ارتفعت أسعار السكر إلى أعلى مستوى لها منذ 11 عامًا، تارة بفعل الفيضانات، وأخرى نتيجة تزايد الاعتماد عليه باعتباره وقودًا حيويًا، أما الآن فإن أسعاره تشهد قفزات متتالية لسببين منفصلين، أولهما التطورات العسكرية الراهنة في السودان، وثانيهما سيادة موجة الجفاف في الهند.
وتُعتبر دول حوض النيل منتجًا مهمًا لهذه المادة الأساسية بفضل وفرة موارد المياه اللازمة له. لذا لعب النزاع في السودان، الذي بدأ منتصف أبريل/ نيسان، دورًا في تأرجح أسعار السكر وارتفاعها بنسبة 10%، لتبلغ مكاسبه طيلة الشهر الماضي 27%، وهو الأمر الذي عزته الأسواق أيضًا إلى تضرر الإمدادات الهندية، بفعل موجة الجفاف التي ضربت مساحات شاسعة في بعض ولايات البلاد.
وتضرر ثاني أكبر منتج في العالم بعد البرازيل بشدة من شح الأمطار التي هطلت في ولاية ماهارشترا، لتنخفض تقديرات إمدادات الهند من السكر لهذا الموسم بواقع 9% وصولًا إلى أقل من 33 مليون طن.
فالسودان ليس بين أكبر عشرين منتجًا عالميًا للسكر، كما هو حال جارته مصر التي تحل في المرتبة الـ15، لكن الواقع الأمني المتأزم في الخرطوم، دفع الأسواق إلى التحسب لما قد يحمله المستقبل من مخاطر قد تهدد الإمدادات الإقليمية لهذا المنتج الأساسي في صناعة المشروبات والحلويات.
ومع إطلالة العام الحالي، حام سعر رطل السكر حول 19 سنتًا، واليوم يرتقي فوق هذه القيمة بنحو 40%، ليضيف بذلك عبئًا جديدًا إلى قائمة الأعباء الموجودة على كاهل المستهلك، وتزيد من صعوبة تغطيته حتى ثمن كأس شاي أو فنجان قهوة محلاة.
كيف ساهمت أزمة السودان في ارتفاع أسعار السكر؟
وفي هذا الإطار، يشرح أستاذ الاقتصاد الدولي كريم العمدة أن أي صراع مسلح في أي منطقة في العالم قد يكون له تأثيرات على أسعار المواد الخام الأساسية، خاصة أن الدول الإفريقية تُعرف بأنها من أكبر مورديها في العالم.
وفيما يشير إلى أن الأرقام تدل على انخفاض إنتاج السكر في السودان قبل الأزمة الحالية، على الرغم من أن لديها مصنع "الكنانة" الذي يعد من الأكبر في إفريقيا، يلفت العمدة إلى أن السودان أصبح دولة مستوردة للسكر في ظل انخفاض كميات الإنتاج.
وفي حديث لـ"العربي" من العاصمة المصرية القاهرة، يضيف العمدة أن الصمغ العربي المُنتج في السودان قد يؤثر أيضًا على بعض أسعار المواد الغذائية، موضحًا أن الخرطوم ومنذ الخمسينيات هي أكبر مصدر لهذه المادة على مستوى العالم.
ويردف أن الصمغ العربي يستخدم في صناعة الحلويات والمشروبات الغازية، كما أنه مكمل غذائي، مشيرًا إلى أن واشنطن رغم فرضها العقوبات على السودان إلا أنها استثنت الصمغ العربي.
وفيما يشير إلى أن السودان يقع وسط مجموعة من الدول الإفريقية التي تعاني من أزمة مجاعة محتملة، ينبه من أن الصراع الدائر فيه قد يعجل من أزمة المجاعة.
ويخلص إلى أن الحروب والأزمات والمشاكل الداخلية في السودان أدت إلى تقلص حجم اقتصاده بشكل كبير جدًا، مما يفاقم من الأزمة الاقتصادية في البلاد.