الثلاثاء 7 مايو / مايو 2024

قوة عظمى وسلالة حاكمة نادرة.. الدولة العثمانية بين "الخلافة والاستعمار"

قوة عظمى وسلالة حاكمة نادرة.. الدولة العثمانية بين "الخلافة والاستعمار"

Changed

يرى المؤرخ وجيه كوثراني أنّ الحكم العثماني لم يكن خلافة، ولا احتلالًا أو استعمارًا، وإنما يدخل ضمن مفهوم إمارة الاستيلاء، أو ما يسمّيه الفقهاء بحكم المتغلّب.

شكّل العثمانيون قوة عظمى في زمانهم وسلالة حاكمة نادرة في بقائهم. فقد امتدّت حدود دولتهم من مصر وشمال أفريقيا إلى الشرق الأوسط واليونان والبلقان وحتى بوابات فيينا.

ولا يزال التاريخ العثماني حتى اليوم يثير اهتمامات العلماء والمؤرّخين، في محاولة منهم لدرس أبعاد هذا التاريخ الممتدّ، وسط جدالات ونقاشات وصراعات أيضًا لا تنتهي.

وتُطَرح تساؤلات بالجملة في هذا السياق حول التاريخ العثماني، كيف نقرأه ونكتبه، وكيف نفهمه، وكيف نميز فيه بين الديني والسياسي، التاريخي والأسطوري، العلمي والشعبوي، وكيف نصل عبر ذلك كله إلى حقيقة واقعنا، وكيف نعبر فوق ذلك كلّه إلى المستقبل كما نريده ونتمنّاه.

الدولة العثمانية في التاريخ

تأسّست الدولة على يد عثمان غازي الذي ولد في عام 1258، وقاد إمارة عثمانية صغيرة في المنطقة الحدودية مع الإمبراطورية البيزنطية وشكّل جيشًا من المحاربين الحدوديين وهاجم الإمبراطورية البيزنطية في آسيا الصغرى.

توسعت الدولة في عهد ولده أورخان وشهدت بداية تأسيس جيش قوي عرف بالانكشارية. جاءت الجيوش العربية في العام 1453 وفُتِحت القسطنطينية على يد محمد الفاتح، ومن سلالته جاء السلطان سليم الأول الذي سيطر على المشرق الإسلامي بعد قضائه على دولة المماليك في مصر، وجاء من بعده ولده سليمان القانوني الذي شهدت معه الدولة العثمانية أزهى عصورها واستمرّ حكمه لستة وأربعين عامًا.

"بداية النهاية" للعثمانيين

بعد وفاة القانوني، تدهورت الأحوال. وفي عام 1683، حاول العثمانيون غزو فيينا للمرة الثانية لكنهم انهزموا وكانت بداية النهاية.

توالت هزائم الجيش العثماني طوال القرنين 18 و19، وانفصلت كثير من الأراضي التابعة لهم، وأعلن محمد علي باشا استقلال مصر منتصف القرن 19، ووصلت جيوش محمد علي إلى حدود أنقرة وكادت أن تعصف بالدولة العثمانية لولا تحالف الدول الكبرى ضد الطموح العلوي.

وفي أواخر القرن 19 تبنّت الإمبراطورية العثمانية نظامًا ملكيًا دستوريًا وبرلمانًا منتخبًا، وقاد هذا التطور جيلًا جديدًا من الشباب العثمانيين الذين درسوا في أوروبا. إلا أن التجربة انتهت عام 1878 على يد السلطان عبد الحميد الثاني الذي أعاد الحكم السلطاني وحكم لمدّة 30 عامًا.

سقوط الخلافة العثمانية

ظهرت جمعية الاتحاد والترقي، التي عرفت باسم "الأتراك الشباب" وانحازت إلى استعادة الحياة الدستورية وأطاحت بحكم السلطان عبد الحميد الثاني في العام 1908، ودعت إلى الحرية والمساواة والإخاء العثماني، لكنها فشلت نتيجة الخلافات والصراعات بين الفصائل.

اشتعلت حرب البلقان الأولى عام 1912 وفقد العثمانيون ما تبقى من أراضيهم الأوروبية في ألبانيا ومقدونيا، وانهزمت الدولة العثمانية مع حليفتها ألمانيا في الحرب العالمية الأولى ما أدّى إلى انفصال مزيد من القوميات والإثنيات عن الدولة، وتعرض العاصمة إسطنبول إلى محاولات لاحتلالها

نجح مصطفى كمال أتاتورك في الحفاظ على العاصمة وقيادة حرب الاستقلال ضد الغزو اليوناني. وقد وصل أتاتورك إلى الحكم في العام 1922 وبعد عامين أعلن سقوط الخلافة العثمانية وتأسيس الجمهورية التركية العلمانية ونهاية دولة العثمانيين وزمانهم.

الحكم العثماني "لم يكن خلافة"

ويرى المؤرخ العربي وجيه كوثراني أنّ الحكم العثماني لم يكن خلافة، ولم يكن احتلالًا أو استعمارًا، وإنما يدخل ضمن مفهوم إمارة الاستيلاء، أو ما يسمّيه الفقهاء بحكم المتغلّب.

ويشير كوثراني، في حديث إلى "العربي"، إلى أن الخلافة أصبحت رمزًا دينيًا دينيا يُستقوى به من أجل الحكم كنوع من الأيديولوجيا بالمعنى المعاصر، لافتًا إلى أنّ كل الدول التي نشأت في التاريخ الإسلامي نشأت على قاعدة عصبية مستقوية بدعوة دينية.

ويشدّد كوثراني على أنّ استمرار الحكم العثماني لستّة قرون كان نتيجة توسعه واعتناق شعوب المناطق التي تم فتحها للدين الإسلامي.

ويلفت إلى أنّ الدولة العثمانية وصلت إلى ذروتها في القرن16، وبدأ تراجعها بداية من القرن 17 نتيجة التطور العلمي والفكري في أوروبا، حين ضعفت السلطة المركزية للدولة العثمانية فاحتمت بسلطة دينية لم تواكب العصر.

"تتريك" الحكم العثماني

ويرى المؤرخ العربي أنّ الصراع العثماني الصفوي أدى إلى إضعاف الدولة العثمانية وإضعاف العالم الإسلامي.

ويوضح أنّه "في بدايات الدولة العثمانية ساهمت المؤسسة الدينية في تركيز معالم الدولة، لكن، بعد ذلك، أصبحت المؤسسة الدينية عائقا أمام الإصلاح".

ويلفت إلى أنّ "المؤسسة العسكرية بعد القرن 17 أصبحت جزءًا من المشكل وتدخلت في مؤسسات الدولة ما أدى الى إضعافها".

ويخلص إلى أنّ النزعة القومية العربية جاءت متأخرة وكانت ردة فعل على النزعة القومية التركية التي سعت إلى "تتريك" الحكم العثماني.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close