختصّة في شؤون الاتحاد الأوروبي، أن الهجرة تشكّل الحلقة الأضعف في السياسة الأوروبية، حيث لا يزال الأوروبيون عاجزون عن تبنّي أساس واحد صلب ليبنوا عليه سياسة الهجرة.

وقالت غانم، في حديث إلى "العربي"، من بروكسل، إنه أمام كل أزمة أو حادثة مؤسفة، تعود إلى الواجهة أسئلة حول التضامن الأوروبي، وكيفية هذا التضامن، وتقاسم الأعباء، والمرفأ الأقرب لإنقاذ المهاجرين، وقدرة الدولة الأقرب على إيوائهم.

وأشارت إلى أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تمتلك خطة من عشرين نقطة، وترتكز على ثلاث دعائم: تعزيز الإنقاذ والبحث، وتعزيز العمل مع دول المنشأ والعبور، وتعزيز التضامن، لكنّ هذه الدعائم ليست إلا عودة على بدء.

وأوضحت أن فرنسا متمسّكة بعدم استقبال 3500 مهاجر موجودين في إيطاليا، تمّ الاتفاق على استقبالهم بموجب آلية تضامن طوعية، مقابل أن تقوم ايطاليا، وقبرص، ومالطا، واليونان بضبط تحرّك المهاجرين وتسجيلهم. وبما أن ايطاليا رفضت استقبال هؤلاء اللاجئين، سترفض باريس تنفيذ الأمر بدورها، متوقّعة أن يتصاعد التوتر الفرنسي- الايطالي على المدى القصير على الأقل.

وأوضحت غانم أن المنظمات غير الحكومية هي التي تنقذ قوارب المهاجرين في البحر، بخاصّة في البحر المتوسط بين السواحل الليبية والأوروبية، بسبب تنصّل الدول الأوروبية عن القيام بمهامها.

وأشارت إلى أن ما تقوم به إيطاليا هو تقويض عمل هذه المنظمات بتهمة مساندة أو التواطؤ مع المهرّبين، عبر مدونة سلوك لضبط عمل هذه المنظمات، مضيفة أن الخلاف الأوروبي انسحب أيضًا على دور المنظمات الانسانية غير الحكومية؛ ورغم ذلك، لا يبدو أن هناك حلّ لأن الدول الأوروبية غير متحمّسة لإجراء عمليات بحث وإنقاذ في المتوسط.

وأكدت أن أنظمة استقبال اللاجئين في أوروبا أصبحت تحت الضغط، مع ما يرافقه من مخاوف أوروبية من موجة هجرة جديدة من أوكرانيا نتيجة الشتاء والضربات الروسية التي دمّرت البنية التحتية الأوكرانية.

وإذ أقرّت بأن هناك تمييز واضح بين اللاجئين، شدّدت على أن أوروبا بحاجة إلى نظام هجرة ثابت وموحّد لأن مسألة الهجرة طويلة الأمد.

سالم: إيطاليا تتنصّل من مسؤولياتها

من جهته، أشار باسم سالم، محامي ومستشار في قضايا الهجرة، إلى أن فرنسا تريد تطبيق الاتفاق، لكن السؤال هو لماذا تمتنع إيطاليا عن استقبال هؤلاء المهاجرين، في الوقت الذي حصلت فيه على مساعدات في هذا الإطار، وجرى بناء مراكز إيواء للمهاجرين، وحصلت على مبالغ مالية كإعانة ومساعدات لهم.

وقال سالم، في حديث إلى "العربي"، من باريس، إن القانون الدولي يُجبر الدول القريبة من السفن التي تقلّ المهاجرين على استقبالهم ومنحهم حقّ اللجوء السياسي على أراضيها.

واعتبر أن الأزمة الحالية بين فرنسا وإيطاليا هي أزمة سياسية لإرضاء الناخب الايطالي بوصول رئيسة وزراء اليمين المتطرّف جورجيا ميلوني، الذي يرفض استقبال المهاجرين.

وأردف أن هناك اتفاق بين الحكومة الإيطالية وخفر السواحل الليبية، والتي كانت محل انتقاد من قبل العديد من المنظمات الدولية، بعدما تحوّلت مراكز الإيواء إلى عبارة عن معسكرات لاستعباد البشر وبيعهم.

ورأى أن ايطاليا تتنصّل من اتفاقاتها الدولية والانسانية، وأولها اتفاقية جنيف، واتفاقية ما وراء البحار، وهو ما أزعج فرنسا، لأن المهاجرين على "فايكينغ أوشن" لم يكونوا في مياهها الإقليمية.

يوسف: إيطاليا تسعى لتأمين أمنها القومي

  بدوره، شرح محمد يوسف، صحفي، أن إيطاليا رصدت اتصالات بين المهاجرين على "أوشن فايكينغ" وبعض المتّهمين بتنظيمات الهجرة غير الشرعية بمواعيد خارج المياه الإقليمية في دول ليبيا وتونس، وهو ما يعني أن سفينة الإنقاذ تقوم بتنظيم رحلات هجرة غير شرعية، لا بإنقاذ مهاجرين من وسط البحر.

وقال يوسف، في حديث إلى "العربي"، من روما، إن ميلوني تحاول تأمين استقرار بلدها بعدم استقبال مهاجرين لا تعلم من يتوغّل بينهم من متطرّفين أو أصحاب اتجاهات جهادية أو عنصرية.

وأوضح أن ميلوني أكدت في أول تصريح لها على عدم توقيع بلادها على أي اتفاق حول الهجرة، مشيرًا إلى أن إيطاليا تلتزم بالقيم الانسانية في ما يتعلّق بالهجرة لكن بما يتوافق مع الأمن القومي الايطالي، وتضغط على ميزانيتها، وعلى أجهزتها الأمينة، بينما يقف الاتحاد الأوروبي ومعظم دوله موقف المتفرّج مما تقوم به ايطاليا.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close