Skip to main content

عمليات إجلاء "معقدة" وتدخل عسكري.. العالم يترك السودان لمصيره

الإثنين 24 أبريل 2023

تسارعت أمس عمليات إجلاء الرعايا والدبلوماسيين الأجانب من السودان، في وقت تتواصل المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد دقلو "حميدتي" منذ أكثر من أسبوع.

وعمدت عدد من الدول إلى إجلاء رعاياها جوًا بتدخل من قواتها المسلحة، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا والأردن، فيما لم تجد دول أخرى، وبينها دول عربية، سبيلًا أمامها سوى الطريق البحري عبر ميناء بورتسودان على البحر الأحمر.

وأفادت وكالة فرانس برس أن أصوات إطلاق الرصاص ودوي الانفجارات وتحليق الطيران الحربي تتواصل في الخرطوم، وتطغى منذ أمس على ما عداها، ولا سيما دعوات التهدئة المتكررة والتي جاءت أحدثها أمس من البابا فرنسيس.

عمليات إجلاء "شديدة التعقيد"

ومع محاولة الناس الفرار من الفوضى، بدأت بعض الدول في إنزال طائرات وتنظيم قوافل في الخرطوم لإخراج رعاياها، خصوصًا بعد إصابة بعض الأجانب في المعارك، حيث تبادل طرفا القتال الاتهامات بمهاجمة قافلة فرنسية مثلاً، فيما لم تعلق وزارة الخارجية الفرنسية على تلك التقارير.

ووصلت أمس الى جيبوتي طائرتان عسكريتان فرنسيتان تحملان زهاء 200 شخص من الرعايا الفرنسيين، وجنسيات أخرى جرى إجلاؤهم من السودان، وفق ما أفادت الخارجية الفرنسية. وأوضحت مصادر لوكالة فرانس برس أن عمليات الإجلاء "شديدة التعقيد" وقد تمتد ليومين.

وأعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، الأحد، إجلاء جميع مواطنيها الذين طلبوا مغادرة السودان. وكان وزير خارجيتها أنطونيو تاياني قد ذكر في وقت سابق من الأمس، أن الجيش الإيطالي أجلى "نحو 200 شخص بينهم مواطنون سويسريون وأعضاء في السفارة الرسولية".

مشاركة عسكرية في العمليات

وأعلن الجيش الألماني أن طائرة تابعة له توجهت إلى الأردن "تحمل 101 شخصًا تم إجلاؤهم"، مضيفًا أن إجمالي ثلاث طائرات من طراز إيه-400-إم وصلت إلى السودان لغرض الإجلاء. وأفادت وزارة الخارجية المصرية مساء الأحد عن "إجلاء 436 مواطنًا من السودان عبر الإجلاء البري بالتنسيق مع السلطات السودانية" الأحد.

أما إسبانيا فقد أجلت نحو 100 شخص على متن طائرة عسكرية، من بينهم 30 إسبانيًا، حسب ما أفادت وزارة الخارجية ليل الأحد.

وأعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إنجاز لندن "عملية إجلاء سريعة ومعقدة" لدبلوماسييها وعائلاتهم، في حين أعلنت السويد إرسال زهاء 150 عسكريًا لإجلاء دبلوماسيين ورعايا، في حين أكدت النرويج إجلاء سفيرها واثنين من الدبلوماسيين.

"عملية أميركية"

وأتى ذلك بعد ساعات من تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن أن قوات بلاده "نفّذت عملية" لإخراج موظفين حكوميين أميركيين، طالت أكثر من مئة شخص بينهم دبلوماسيون أجانب. واستخدمت هذه القوات مروحيات انتقلت من جيبوتي إلى إثيوبيا فالخرطوم حيث بقيت في المطار لأقل من ساعة.

وقال مسؤولون أميركيون إن القوات الخاصة كانت قد أجلت أقل من 100 شخص يوم السبت في عملية استغرقت ساعة واحدة على الأرض. وقال اللفتنانت جنرال دوجلاس سيمز مدير العمليات في هيئة الأركان المشتركة الأميركية: "لم نتعرض لرصاصة واحدة في الطريق وتمكنا من الدخول والخروج من دون مشكلات".

إلى ذلك، أعلنت كندا أنها علّقت مؤقتًا نشاطها الدبلوماسي، وأن بعثتها تعمل من "مكان آمن خارج البلاد".

وتسببت الاشتباكات منذ 15 أبريل/ نيسان بمقتل أكثر من 420 شخصًا وإصابة 3700 بجروح، ودفعت عشرات الآلاف الى النزوح من مناطق الاشتباكات نحو ولايات أخرى، أو في اتجاه تشاد ومصر.

الإجلاء البري ومخاطره

وفي حين استخدمت أطراف عدة الإجلاء جوًّا، اعتمدت أخرى الخيار البرّي. وأظهرت لقطات مصوّرة حصلت عليها وكالة فرانس برس قافلة سيارات رباعية الدفع عائدة للأمم المتحدة، تغادر الخرطوم نحو مدينة بورتسودان بشرق البلاد. وأفاد مصدر للوكالة نفسها كان ضمن القافلة أن من كانوا فيها يحملون جنسيات دول أوروبية وآسيوية وإفريقية وغيرها.

وتجلت المخاطر في اتهامات وجهها الجيش لقوات الدعم السريع بنهب قافلة قطرية كانت في طريقها إلى بورتسودان. وفي حادثتين منفصلتين، لقي مواطن عراقي حتفه في الاشتباكات وقالت مصر إن أحد دبلوماسييها أُصيب.

وكانت تركيا قد أعلنت أنها ستعيد مواطنيها "برًا عبر المرور بدولة أخرى"، حيث كان الانتقال برًّا الى بورتسودان الطريق الذي اعتمدته السعودية في أول عملية إجلاء معلنة للمدنيين السبت، قبل نقلهم عبر البحر الأحمر الى جدّة. وأوضحت الرياض أنها أخرجت أكثر من 150 شخصًا من رعاياها ورعايا 12 دولة على متن سفن تابعة للبحرية السعودية.

رعب في المنازل

وأثارت عمليات الإجلاء مخاوف على مصير السودانيين العالقين وسط القتال، إذ تسبّبت الغارات الجوية والقصف المدفعي حتى الآن بإغلاق "72% من المستشفيات" في مناطق النزاع، وفق لجنة أطباء السودان، فيما يمكن رؤية آثار الاقتتال في الشوارع. 

وتحدث المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس عن عدة هجمات على منشآت صحية ووصفها بأنها دامية. وكتب على تويتر: "المسعفون والممرضون والأطباء في الخطوط الأمامية غير قادرين في الأغلب على الوصول إلى الجرحى والمصابين الذين لا يستطيعون الوصول إلى المنشآت".

وفي الخرطوم التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، يتملّك الرعب المدنيين داخل منازلهم، في ظل انقطاع شبه تام للكهرباء والمياه، ويجازف عدد منهم بالخروج للحصول على مواد غذائية أو للفرار من المدينة.

وخارج العاصمة، وردت التقارير عن أعمال العنف الأسوأ من دارفور، الإقليم الغربي المتاخم لتشاد، والذي عانى من صراع تصاعد منذ عام 2003 وأدى لمقتل 300 ألف شخص، وتشريد 2.7 مليون شخص.

وقالت قوات الدعم السريع، أمس الأحد، إن ضربات جوية استهدفت قواتها في منطقة كافوري في بحري مما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات. وأفادت رويترز بأن قوات الدعم السريع انتشرت بكثافة في الشوارع وعلى الجسور في أنحاء العاصمة فيما أمكن رؤية قوات الجيش في أجزاء من أم درمان.

ومن الفاتيكان، اعتبر البابا فرنسيس، في عظة قداس الأحد، أن الوضع "يبقى خطرًا في السودان"، مجدّدًا دعوته "لوقف العنف في أسرع وقت ولاستئناف الحوار". وكان طرفا القتال أعلنا الجمعة وقفًا لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام لمناسبة عيد الفطر، ثم تبادلا الاتهامات بخرقه.

المصادر:
العربي - وكالات
شارك القصة